خبراء يفندون مزاعم "الملاك": الفيلم مفبرك.. وأثبت وطنية أشرف مروان
الفيلم أثار ضجة منذ إعلان "نتفليكس" عزمها تحويل كتاب "الملاك - الجاسوس الذي أنقذ إسرائيل" إلى منتج فني، وعُرض يوم الجمعة الماضي.
بعد نحو عامين من الانتظار، عرضت شبكة "نتفليكس" العالمية للترفيه فيلم "الملاك"، وهو إنتاج أمريكي إسرائيلي مشترك، يحكي قصة أشرف مروان، سكرتير الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات وصِهر سلفه الراحل أيضا جمال عبدالناصر.
- "العين الإخبارية" تجيب.. هل كان أشرف مروان جاسوسا لإسرائيل؟
- بالفيديو ..سيف اليزل .. "السيد عزيز" في رأفت الهجان
الفيلم، الذي أثار ضجة منذ إعلان "نتفليكس" عزمها تحويل كتاب "الملاك - الجاسوس الذي أنقذ إسرائيل"، تأليف المتخصص الإسرائيلي أوري بار جوزيف، إلى منتج فني، عرض يوم الجمعة الماضي بمختلف أنحاء العالم، لينهي حالة الترقب التي صاحبت الإعلان عن بدء تصويره يوليو 2017، لكن "الملاك" لم يحسم الجدل بشأن محتوى العمل، خاصة بعدما رأى كثيرون أنه فارغ، لم يجب عن الكثير من التساؤلات؛ والتي كان أبرزها: هل كان أشرف مروان عميلا لإسرائيل أم بطلا مصريا؟
"العين الإخبارية" استطلعت آراء خبراء في الشأن الخارجي وباحثين متخصصين في الشأن الإسرائيلي، لكشف أسباب طرح إسرائيل هذا العمل في التوقيت الحالي، وسبب اقتصار رد فعل الإعلام الإسرائيلي منذ عرض الفيلم على الأخبار دون التطرق لتحليل الفيلم.
"الملاك" قلب الطاولة على إسرائيل
قال اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن عرض "الملاك" وضع نقطة النهاية لأحاديث طالت عن الفيلم والهدف منه وطبيعة محتواه أيضا، والذي اتضح أنه "فارغ تماما من التفاصيل"، مشيرا إلى أنه "على مر التاريخ مَن يريدون تشويه الأحداث يتجهون رأسا إلى تشويه الرمز ليتجنب الغوص في تفاصيل الحدث، فتشويه الرمز كفيل بتشويه حدث عظيم بكل تفاصيله كما يتصورون".
وحكى الحلبي لـ"العين الإخبارية": "لم يكن أشرف مروان أول المُشوهين، ولن يكون الأخير، ففي السابق شوِّه الرمز صلاح الدين الأيوبي، وفي تاريخ مصر الحديث لم تنتهِ محاولات تشويه الرئيسين السابقين جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات، لذلك فإن فيلم وكتاب (الملاك) الإسرائيليين مجرد واحدة من المحاولات التي لا تتوقف عن تشويه الرموز، والاتهام هنا بتشويه مروان ليس عشوائيا، بل إن عرض الفيلم الأخير أكد ذلك".
وأوضح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية أن "كتاب (الملاك) والفيلم ماتا معا يوم عرض الأخير، فلم يحتوِ العمل على وقائع ثابتة تُبين وتشرح طبيعة ما أطلقوا عليها (الخدمات الجليلة) التي قدمها أشرف مروان لإسرائيل، والتعاون معهم، إن صحّ التعاون، خاصة بما يتعلق بحرب أكتوبر 1973، فأقل تعاون أن يعرفوا من خلاله على الأقل (ساعة الصفر)، أو تفاصيل خطة الخداع الاستراتيجي التي أدارت بها مصر الحرب ضد إسرائيل، أو نوايا المصريين قبل اندلاع الحرب، أو ما يساعدهم على الاستمرار في الحرب، كل ما استخدمته إسرائيل في الأمر كله الإشارة إلى أن هناك خدمات جليلة قدمها لهم أشرف مروان أفادتهم في حرب 1973 دون أي تفاصيل، فخرج المُنتج فارغا تماما إلا من كلام إنشائي مرسل جسد في صورة هشّة".
عن اقتصار الإعلام الإسرائيلي على نشر أخبار تتعلق بالفيلم وعدم تحليله، قال الحلبي: "الفيلم يخلو من الحقائق أو الوقائع التي يمكن أن تخضع للتحليل، و"مَن لديه قدر بسيط من الفكر الاستراتيجي أو العمل الإعلامي يدرك للوهلة الأولى أن ما ورد بالفيلم مُفبرك لا يستند إلى حقائق، وهدفه تشويه الرمز فقط"، مشددا على أن "حقيقة أشرف مروان تملكها مصر فقط، ولن تُعلن إلا بعد توافر الشروط، فليس كل حقيقة يمكن إخراجها للعلن في أي وقت".
