قمة النقب السداسية.. دلالات ومآلات "حدث غير مسبوق"
اختتمت أعمال" قمة النقب" في إسرائيل، بمشاركة وزراء خارجية أمريكا ودولة الإمارات والبحرين والمغرب ومصر، بالتأكيد على نبذ الإرهاب ودعم السلام.
قمة وزارية وصفها خبراء ومحللون سياسيون عرب بــ"الحدث غير المسبوق" لطبيعة الأطراف المشاركة ممن وقعت في وقت سابق اتفاقات سلام مع إسرائيل، وللنتائج أيضا المتوقعة منها.
وقال الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إن القمة التي ستعقد بشكل دوري سنويا، ستسعى لتشكيل محور إقليمي عربي إسرائيلي في مواجهة الإرهاب والتهديدات التي تتعرض لها المنطقة.
وأشاروا في الوقت ذاته إلى أن القمة من المتوقع أن تسفر عن "تغيير تدريجي في "المشهد الجيوسياسي" بمنطقة الشرق الأوسط.
لكنهم رأوا أيضا أن الحديث ما زال مبكرا عن تشكيل ما يسمى "الناتو العربي" لمواجهة التهديدات الإيرانية، حتى مع دورية انعقاد قمة النقب بشكل سنوي.
حدث غير مسبوق
الدكتور طارق فهمي، الأكاديمي والخبير السياسي المصري، وصف قمة النقب بـ"حدث غير مسبوق"، موضحا في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن تدشن القمة يعد مقاربة عربية إسرائيلية تسعى لتجاوز خلافات الماضي إلى مرحلة جديدة من عمر النظام الإقليمي الحالي.
وكما كان الحدث جاءت النتائج أيضا مختلفة، بحسب فهمي الذي قال إن "القمة ستسفر عن محاولة تشكيل محور إقليمي عربي إسرائيلي؛ بهدف مواجهة التهديدات والمخاطر التي تتعرض لها المنطقة ، وأبرزها التهديد الإيراني وأذرعها في المنطقة، والإرهاب".
وبحسب تأكيد الأكاديمي المصري، فإن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل قد يمتد إلى "تغيير تدريجي في "المشهد الجيوسياسي" بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال رؤى ومقاربات متعددة وليست اتجاه واحد.
ناتو عربي؟
ورغم تشكيل جبهة عربية إسرائيلية لمواجهة التهديدات، لكن، والاستدراك لـ"فهمي"، من المبكر الحديث عن طرح جديد لـ"ناتو عربي"، حتى مع تحول القمة إلى انعقاد شبه دوري بشكل سنوي.
وقبل 3 أعوام، سعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع أسس لتشكيل "تحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط" (الناتو العربي)، على غرار حلف شمال الأطلسي بهدف "التصدي" لسياسات طهران.
وقام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مطلع 2019 بجولة في عدد من الدول العربية سعيا منه إلى التقريب بين الأعضاء المحتملين في هذا التحالف، والذي فشلت واشنطن لاحقا في تحقيقه.
دلالات التحرك الأمريكي
كما رأى "فهمي" أن قمة النقب أعطت لإسرائيل حضورا إقليميا؛ لكن يبقى الأمر مرتبطا بالتنسيق العربي – العربي بشأن القضية الفلسطينية، في ظل عزوف تل أبيب عن الدخول حتى الآن في عملية السلام أو تسوية، وإعطاء أولوية لإيران.
وحملت المشاركة الأمريكية في قمة النقيب، رسائل ودلالات عديدة منها أن "الولايات المتحدة تبعث برسالة بأنها تسعى لبناء تحالفات أمريكية عربية متماسكة في المنطقة، وسط مخاوفها من تمدد عربي نحو المعسكر الروسي الأخر، لاسيما بعد الاتصالات التي أجراها قادة عرب مع موسكو مؤخرا".
