مصر وصندوق النقد.. تعهد بتجنب الاقتراض المباشر من البنك المركزي
المضي قدماً نحو اقتصاد مرن وصلب
ذكر تقرير لخبراء صندوق النقد الدولي، جرى إعداده للعرض على اجتماع مجلس إدارة الصندوق الشهر الماضي، أن السلطات المصرية تعهدت بالكف عن تجاوز وزارة المالية واقتراض مليارات الدولارات مباشرة من البنك المركزي.
ويقول خبراء الاقتصاد -بحسب "رويترز"- إن مثل هذا الاقتراض يهدد بتقويض الاقتصاد من خلال زيادة المعروض النقدي والتضخم والتسبب في ضعف سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية.
وأوضح التقرير الذي اطلعت "رويترز" على أجزاء منه أن البنك المركزي المصري أقرض ما يصل إلى 765 مليار جنيه (15.9 مليار دولار) لمؤسسات حكومية بخلاف وزارة المالية حتى فبراير/شباط 2023، وذلك بالمخالفة لقانون للبنك المركزي لعام 2020. ولم يوضح التقرير متى بدأت تلك الممارسات.
وسمحت مصر في السادس من مارس/آذار 2024 لعملتها بالانخفاض في إطار حزمة دعم بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. ويجري تداول الجنيه الآن عند نحو 48.1 للدولار بعد أن ظل ثابتاً عند 30.85 جنيه لنحو عام.
ودفع انخفاض قيمة العملة المستثمرين الأجانب إلى ضخ مليارات الدولارات في أذون وسندات الخزانة المحلية، كما شجع المصريين المغتربين على إرسال المزيد من تحويلاتهم النقدية للبلاد.
ونجحت مصر في اجتياز المراجعتين الأولى والثانية، في مارس الماضي، بعدما رأى المجلس التنفيذي للصندوق أنها حققت الأهداف الموضوعة لنهاية يونيو 2023، في البرنامج الأصلي للقرض.
وحصلت مصر مؤخراً على نحو 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، هي قيمة الدفعة الأولى من القرض المُتفق عليه مع الصندوق بعد زيادته، نهاية الشهر الماضي، من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.
تعد هذه الدفعة هي الثانية منذ الإعلان عن القرض الأصلي، في نهاية 2022، وقتما حصلت مصر على دفعة فورية تالية للموافقة بقيمة 347 مليون دولار تقريبًا.
ومن المقرر أن تخضع مصر لمراجعة ثالثة، في يونيو/حزيران المقبل، يتبعها صرف دفعة ثالثة من القرض بقيمة 820 مليون دولار، على أن يتبع ذلك شرائح متساوية قيمة كل منها 1.3 مليار دولار، تأتي بعد مراجعات نصف سنوية، بدءًا من المراجعة الرابعة خريف العام المقبل، وانتهاءً بمراجعة في خريف 2026.
- 30 مليار دولار تدفقات لمصر حتى يونيو.. هل يصمد الجنيه أمام الصدمات؟
- مؤسسة دولية تتوقع تعافي الجنيه المصري في هذا التوقيت
5 توصيات لـ«إصلاحات فنية منتظرة»
ولم يحدد الصندوق، حتى الآن، النقاط التي ستشملها المراجعة المقبلة، إلا أن الاتفاق الأصلي كان يتضمن إصلاحات فنية يُفترض تنفيذها أثناء البرنامج، وهي النقاط التي أعاد الصندوق التأكيد عليها مؤخرًا، في وثيقة رسمية، تضمنت توصياته للحكومة المصرية الشهر الجاري.
وأشارت الوثيقة إلى أن مصر لديها حاجة كبيرة للاستثمار، لكن بموارد تمويلية محدودة ما يدعو إلى تحسين إدارة الاستثمار العام.
ووضعت الوثيقة 5 توصيات أساسية، أهمها تعزيز عملية تقييم المشاريع العامة واختيارها، عن طريق إصدار الحكومة لقواعد واضحة من شأنها تقييد إنشاء المشاريع الجديدة، والتخطيط، ومراجعة ما بعد التنفيذ.
التوصية الثانية تعلقت بأهمية تطوير نظام الشراء الحكومي الإلكتروني، وإنشاء نموذج موحد لإدارة مشاريع الاستثمار الحكومية.
كما أوصى الصندوق أيضًا بالبحث عن بدائل لتمويل مشاريع البنية التحتية، عن طريق تمكين مشاركة القطاع الخاص، وكذلك تفعيل أحكام قانون إدارة المالية العامة للتخطيط المتوسط المدى، وأخيرًا، كانت التوصية الخامسة هي تعزيز إدارة الأصول وضمان الصيانة الكافية لها.