واختتم الحلبي معتبرا أن "الفيلم ينفي ما أرادت إسرائيل إثباته، وقلب الطاولة عليها، وإن كان هناك تعاون جرى مع أشرف مروان أو (الملاك) كما سماه الفيلم، فاقتصر على تضليل إسرائيل وعدم إطلاعها على ساعة الصفر وتفاصيل خطة الخداع الاستراتيجي التي استخدمتها مصر"، مشددا على أن أشرف مروان يظل حالة مهمة جدا في تاريخ مصر، لها ثقلها في ملفات المخابرات المصرية.
مصر ترد على "الملاك" بعمل يضم نخبة من النجوم
فيما كشف اللواء الدكتور نصر سالم، أحد أبطال حرب أكتوبر 73 ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية، عن نية مصر تقديم عمل فني ضخم يوثّق الدور الحقيقي الوطني للراحل أشرف مروان، قائلا: "الفنانون سيبرزون الدور الحقيقي الذي لعبه مروان، ويوثقون وطنيته من خلال عمل ضخم مُرشح لبطولته مجموعة من النجوم منهم أحمد السقا".
وأكد سالم، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن فيلم "الملاك" الإسرائيلي الفارغ من التفاصيل، صنع فقط ليمارس حربا نفسية هدفها إقناع المتلقي بأن "الموساد" يملك من القوة ما يعينه على تجنيد عملاء على أعلى مستوى، في إشارة لكون مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وسكرتير الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وأوضح أن "السادات بنفسه كان سيحاسب أشرف مروان إن كان على ما يدعيه الموساد، ولكن الواقع أن هذا الرجل كان يؤدي دورا وطنيا بالغ الأهمية، وإسرائيل لم تجد أمامها طريقة تعالج بها إخفاقاتها، فكان تشويه الرمز المصري بوابتها لذلك".
كسر القاعدة الذهبية والفشل في استفزاز مصر
بينما رأى سعيد عكاشة، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن "نهاية ملف أشرف مروان الذي سربته إسرائيل رسميا 2004 بالإفصاح عن كونه عميلا للموساد، يغلق بعد عرض (الملاك) والرد عليه من الفنانين المصريين بعمل آخر"، معتبرا أن الفيلم كان آخر المحاولات الاستفزازية التي نفذتها إسرائيل، والإدارة التي تُخمد بها الشك الذي يراودها حتى اليوم عن طبيعة الدور الذي مارسه أشرف مروان في واحد من أهم ملفات المخابرات.
وقال عكاشة، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن "تل أبيب تنبش في هذا الملف منذ عام 1997، ومنذ ذلك الوقت تسرب معلومات عن عميل لها في مصر قدم خدمات عظيمة، دون أن تذكر اسمه، وعلى مدار 7 سنوات، أجرت إسرائيل لقاءات مع قيادات أمنية من تلك التي عاصرت الملف، فمنهم مَن يؤكد عمالته لإسرائيل ومنهم من يؤكد إنه كان عميلا مزدوجا، وهو ما يعكس وجود خلاف كبير داخل إسرائيل عن طبيعة ولاء أشرف مروان".
وتابع: "حرصت إسرائيل منذ ذلك الوقت على إخراج معلومات بين الحين والآخر في إطار خطة تهدف لاستخلاص أي معلومة من الجانب المصري عن طبيعة دور أشرف مروان، إلا أن مصر لم تصرح رسميا في أي وقت بأي معلومة وتعاملت مع هذا الملف بالتزام كامل بالقاعدة الذهبية التي تلتزم بها أجهزة المخابرات في العالم كله، والتي تنص على (لا تكشف عميلا سابقا لك)، لأن ذلك يؤثر على فكرة تجنيد عملاء آخرين، بينما إسرائيل كسرت القاعدة بالإعلان عن التفاصيل كافة التي تؤكد أن أشرف مروان عميلها المقصود، سواء بالإخبار عن أنه صهر لرئيس مصري، أو أنه كان يعيش في العاصمة الإنجليزية لندن في فترة حددتها، وغيرها من التفاصيل".
واعتبر عكاشة أن "إسرائيل كسرت القاعدة الذهبية لأنها حتى اليوم تشك في الدور الذي أداه أشرف مروان بنسبة لا تقل عن 70%، وكتاب (الملاك) الذي حُوِّل لفيلم كان آخر الحلقات في سلسلة استفزاز إسرائيل لمصر، إلا أن مصر تعاملت بشكل صحيح تماما وحافظت على الصمت حتى اليوم".
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز