شعبان الحبوني.. أقدم صقاري مصر يبحث عن تخليد هوايته
بذهن شارد يسترجع الصقار المصري فترة انقطاعه عن الهواية، ليقرر بعدها تكريس وقته للصقارة بترويض صقر واستخدامه في الصيد
بعد مُضي نحو 63 عاما على اللقاء الأول بينهما، لا يزال أقدم صقاري مصر يحتفظ بعشقه للصقور وترويضها. ومع الوقت تحولت هذه الهواية إلى رسالة لدى "شعبان الحبوني" الذي ألزم نفسه بالدفاع عن الصقارة في مصر والعالم العربي وتوريثها للأجيال المقبلة.
" العين الإخبارية" التقت "الحبوني" للتعرف على قصته مع الصقور وهدفه في الحفاظ على هواية الصقارة.
صقر أبيض
بمحض الصدفة التقى الحبوني أول صقر في حياته وهو في الـ10 من عمره. بابتسامة واسعة يتحدث الحبوني عن ذكرياته الأولى مع الصقارة قائلا: "كنت مع والدي في ليبيا حيث كان يعمل واعظا بأحد المساجد، وفجأة دخل أحد الأشخاص حاملا صقرا أبيض كبيرا على يده، هنا كانت اللحظة التي انجذبت فيها للصقر والهواية وقررت تعلمها".
لم يفوت الطفل الصغير الفرصة، وبدأ التحدث مع صاحب الصقر وقتا طويلا لينتهي من هذا اللقاء بمعلومات كثيرة عن الصقور، مقررا أن يبدأ رحلته مع هذه الهواية والتدريب على الصيد باستخدام الصقور.
كثرة الترحال من بلد إلى آخر، فضلا عن الدراسة لم تسمح له بالتفرغ للهواية التي أحبها طيلة عمره. ومن مرسى مطروح شمال غربي مصر إلى ليبيا كانت رحلة الحبوني المعتادة، وفي عام 1964 تمكن من ممارسة الصيد بالصقور لأول مرة في حياته بمدينة بنغازي شرق ليبيا.
على الرغم من تخرجه في الجامعة الليبية عام 1968، فإن إصرار أسرته على استكمال دراسته أجبره على الانقطاع فترة عن الصقارة، ومن بعدها عمل في السلك الدبلوماسي، ما تطلب السفر بالخارج وصعبت عليه ممارسة الهواية.
بذهن شارد يسترجع الصقار المصري فترة انقطاعه عن الهواية، وفي الوقت نفسه لم يستطع الانقطاع عن الاطلاع على عالم الصقور، ليقرر من بعدها تكريس وقته للصقارة بترويض صقر واستخدامه في الصيد، مؤكدا أن الصقور ليست للبيع بل تهدى للأصدقاء أو يطلق سراحها.
موسوعة الصقارة
الحنين الدائم الذي شعر به الحبوني نحو الصقارة وحياة الصحراء، دفعه لتسجيل كل ما رآه وتعلمه عن الهواية في كتاب باسم "الصيد بالصقور في ليبيا والخليج العربي" عام 1992.
عشقه للصقارة له أصل نظرا لامتهان أجداده الصيد باستخدام الصقور، ومن هنا قرر الحبوني أن يحافظ على تاريخ الصقارة بطريقته، يقول: "حين رحل أجدادي الذين كرسوا حياتهم للهواية، قررت الكتابة عنهم تخليدا لذكراهم وعن تاريخ الصقارة وتعريف الأجيال على دورهم في الحفاظ على البيئة".
"موهبة كامنة بداخل كل إنسان لا تظهر إلا وقت الحاجة"، عبارة وصف بها أقدم صقاري مصر علاقة الصيد بالصقور والإنسان، مؤكدا أن الصقار يجب أن يتحلى بالإرادة والرغبة في التعلم ويخلق علاقة محبة مع الطائر.
وفي 9 فصول تناول الحبوني في كتابه، تاريخ رياضة الصيد بالصقور في العالم العربي، وطرق الحصول على الصقور وأنواعها، والمعدات اللازمة للصيد وطرق الترويض وطبيعة مواسم ورحلات الصيد، إضافة للحديث عن الأمراض الوارد تعرض الصقور لها وطرق علاجها.
الصقور لماذا؟
"علمتني الصبر" عبارة لخص بها 6 عقود من الزمن مارس خلالها الحبوني هواية الصيد مستخدما الصقور. فالصقار البالغ من العمر 73 عاما، اعتنى طوال حياته بنحو 3 صقور، يقول: "الصقر صغير السن سهل تدريبه، ويصبح خلال 10 أيام جاهزا للتحليق والانقضاض على الفريسة".
ويسعى الحبوني إلى توعية الناس بالحفاظ على البيئة، وشرح مفاهيم الصيد السليم التي تلزم الإنسان بالقناعة في الصيد وعدم الإسراف فيه.
ريادة إماراتية
تبحر الحبوني في الصيد وصل إلى قراءة تاريخ كل دولة في رياضة الصقارة، وبكل حماس تحدث قائلا: "الصقارة هواية النبلاء والملوك، على رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، رحمه الله، الذي اهتم بالتراث وممارسة هواية الصيد، لذا تعد الإمارات رائدة في هذا المجال"، متمنيا أن تسير مصر على نهج الإمارات في تهيئة البيئة والحفاظ على الطيور النادرة من الانقراض.
هواية ممتدة
"الصقارة حياتي" عبارة يرددها الحبوني دائما بينه وبين نفسه، رافضا الاستغناء عن الصقارة حتى إذا لم يمتلك طائرا، يقول: "هواية جميلة يجب أن تستمر بتعليم الحرفة لجميع الهواة، وتوريثها لكل الأجيال".
وبنبرة مليئة بالفخر يشير الصقار المصري إلى تعلم ابنته مريم ترويض الصقور، استعدادا لاستخدامها في رياضة الصيد، مختتما حديثه بتأكيد توريث الهواية لجميع أبنائه وأحفاده.