5 رسائل من مصر للعالم
ووسط التحديات العالمية غير المسبوقة والتوترات الجيوسياسية المتسارعة في المشهد العالمي والتي تنعكس سلباً على معدلات النمو الاقتصادي والوظائف لمختلف الدول وأيضاً على أسعار النفط والتضخم العالمي جاءت مشاركة الوفد المصري رفيع المستوى في اجتماعات الربيع لمجلسي محافظي صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي لتبعث بعدة رسائل مهمة، كما أوردت وسائل إعلام مصرية.
تتمثل الرسالة الأولى في استمرارية البرنامج الوطني المصري للإصلاح الاقتصادي في مرحلته الحالية وهي الإصلاح الهيكلي؛ حيث تمتلك مصر خريطة استثمارية متنوعة في قطاعات مهمة مثل الزراعة والصناعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر والبنية التحتية والنقل والموانئ واللوجستيات وتم طرحها أمام مجتمع الأعمال العالمي بما يسهم في دعم النمو ورفعه تدريجياً من متوسط حالي 4% إلى 7% خلال سنوات قليلة بالإضافة إلى زيادة معدلات التشغيل في قطاعات الاقتصاد المختلفة.
وتوقع تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الربيع، أن يحقق الاقتصاد المصري نسبة نمو 4.4% في عام 2025 ارتفاعا من نسبة 3% خلال عام 2024، مشيراً إلى أن الاقتصاد المصري حقق نسبة نمو في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 3.8% خلال العام الماضي 2023.
وتتمثل الرسالة الثانية في دعم القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلى الإجمالي لمصر ليكون مسؤولا عن 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة حيث تم وضع سقف للاستثمارات العامة بقيمة تريليون جنيه خلال العام المالي المقبل بما يدعم نمو الاقتصاد الخاص، بالإضافة إلى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص المصري في 90% من فرص التشغيل عبر تعبئة الموارد البشرية والمالية والفنية اللازمة لتمكينه وتوفير التمويلات الميسرة عبر الشراكات مع المؤسسات المالية الدولية.
وتشمل الرسالة الثالثة، العمل على مضاعفة موارد النقد الأجنبي من نحو 120 مليار دولار سنوياً من 5 قطاعات رئيسية للنقد الأجنبي وهي التصدير وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وإيرادات قناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة، إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، حيث تعمل الشراكات مع المؤسسات الدولية في زيادة التدفقات الدولارية لشرايين الاقتصاد المصري، وتبلغ نحو 15.2 مليار دولار تمويلات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وسوف تدعم الاحتياطي الأجنبي وتعزز الموارد الدولارية.
وتستقبل شرايين الاقتصاد المصري أكبر تدفقات دولارية بالعملة الأجنبية، بقيمة تتجاوز حاجز الـ64.7 مليار دولار، وتتمثل في 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، و35 مليار دولار من صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، و8 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي، و6 مليارات دولار من البنك الدولي، و6.5 مليار دولار إجمالي بيع أصول الدولة حتى نهاية العام المالي الجاري.
وتتضمن الرسالة الرابعة تعزيز أوجه التعاون مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بما يحقق هدف الحصول على تمويلات ميسرة تدعم التنمية المستدامة وتحقق معدل رفاهية وجودة حياة للمواطنين.
ومع ارتفاع الثقة وتحسن التصنيف الائتماني لمصر يدعم ذلك رفع مستوى التعاون وعقد الشراكات مع المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية، حيث تم تأكيد الثقة في كل الإجراءات الاقتصادية المتعلقة بتوحيد سعر الصرف وتسهيل كافة العقبات أمام المستثمرين لدعم الاستثمار والنمو، وهو ما اتضح من نتائج اجتماعات الوفد المصري المشارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد، حيث كان الوفد المصري أحد أكثر الوفود المشاركة نشاطاً في اللقاءات الخاصة بوضع حلول للتحديات الاقتصادية العالمية، وعرض الرؤية المصرية على طاولة المناقشات الخاصة لقادة الاقتصاد العالمي المشاركين في فعاليات اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في أمريكا.
وتعمل تلك اللقاءات الدولية للدولة المصرية على دعم الجهود لجذب تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار سنوياً وبإجمالي 100 مليار دولار خلال 6 سنوات، بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص وزيادة التمويلات والاستثمارات المتعلقة بالاقتصاد الأخضر.
ويعد التوجه نحو الاقتصاد الحقيقي ورفع معدلات الإنتاجية لقطاعات ذات الأولوية للدولة المصرية مثل الزراعة والصناعة إحدى أبرز الركائز التي أكد عليها الوفد المصري الذي شارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين وهي تمثل الرسالة الخامسة والأخيرة التي تبعث بها مصر للعالم.