تصريحات وزير خارجية مصر.. رسائل ردع وطمأنة
رسائل سياسية "مزدوجة" حملتها تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس الجمعة، وجهها للداخل والخارج معا، بحسب مراقبين.
ووفق خبيرين مختصين في العلاقات الدولية تلخصت الرسائل المصرية في "قطع الطريق على المتربصين وطمأنة للمصريين، والتأكيد على ثوابت السياسة الخارجية للبلاد والاستعداد للتعاون العالمي مع كافة الأطراف".
وفي تصريحاته، تطرق وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى 5 ملفات رئيسية، أوضح خلالها ثوابت الدولة المصرية في السياسة الخارجية، وتصدرها العلاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وخيارات مصر في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، والموقف المصري من الوضع في ليبيا ورفض التدخل التركي، وكذلك القضية الفلسطينية، وأخيرا ما يبثه الإعلام القطري.
رسائل مزدوجة
الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، اعتبر أن تصريحات وزير الخارجية المصري حملت رسائل مزدوجة، وهما: "تحديد ركائز العمل الدبلوماسي المصري في العديد من الملفات التي تثير القلق في الداخل وبالتالي طمأنة المصريين، وفي نفس الوقت سد المنافذ للمتصيدين والمتربصين الذين يرغبون في إثارة التوتر في هذه الملفات".
وقال سلامة لـ"العين الإخبارية"؛ إن "القاهرة أرادت توضيح مسارها الدبلوماسي، حيث استطاعت تحقيق التوازن في علاقاتها مع دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة، كما أن مصر نجحت في أن تثبت للعالم أنها دولة مفتاحية في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي أي قضية عربية أو أفريقية أو شرق أوسطية لا بد أن تمر عبرها".
وأضاف: "فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأمريكية، فإن تصريحات وزير الخارجية المصري واضحة في هذا الشأن، وهي أن مساحات الاتفاق أكثر من مساحات الاختلاف لأن كل القضايا أصبحت عالمية وتؤثر على الكل بما فيها الأمن الأمريكي".
واستدل الخبير السياسي على ذلك بدور مصر في أمن الطاقة، ومنطقة غاز شرق المتوسط قائلا: "بالتأكيد هذا الملف سيؤثر على أمن الطاقة العالمي، وبالتالي لا بد من التعاون مع مصر بهذا الشأن وغيره من الملفات".
وتطرق سلامة لتصريحات المسؤول المصري بشأن ملف سد النهضة والموقف المصري في ليبيا، بقوله إن "سياسة القاهرة واضحة في كل هذه الملفات، ففي سد النهضة مصر تنتهج النهج الدبلوماسي وتتبنى مبدأ التنمية للكل دون التخلي عن الحق التاريخي في مياه النيل، أما ليبيا فالموقف المصري واضح أيضا وهو تأمين الأمن القومي المصري، وأن استعادة الدولة الوطنية الهدف الأسمى وضرورة أن يكون الحل في ليبيا ليبي-ليبي مع رفض أي تدخل أجنبي".
وتابع: "هذه رسائل من شأنها سد فجوات التربص وطمأنة للمصريين، والتأكيد على أن ثوابت السياسة المصرية لم تتغير وتتضمن مراعاة حقوق الآخرين ومصالحهم، مع الاستعداد على التعاون العالمي مع وجود حقائق لا يمكن تجاوزها".
نقطة ارتكاز
أيمن سمير، الخبير في الشؤون الدولية ورئيس مجلة السياسة المصرية، اتفق مع سلامة في الرسائل المزدوجة لتصريحات وزير الخارجية المصري، معتبرا العلاقات المصرية الأمريكية نقطة ارتكاز للعديد من الملفات الإقليمية والثنائية المشتركة.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قال سمير إن "تصريحات وزير الخارجية المصري حملت رسائل طمأنة وثقة حول إدارة مصر لملفات عدة، أبرزها للعلاقات في عهد الإدارة الجديدة"، مشيرا إلى أن "التصريحات عكست الثقة بقدرة الدولة المصرية على إدارة مستقبل العلاقة مع الإدارة الأمريكية، سواء في حالة الانفتاح أو الخلاف".
