قطر كعادتها تعمل دائماً ومن خلال التعاون والتنسيق مع تنظيم الإخوان والمجموعات الإرهابية في المنطقة
يُقال إن كلام الملوك ملوك الكلام، وبالتالي فإن كلام العظماء يعتبر عظيم الكلام، وعليه يمكن القول إذا عظم الكلام عظم صاحبه وبالعكس، وقد تميز عظماء الناس في التاريخ بمبدئيتهم وجرأتهم وصراحتهم، يقول الحق والحقيقة مهما عظمت التضحية.
فسقراط شرب السم ولم يتراجع عن مبادئه، وغاليلو تعرّض للعقوبة بسبب علميته، وغاندي وحفيدته أنديرا تعرّضا للقتل وهما يقدمان الحب للآخرين، وستالين رفض أن يبادل ابنه الجندي الأسير لدى الألمان بجنرال ألماني أسير لديه في الحرب العالمية الثانية، وإبراهام لنكولن تعرّض للقتل بعد إلغاء الرق في أميركا.
وكل هذه المواقف والمبادئ دفعت أصحابها إلى منصة التاريخ ليكونوا القدوة بأعين الآخرين عبر الأجيال، وأن المؤرخين والعلماء والإعلاميين من أصحاب المبادئ ولو كانوا مختلفي الانتماءات القومية أو الأيديولوجية أو السياسية أو الطبقية، لكن كتاباتهم ينبغي أن تكون مبدئية وحيادية تجاه الحدث الواحد، وبشكل مؤيد للحق والحقيقة ومضاد للباطل في أي صف كان، ولكن لسوء الحظ أننا نعيش في عصر نرى فيه الأعاجيب في مواقف عظماء وعلماء وإعلاميي الدول المقتدرة؛ التي ينظرون بها إلى مصالحهم فقط دون النظر إلى أي معيار آخر .
لقد كشفت زوجة مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في القاهرة ديفيد كيركباتريك، ومن خلال التسجيلات المفبركة الأخيرة عن معلومات حول علاقته بالإخوان في مصر، حيث تقوم الدوحة وعبر تنظيم المجموعات الإرهابية بشراء أقلام مأجورة وضمائر بعض المراسلين عرباً وأجانب، وفي العديد من دول العالم للقيام بحملات إعلامية ممنهجة.
وإذ كان الإعلام كلمة وصورة، فالكلمة هي التعبير الحقيقي عن الحق والتجسيد الأصيل لما يجري في الواقع، وضمن أخلاقية المسؤولية الإعلامية، والصورة هي الداعم للكلمة وأي اختلال بهذه المعادلة يفقدنا مصداقية وسائلنا الإعلامية.
وما دعاني إلى إيضاح وإبراز أهمية تلك المعادلة الإعلامية ودورها في الواقع الحياتي، بعيداً عن التضليل أو خلق صراعات مأساوية، ما زعمته صحيفة نيويورك تايمز يوم السادس من يناير الجاري، بامتلاكها تسجيلات صوتية قالت فيها إنها لضابط مصري من إحدى الجهات الأمنية مع ثلاثة أشخاص من مقدمي برامج حوارية تلفزيونية، يحثهم فيها على الترويج لموقف يتضمن القبول بمدينة رام الله عاصمة لفلسطين بدلاً من القدس.
والحقيقة هذا الكلام لا يأتي من دولة مصر العربية التي عارضت بكل مؤسساتها السياسية والإعلامية قرار ترامب بنقل سفارة بلاده واعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وقد نفت الهيئة العامة للاستعلامات، وهي جهاز تابع للرئاسة، تلك الادّعاءات السافرة بإصدار بيان دحضت فيه هذه المعلومات العارية عن الصحة، ولم يجر أي حوار بهذا الخصوص إطلاقاً، وأوضح الدكتور علي عبدالعال رئيس البرلمان المصري قائلاً إن الجميع يعرف توجهات صحيفة نيويورك تايمز ومن يموّلها، لافتاً إلى أن دويلة صغيرة تنفق على الصحيفة، في إشارة واضحة إلى قطر.
