التزام وتعزيز للسلام.. دلالات مشاركة المغرب في قمة النقب
تعكس المشاركة المغربية في قمة النقب التزام المملكة بشراكاتها الدولية وتشبثها بالانخراط في دينامية السلام الدولية.
ومثل ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، المملكة المغربية في قمة النقب، وهي القمة التي شارك فيها وزراء خارجية دولة الإمارات ومصر والبحرين والولايات المتحدة وإسرائيل، على مدار يومين.
التزام مغربي
وتعقيبا على المشاركة المغربية في القمة، قال خالد شيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة (شرق المغرب)، إن وجود وزير الخارجية المغربية، ناصر بوريطة مع نظرائه من الإمارات وإسرائيل ومصر والولايات المتحدة والبحرين، يدخل في صلب الالتزامات الجماعية للمغربي في إطار مسؤولياته مع أطراف أخرى على المستوى الدولي.
وأوضح شيات في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن التواجد مع وزير الخارجية الإسرائيلي وكذلك الأمريكي، يدخل في إطار الدور المتزايد للمغرب على المستوى الإقليمي والسعي نحو نوع من التجانس على مستوى السياسات الإقليمية للمغرب تماهيا مع السياسة الأمريكية بالنظر لوجود رهانات كبيرة ترتبط بموضعين كبيرين.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الموضوع الأول يتجلى في الاتفاق النووي مع إيران بما فيها إمكانية رفع "الحرس الثوري الإيراني" من لائحة "الجهات الإرهابية أو الداعمة للإرهاب"، وأيضا فيما ينعكس بذلك على الوضع في المستوى الإقليمي.
كما أضاف أن هذا الأمر سيُعتبر انتصارا لإيران التي توغلت في لبنان وسوريا واليمن، إضافة إلى العراق الذي يعد من الدول التي تم اقتحامها من طرف إيران وهو أمر يستدعي تواجد رؤية مقابلة لهذا التوسع الإيراني على المستوى الإقليمي.
وفيما يتعلق بالدور الآخر فهو ما تقوم به هذه الدول في الأزمة الأوكرانية، حيث إن المغرب أو إسرائيل أو غيرهما من الدول هي أطراف يمكن أن تكون وسطية كما يمكن أن تكون فعالة في إيجاد حل أو في بناء منظومة تحالف في إطار علاقات دولية حالية التي تتميز بالاصطفاف في حلف شمال الأطلسي والخط المحيط به والذي يوجد فيه المغرب باعتباره شريكا أساسيا لدى الحلف.
وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الزيارة المرتقبة لبلينكن للمغرب يمكن أن تكون في سياقات إقليمية أكثر ضيقا خصوصا فيما يتعلق بالطاقة وقضية الوحدة الترابية للمغرب، والتي ستكون حاضرة بالنظر لطبيعة العلاقات الثنائية، ولكن الحضور في النقب هو إعطاء صورة لوجود قوة جماعية في ظل التحولات الاقليمية الخطيرة على مستوى العلاقات الدولية.
سياقات
من جانبه قال حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن زيارة وزير الخارجية المغربية ومشاركته في هذه القمة التاريخية والغير مسبوقة، تأتي في سياق خاص إقليمي ودولي.
وأضاف بلوان، أنه بالنسبة للسياق الإقليمي، فهو يتجلى في مجموعة من التحديات التي تواجه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة فيما يتعلق بالمستجدات المتعلقة بالملف النووي الإيراني وكذا تحديات منطقة الساحل والصحراء، ثم الأزمة الأوكرانية التي تلقي بضلالها على العالم والمنطقة أيضا.
وأشار بلوان إلى أن هناك أيضا مسألة الصحراء المغربية، التي تعتبر قضية مقدسة عند جميع المغاربة، والتي كانت حاضرة بقوة في هذه القمة، باعتبار أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تقف بجانب الحقوق المشروعة للمغرب ، بالإضافة إلى الدول العربية التي تعترف بمغربية الصحراء كل حسب موقفه الرسمي.
دعم
في هذا الإطار، ولأول مرة بشكل رسمي، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، أن إعلان إسبانيا عن دعمها لخطة الحكم الذاتي، كتسوية واقعية وجدية للنزاع حول الصحراء المغربية، هو بمثابة "بادرة خير"، مبرزا أن الموقف الإسباني جاء ليضاف لمواقف مؤيدة للمغرب عبرت عنها العديد من الدول.
ونقل الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية على "تويتر، عن لابيد، عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، اليوم الاثنين، على هامش قمة النقب، قوله "سنعمل سويا وفي إطار علاقة خاصة، على مواجهة المحاولات الرامية إلى المس بالسيادة والوحدة الترابية للمملكة المغربية، وكذا الهجمات التي تتعرض لها البحرين والإمارات العربية المتحدة...".
