لماذا جاءت مصر أولى محطات جولة محمد بن سلمان؟.. خبراء سعوديون يجيبون
اعتبر خبراء أن اختيار مصر وجهة أولى في جولة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي، لم يكن محض صدفة، مؤكدين أنه "ترتيب حمل دلالات استراتيجية وسياسية بالغة الأهمية".
وجاءت القاهرة أولى محطات جولة ولي العهد السعودي الإقليمية، قبيل توجهه إلى الأردن، ثم إلى تركيا.
الزيارة الرابعة في سجل الزيارات التاريخية التي قام بها ولي العهد السعودي لمصر منذ توليه منصبه حملت رسائل ترتبط بالتوقيت، والدلالات، والترتيب.
وأجمع خبراء سعوديون، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، على أن زيارة الأمير محمد بن سلمان لمصر، في مطلع جولته، جاءت من منطلق توحد الرؤى بين القيادتين السعودية والمصرية.
وأكدوا أن "هذا التوافق المشترك كفيل بأن يفتح الطريق لانطلاقة مشروع تفاهم وتقارب ونهضة وسلام لدول المنطقة".
وأمس الإثنين، استقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمطار القاهرة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي عهد السعودية، في زيارة تستغرق يومين.
التوقيت والأهمية
خليل بن عبدالله الخليل، أكاديمي ومحلل سياسي قال لـ"العين الإخبارية" إن جولة ولي العهد السعودي لثلاث دول محورية بالمنطقة - مصر والأردن وتركيا - تجسد حرص القيادة السعودية على ترسيخ مشاعر الأخوة العربية والإسلامية، وتقريب وجهات النظر لما فيه أمن واستقرار وتنمية دول المنطقة.
وراسما أهم المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة، أوضح الخليل أن دول المنطقة تعاني منذ عدد من السنوات من عدم الاستقرار ووجود ما يهدد الدولة الوطنية نتيجة تصاعد جماعات التطرف والإرهاب، وبروز المليشيات المذهبية المتطرفة الممولة من إيران، وانعكاسات جائحة كورونا، بالإضافة إلى تزايد بعض التوترات جراء الحرب الروسية الأوكرانية، مما أوجب اتخاذ خطوات جادة لمواجهة تلك العوامل التي أصبحت تهدد جميع دول المنطقة وتعيق مشاريع التنمية والتعايش السلمي في داخل الدول ومع دول العالم.
وأضاف أن جولة ولي العهد السعودي تأتي في وقت يعيش فيه العالم على مفترق طرق، لذا تبذل قيادات دول المنطقة المحورية قصارى جهودها للحفاظ على استقلاليتها ومصالحها وإنجازاتها وهويتها واستقرارها.
مصر قلب الجولة
ومفسرا سبب اختيار مصر كوجهة أولى لجولة ولي العهد السعودي، يقول خليل الخليل، وهو عضو أسبق بمجلس الشورى السعودي لـ"العين الإخبارية": كانت مصر الوجهة الأولى للجولة، لما لمصر من تاريخ ومكانة ولما يربطها بالمملكة العربية السعودية من علاقات أخوية تاريخية، ولتوحد الرؤى ولاعتبار أن ما يتم التوافق عليه بين القيادتين السعودية والمصرية، كفيل بأن يفتح الطريق للانطلاقة لمشروع تفاهم وتقارب ونهضة وسلام لدول منطقة عند عرضه على قيادتي المملكة الأردنية الهاشمية وتركيا وتبنيه.
واستطرد: "جولة الأمير محمد بن سلمان لـ ٣ دول محورية سياسياً وعسكريا وأمنيا واقتصاديا بالمنطقة تمثل خطوةً مباركةً لانطلاقةٍ تاريخية لصناعة محور متماسك لأمن واستقرار وتنمية المنطقة".
علاقات استثنائية
خالد زعتر، الكاتب السعودي، تحدث لـ"العين الإخبارية" عن طبيعة العلاقات السعودية المصرية، واصفا إياها بالاستثنائية حيث استطاعت هذه العلاقة أن تحافظ على ديمومتها وتشكل نموذجا يحتذى في مثالية العلاقات المستندة على روابط راسخة وعميقة تضرب جذورها في أعماق التاريخ.
وأضاف زعتر: "رغم المتغيرات التي عايشتها المنطقة وأهمها مرحلة ما يسمى بالربيع العربي إلا أن القيادات العربية نجحت في الحفاظ على مستوى العلاقة القوية والاستراتيجية، وتزداد متانة وصلابة عامًا بعد عام".
ومتفقا مع الخليل، يرى المحلل السياسي السعودي أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة تؤكد المكانة التي تحظى بها مصر لدى المملكة، كما أن هذه الزيارة تعد لبنة جديدة تضاف إلى مسيرة تعميق وتوطيد علاقات التعاون المشترك بين البلدين.
وأوضح زعتر أن "أواصر التعاون بين البلدين في مرحلة متصاعدة من النمو الذي لا يقتصر على العلاقات الثنائية بل يتخطاها للحفاظ على الأمن القومي العربي ولعل وجود مصر في كيان البحر الأحمر الذي أسسته السعودية يعكس تطابق الأهداف بين السعودية ومصر".
هذا التطابق يتخطى حدود العلاقات الثنائية إلى أهمية تعزيز الأمن والاستثمار والتنمية لدول حوض البحر الأحمر، وحماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية.
ملفات ملتهبة
وشدد الكاتب السعودي، خالد زعتر، على أن التقارب السياسي بين السعودية ومصر كان له تأثير كبير على ملفات المنطقة حيث سعى البلدان إلى تبني رؤية سياسية متقاربة فيما يخص الحفاظ على الأمن القومي العربي ومواجهة المشاريع الفوضوية، ولعل الأمثلة على ذلك كثيرة بدءا من اليمن مروراً بليبيا وصولاً إلى مواجهة المشروع الإيراني.
ولم يغفل الخبراء السعوديون مكانة التعاون الاقتصادي في العلاقات السعودية المصرية حيث يعيش البلدان مرحلة من التحول الاقتصادي.
ومتبنيا حجم تطابق الأهداف بين البلدين، استدل زعتر على الرؤية السعودية ٢٠٣٠ والرؤية المصرية ٢٠٣٠ لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وهو ما خلق مجالات أوسع للتعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي والارتقاء لمستوى الشراكة الاستراتيجية وذلك من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي المصري، وإبرام حكومتي البلدين نحو 70 اتفاقية وبروتوكول ومذكرة تفاهم بين مؤسساتها الحكومية.
وتابع: "فضلا عن إعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي ضخ استثمارات تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار ، وذلك بالتعاون مع صندوق مصر السيادي بهدف تعزيز التبادل التجاري بين البلدين والإسهام في توسيع أنشطتهما واستثماراتهما في الدول الأخرى على المستوى الإقليمي والدولي".