قطر كعادتها تعمل دائماً، ومن خلال التعاون والتنسيق مع تنظيم الإخوان والمجموعات الإرهابية في المنطقة، والمنتشرين في مناطق شتى من العالم لدعم جهات إعلامية غربية، والتي تقوم بممارسة إرهاب إعلامي لنشر الأخبار الملفقة والتصريحات المضللة والتسريبات المشكوك بصحتها على لسان بعض الشخصيات العربية؛ بهدف إحاكة الدسائس وإحداث فجوات في الواقع العربي.
وبخصوص صحيفة نيويورك تايمز، صدر عددها الأول في أعقاب تأسيسها يوم الثامن عشر من سبتمبر عام 1851م، ومقرها مانهاتن، وتعتبر صحيفة وطنية من خلال سجل إشهارها والموافقة على إصدارها، بمعنى أنها الصحيفة الرسمية في تحليلاتها والموثوقة بالأحداث الجارية، وهي ملك شركة نيويورك تايمز التي يصدر عنها الهيرالد تريبيون إنترناشيونال وبوسطن غلوب وبعض الصحف والدوريات، ومنذ إصدارها لم يَعتقد أحدٌ أن ذلك الإصدار ، كان بدايةَ تاريخٍ مليءٍ بالإثارة والجدل والتفاعلات السياسية.
هناك معركة حقيقية قائمة، وهذه المعركة ليست في ميدان الحرب العسكرية وحسب؛ بل في ميدان الإعلام عبر حملة همجية واضحة بأدلة واقعية، وإنها مسيّسة ومبيتة وموجهة بشكل مباشر وعلني ضد بعض الدول العربية؛ مستخدمة شخصيات عربية تحرّكها القوة الإعلامية المسيطرة على العالم الناطقة بالعربية في الساحات الأوروبية والأمريكية، لتصبح هي الديناميكية التي يقدمها صاحب المال مهما كان مصدره، وحيال هذه الاتجاهات التي تشكلها هذه الوسائل الإعلامية الغربية المدفوعة والمدفوع لها، فإن الإعلام العربي الملتزم قومياً يدحض كل ما تثيره هذه الوسائل الغربية؛ ومن يتحالف معها من افتراءات لا يقبلها الوجدان العربي.
وما طرحته نيويورك تايمز من تلفيقات غايتها التشويش وبث التفرقة، وخلق الفتن في مصر العربية للنيل من أرض الكنانة ذات المؤسسات الوطنية والمواقف الصلبة في مواجهتها للإرهاب، ولخلق إحباطات في نفوس الشعب المصري،لم تنطلِ على المصريين الذين يدركون أن تلك التسريبات الإخوانية مآلها الإخفاق ولن يُكتب لها النجاح.
وسبق أن دحض الشعب المصري عبر وسائله الإعلامية موقفاً صادراً عن ذات الصحيفة قبل ثلاث سنوات من خلال مقالات نُشرت على صفحاتها تطالب الإدارة الأميركية بوقف وقطع المساعدات الاقتصادية والعسكرية عن جمهورية مصر العربية، إلا أن نداءات الصحيفة وكتاباتِ صحافييها باءت بالفشل وسقطت أوهام هؤلاء المرتبطين بالقوى الغاشمة التي تنال على الدوام من المصير القومي العربي.
لقد كشفت زوجة مراسل صحيفة نيويورك تايمز في القاهرة، ديفيد كيركباتريك، ومن خلال التسجيلات المفبركة الأخيرة عن معلومات حول علاقته بالإخوان في مصر، حيث تقوم الدوحة وعبر تنظيم المجموعات الإرهابية بشراء أقلام مأجورة وضمائر بعض المراسلين عرباً وأجانب، وفي العديد من الدول في العالم للقيام بحملات إعلامية ممنهجة في سبيل خلق اضطرابات تسهيلاً لتحرك تلك المجموعات، وبث الأفكار المسمومة للتأثير على عقول الناشئة في البلاد العربية.