لكن الخبير السياسي عاد وأكد أن "تعاطي الإدارة الأمريكية مع القضايا المختلفة سيكون إيجابيا ولصالح مصر، حيث هناك مساحة استراتيجية مشتركة من التعاون المصري الأمريكي ثابتة لن تتأثر سواء بوجود بايدن أو غيره، وبالتالي فإن الحوار سيبقى مستمرا في كل الأحوال خاصة مع وجود علاقات قوية بين المؤسسات الأمريكية والمصرية في مقدمتها الجيشان".
وأضاف: "مصر تستطيع أن تضبط مساحات الاختلاف والاتفاق مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهذا ما يحفظ قدرا من الثبات والمصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن، فضلا عن أنه دائما ما كانت النقاط الخلافية بين الطرفين قابلة للنقاش وللتحقق، سواء أن تخطو القاهرة خطوة للأمام أو أن تخطو واشنطن خطوة للخلف".
وشدد سمير على أن ما يجمع مصر وواشنطن من مصالح لا يمكن لأي طرف منهما أن يضحي بها من أجل قضايا أخرى غير استراتيجية.
ودلل على حديثه، بتناول وزير الخارجية المصري أمس ملفات عدة، انطلاقا من العلاقات المصرية الأمريكية، قائلا: النشاط المصري في ليبيا يتم بالتنسيق والتعاون الكامل مع واشنطن، الموقف المصري من القضية الفلسطينية متفق مع رؤية إدارة بادين حول حل الدولتين، كذلك هناك الدعم الأمريكي الفني قبل أن يكون سياسيا في ملف سد النهضة.
وتابع: "هذا يعني أن التوافق والحوار مستمر استنادا إلى ما تمثله القاهرة من قوة استقرار في الشرق الأوسط".
ترقب واستكشاف
وأمس، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن "العلاقات المصرية الأمريكية ممتدة على مدى 4 عقود كعلاقات وثيقة واستراتيجية، يتخللها كثير من مجالات التعاون والمكاسب المشتركة"، لافتا إلى "مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى لديها من الإمكانيات سواء السياسية أو الاقتصادية ما يجعل أهمية للتعامل معها واستخلاص المصالح المشتركة".
وأضاف الوزير المصري خلال مداخلة تلفزيونية مع برنامج "الحكاية" على قناة "ام بي سي مصر" إن "القاهرة لديها اتصال دائم مع الإدارة الأمريكية سواء من خلال البعثتين الدبلوماسيتين في القاهرة وواشنطن أو من خلال الاتصال على مستوى كبار المسؤولين"، مشيرا إلى أن هذه الاتصالات تستمر سواء مع إدارة جمهورية أو ديمقراطية.
واستطرد: "هذا التعاقب على مدى الـ40 عاما الماضية جعلتنا نتعامل مع إدارات مختلفة لها رؤى مختلفة، كان دائما لنا معها حوار معمق ومواضع اتفاق ومواضع اختلاف، والتي لا تعني أن هناك أي نوع من التباعد، وإنما رؤى مختلفة ونصل إلى نقطة نتوافق فيما بيننا وكثير من الأحيان تكون وجهة النظر المصرية صائبة وتكون وجهة النظر الأمريكية صائبة، ونقيم الأمر وفق الأحداث والنتائج"
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك اتصالات تمت مع الإدارة الأمريكية الجديدة، قال "شكري" إن "الاتصالات على مستوى السفارة المصرية في واشنطن قائمة كما يتم التواصل مع المسؤولين سواء في الخارجية أو في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض"، موضحا أن هذه الاتصالات تأتي في إطار طرح الاهتمام بالعلاقة على المستوى الثنائي ووضع الآليات للمستقبل لإدارة هذه العلاقة والحديث حول كل القضايا الإقليمية التي تحظى باهتمام مشترك لنقل الرؤية المصرية إزاءها.
وشدد وزير الخارجية المصري على أنه "لا يوجد مجال لأي قلق أو تفاؤل لدى مصر، من تولي إدارة ديمقراطية جديدة، وإنما هناك حالة من الاستكشاف لموقف الإدارة الأمريكية الذي لم توضحه بعد إزاء العديد ممن القضايا الإقليمية".
وتابع: "وعندما يتم ذلك ويتم الحوار حولها ونقيمها نستطيع أن نحكم على المسار وإلى أي مدى هناك توافق أو تطابق بين البلدين، والاحتياج المشترك للعمل سويا لتحقيق المصالح المشتركة ولمواجهة التحديات".
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg جزيرة ام اند امز