وأضاف وزير الخارجية الإسرائيلي "نحن عازمون على تحقيق الازدهار والسلام في المنطقة وفي العالم "، مؤكدا أن "قمة النقب تبعث برسالة قوية للقوى المتطرفة التي تقودها إيران والتي تحاول زعزعة الاستقرار في المنطقة، مفادها أننا نؤسس لجبهة موحدة ملتزمة بالسلام والازدهار والاستقرار (...) هذه علاقة مميزة تعتمد على العمل سوية لمواجهة التحديات.
دور محوري
من جهة أخرى، أبرز بلوان، أن هناك تحركات لإعادة ترتيب العلاقات الدولية على المستوى الإقليمي، بحيث تريد المملكة المغربية لعب دور محوي في إعادة هذا الترتيب الدولي في المنطقة، وهذا يبرز من خلال العلاقات الطيبة للمغرب مع الفلسطينيين والاسرائيليين، حيث أن موقف المغرب كان واضحا منذ بداية استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية بأنها لن تكون على حساب القضية الفلسطينية.
وبالموازاة مع ذلك، يضف بلوان، هناك القضية المحورية للمملكة، وهي الصحراء المغربية، مبرزا أن ما يهم أكثر هو الاعتراف الأمريكي والاعتراف العربي.
وأشار إلى أن اعتراف إسرائيل بمسألة مغربية الصحراء المغربية هي مسألة وقت ستأتي في حينها، نظرا لكون إسرائيل تأتي في جانب المغرب بحيث دخلت مع في اتفاقيات أمنية وعسكرية واقتصادية غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي منذ بداية القضية الفلسطينية.
وخلال مشاركته في قمة النقب، دعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، لضرورة بناء دينامية جديدة للسلام واتخاذ خطوات ملموسة تفتح آفاقا واعدة لكافة شعوب منطقة الشرق الأوسط.
دينامية
وقال بوريطة، إنه يتعين علينا بناء دينامية وفق خطوات ملموسة تشعر بها الشعوب وتساهم في تحسين حياة العالم وتفتح، فضلا عن ذلك، آفاقا واعدة لشباب ولشعوب منطقتنا".
وأضاف "نحن هنا في النقب لكي نكون قوة تعمل من أجل السلام ولكي نقول إن حل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ممكن "، مؤكدا أن الملك محمد السادس ما فتئ يدعم حل دولتين تعيشان جنبا إلى جنب، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية في حدود 1967.
وفي السياق ذاته ، شدد بوريطة على ضرورة حفظ أمن ومصالح إسرائيل.
كما عبر عن امتنانه وتقديره للدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة في دعم عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن الولايات المتحدة لطالما كانت شريكا موثوقا يمكن الاعتماد عليه في بناء السلام.
وأبرز أن قمة النقب حملت العديد من الرسائل الإيجابية لشعوب المنطقة ، "ولكن أيضا رسائل واضحة وحازمة لمن يعملون بشكل مباشر أو من خلال الوكلاء، بأننا هنا للدفاع عن قيمنا وعن مصالحنا ولخلق رادع لحماية هذه الدينامية".
ومن جهة أخرى، أدان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الهجوم الذي استهدف أمس مدينة الخضيرة ، جنوبي حيفا، قائلا: "وجودنا اليوم هنا هو الإجابة والرد الأفضل على هذه الاعتداءات ".
وأبرز أن "الدينامية الإقليمية مهمة جدا، وأيضا الاستقرار الإقليمي من أجل تعزيز السلام بين إسرائيل وفلسطين، والمغرب اضطلع بدور رائد في عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو مستعد اليوم ، أيضا، للمساهمة في إعطاء دفعة جديدة لهذه الدينامية".
وأشار المتحدث عينه، إلى أنه منذ التوقيع على الإعلان الثلاثي بالرباط، تم إحراز الكثير من التقدم، مشيرا إلى العديد من الزيارات المتبادلة وإطلاق رحلات جوية وتنظيم لقاءات واجتماعات مكثفة.
وأكد وزير الخارجية المغربي، أن هذه العلاقات ستشهد قريبا دينامية مهمة ستساهم بشكل أكبر في تعزيز هذه العلاقات في شتى المجالات، لا سيما من الناحية الدبلوماسية.
وخلص بوريطة إلى القول "نحن هنا اليوم لأننا فعلا نؤمن بالسلام، ليس السلام الذي نتجاهل فيه بعضنا البعض ولكن السلام المرتكز على بناء القيم والمصالح المشتركة والسلام الذي يبعدنا عن الحرب".
aXA6IDE4LjExOC4xNDYuMTgwIA== جزيرة ام اند امز