وتعقد القمة في ذكرى مرور 43 على السلام بين مصر وإسرائيل، في رسالة ذات مغزى – بحسب فهمي – حيث تريد واشنطن أن تبعث برسالة بأنها من قامت برعاية السلام، وستستمر في دعمه، رغم عدم تقديمها لجديد بشأن القضية الفلسطينية، أو طرح رؤية ومقاربة لحل الصراع العربي الإسرائيلي.
الإمساك بخيوط الأزمات
بدوره، أرجع عبد الله الجنيد الكاتب والباحث السياسي البحريني، مغزى المشاركة الأمريكية القوية في قمة النقب، إلى أن واشنطن تحاول استعادة دورها التقليدي، لكن من خلال سياسة الإمساك بخيوط الأزمات، لا حل الأزمات".
وقال الجنيد في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن مشاركة وزير الخارجية الأمريكي في القمة، "يعكس قلق واشنطن من التحرر الإقليمي في تشكيل وصناعة القرار، وتجاوز آليات التشاور أو الإحاطة كما كان متبعاً في العلاقات التاريخية بين واشنطن ودول المنطقة".
ونبه الباحث البحريني إلى أنه على دول المنطقة إدراك أن ملفاتها الحرجة من إعادة الاستقرار، إلى احتواء إيران تستلزم واقعية تتجاوز المبادئ الحاكمة للسياسة الأمريكية".
استقرار المنطقة
وفي ملمح آخر، دعا الدكتور نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، الولايات المتحدة إلى ضرورة التعامل بشفافية كاملة بشأن تفاصيل الاتفاق النووي مع إيران، وتقديم معلومات كاملة للجانب العربي حول الاتفاق، خاصة مع تعرض واشنطن لانتقادات تتحدث عن إخفاءها معلومات بشأن طهران من أجل إتمام الاتفاق النووي.
وحول أهداف "قمة النقب" بمشاركة وزراء خارجية 6 دول، قال ميخائيل لـ"العين الإخبارية": "حملت القمة التأكيد على ضرورة التعاون بين الدول الـ6 لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ودعم التعاون الاقتصادي من أجل تجاوز تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى الآثار المترتبة على وباء كورونا".
كما أبرز أن الولايات المتحدة تسعى لتهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وعدم حدوث أي اضطرابات مفاجئة في المنطقة، وفقا لميخائيل.
وحول العمل على تشكيل لجان أمنية كأحد مخرجات قمة الاثنين، قال إنه يحب أن يكون هناك إجماع على أهداف تلك اللجان الأمنية، وتوضيح شكل التعاون اللازم فيما يتعلق بالتهديد الإيراني.
وأكد البيان الختامي لقمة النقب، على تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة، وشبكة أمنية للإنذار المبكر، مشيراً إلى أن القمة ستعقد بشكل دوري.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، في مؤتمر صحفي مشترك بين الوزراء الستة، إن اللقاء في النقب لن يكون الأخير، داعيا الجميع إلى المشاركة بمن فيهم الفلسطينيون.
وأضاف لابيد: "لقد قررنا الليلة الماضية تحويل قمة النقب إلى منتدى دائم، بالتعاون مع أقرب أصدقائنا -الولايات المتحدة- نفتح اليوم الباب أمام جميع شعوب المنطقة بما في ذلك الفلسطينيين".
ووصف الوزير الإسرائيلي الاجتماع بأنه "صنع التاريخ"، مشيرا إلى بناء هيكل إقليمي جديد قائم على التقدم والتكنولوجيا والتسامح الديني والأمن والتعاون الاستخباراتي.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن "قمة النقب" مرتبطة بتعزيز عملية السلام في منطقتنا، ومشاركتنا لتعزيز السلام والدفع باتجاه مواصلة جهود السلام.
وأضاف في تصريحات صحفية مساء اليوم الإثنين، أن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل أخذت حيزًا كبيرًا في مباحثات "قمة النقب"، ومشاركتنا في "القمة" جاء لتعزيز السلام وطرح وجهة نظرنا والدفع في اتجاه مواصلة جهود السلام.
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4yMjUg جزيرة ام اند امز