وتجلى دور قطر في تمويل جماعة الإخوان الإرهابية حكومة المعزول محمد مرسي؛ التي تم وصفها بـالكارثية في تاريخ مصر، وبعد الإطاحة بها عبر ثورة شعبية في عام 2013م مضت في طريقها لتقويض الاستقرار ، ومحاولة نزع الشرعية عن الرئيس السيسي، ووضعت الدوحة قناة الجزيرة والمنابر الإعلامية المدعومة منها في خدمة الإخوان مع الترحيب بقادة التنظيم فيها، وتشير في هذا السياق مجلة فورين بوليسي الأمريكية إلى القول بأن قطر هي نموذج للأصدقاء ذوي الوجهين، وسعت باستمرار إلى تحقيق ذلك فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فمن ناحية هي طرف موثوق به يستضيف عدة منشآت أمريكية وتعد الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، لكن من الناحية الأخرى هي الداعم الرئيسي سياسياً ومالياً وفكرياً عبر فضائية الجزيرة لبعضٍ من أكثر القوى الراديكالية الخطيرة المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وما عادت الحقيقة في مختلف المؤسسات الغربية واضحةً، حتى في أمريكا لا تبدو قائمة على الوضوح، ويبقى فيها الإعلام موجهاً ومحكوماً بمن يدفع أكثر، وحتى نكون منصفين وعادلين ونمتلك شجاعة الرأي السديد والقول الحكيم أن نأخذ بنظرية المسؤولية الإعلامية سلوكاً وأخلاقاً، والتي تقوم على التدخل المباشر للإعلام في الصراع ما بين الحقيقة والتضليل، وما بين الفضيلة والغواية وهذه هي المعركة الدائرة بين الإنسانية وأعدائها في وسائل الاتصالات الجماهيرية، وتتصاعد حدتها في كل الاتجاهات، فالحيادية والموضوعية لا تتفقان دائماً مع مصالح الدول الغربية، فالحيادية تفترض كشف الظلم، أما الموضوعية فتتطلب قول الرأي المجرد ، لكن لا هذا ولا ذاك وجدناه في وسائل الإعلام الغربية التي يتعاون معظمها مع قوة المال وشراء الضمائر الضعيفة والمهترئة، فأين ديمقراطية الغرب الإعلامية التي أشبع العالم بها حديثاً وضجيجاً وصخباً عالياً، فيما تتهاوى تلك المؤسسات بأفكارها المدسوسة أمام عيون أصحابها وصنّاعها؟.
الوسائل الإعلامية الغربية استخدمت وعبر العقود المنصرمة أساليب ملتوية، منها غسيل الدماغ وممارسة الإرهاب الفكري، عدا عن الضجيج الإعلامي الواضح والمكشوف، فالأسلوب الإعلامي في المدارس الغربية التي تستخدم هذا الأسلوب كان يعتمد بالدرجة الأولى على تشويه الواقع، وليس الأخذ بحقيقة ما يجري فيه، وكان لا بد من هذه المؤسسات الإعلامية الغربية التي تعد نفسها قلعة الديمقراطية في الصحافة والتلفزة والإذاعات، وخلال استدامتها برصد الأحداث في أنحاء العالم، من التفاعل المستمر بين الفكر السياسي والنهج الإعلامي لتحقيق التطابق في نظرية المسؤولية الإعلامية؛ تنفيذاً لأخلاقية مهنة الإعلام، فمن ينفخ نار العداوة في الإعلام لا يستحق إطلاقاً الانتماء لشرف المهنة وأصالة الكلمة، فالإعلام أولاً وأخيراً ليس للهيمنة وقلب الحقائق وتحقيق المكاسب المادية على حساب الشعوب المحِبة للحق والعدالة، وليس للتضليل والتلاعب بأفكار وعقول الآخرين وتغيير مفاهيم الرأي العام، وإنما لبذل الجهود المخلصة والدؤوبة أمام الإنسانية جمعاء، وفي أعماق حركة المجتمعات البشرية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة