ثورة 30 يونيو بمصر.. مواجهة للإرهاب عابرة للحدود
"لا يقتصر فضل ثورة 30 يونيو/حزيران عام 2013 في مكافحة الإرهاب ووقف جماعة الإخوان، عند حدود مصر، لكنه امتد للمنطقة بأسرها".
تلك خلاصة قراءة عدد من المحللين السياسيين لتداعيات ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، ودورها في دحر الإرهاب وكسر شوكته وذلك منذ قيامها وخلال الـ8 أعوام السابقة.
- الذكرى الثامنة لـ"30 يونيو".. "طوق النجاة" من خطر تنظيم الإخوان
- السيسي في ذكرى ثورة 30 يونيو: الجيش والشرطة حاصرا الإرهاب
وواجهت الدولة المصرية عقب 30 يونيو التي أطاحت بتنظيم الإخوان الإرهابي عددا من التحديات الخطيرة شملت أعمال عنف وإرهاب.
لكن ومنذ ثورة 30 يونيو/حزيران وعلى مدار 8 أعوام، نجحت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كسر شوكة الإرهابيين، ودحر الجماعات التكفيرية والإرهابية عبر بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب.
وامتدت أذرع الأجهزة الأمنية المصرية لتوجيه ضربات قوية للعناصر الإرهابية التي كانت تهدد أمن مصر القومي، وأحبطت أيضا الكثير من العمليات الإرهابية كما تمكنت من اصطياد العناصر الخطيرة، بفضل يقظة أجهزة الأمن.
وتمكنت مصر من خفض وتيرة العمليات لمعدلات غير مسبوقة مقارنة بعام 2014 الذي شهد تصاعد وتيرة الإرهاب ردا على سقوط جماعة الإخوان الإرهابية، إضافة إلى نجاح الدولة المصرية في تعقب مصادر التمويل وتشكيل لجان لمكافحة تمويل الإرهاب وهو ما ساهم في تجفيف منابعه.
آثار عابرة للحدود
الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن "فضل 30 يونيو/حزيران في محاربة الإرهاب عابر للحدود حيث لم يتوقف فقط عند مصر لكن امتد أثره للمنطقة بأكملها".
وهو ما أوضحه بالقول أن "آثار 30 يونيو/حزيران لم تقتصر فقط على مصر، لكنها كانت بداية النهاية لانحسار ما يسمى بتيار الإسلام السياسي في العالم العربي كله".
كما شدد على أنه "لم يكن بمقدور مصر القيام بهذه المهمة التاريخية، علاوة على قيام القاهرة أيضا بدور رئيسي وفاعل في مواجهة الإرهاب بحدودها الغربية في ليبيا، حين رسمت خطا أحمر هو سرت – الجفرة".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد في كلمته التي ألقاها السبت، 20 يونيو/حزيران من العام الماضي، خلال جولة تفقدية لعناصر المنطقة الغربية العسكرية أن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيا، مؤكدا أن "جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمرا ضروريا". وشدد على أن "سرت والجفرة خط أحمر".
الخلاص من حكم الإخوان
كما شدد أستاذ العلوم السياسية على أنه "ما لم يكن لثورة 30 يونيو/حزيران دور وفضل سوى أنها خلصت مصر من حكم جماعة الإخوان لكان هذا الأمر كافيا جدا".
وأوضح أنه "كتب لمصر أن تعود إلى مسارها الطبيعي عقب الثورة، بعد أن بدأت معركة قوية لمقاومة الإرهاب والتطرف حين فجرت عناصر الجماعة موجة عارمة من موجات الإرهاب سواء بمهاجمة مؤسسات الدولة، أو دور العبادة، وجميعها أمور موثقة".
وأضاف: "انتهت المعركة بالوصول إلى الوضع الحالي الذى نحن فيه، وأصبحت العمليات الإرهابية فيه نادرة الحدوث".
نقل التجربة المصرية
ومن جهته، اعتبر السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن "مصر اتبعت سياسة داخلية حكيمة في القضاء على الإرهاب وذلك كأساس لبناء الدولة القومية واستعادة مؤسساتها، والتفرغ لعملية تنموية واقتصادية واجتماعية مهمة وضرورية لإطلاق طاقات الاقتصاد المصري".
كما أن "ثورة 30 يونيو كانت الأساس التي بنت عليها مصر حركة دؤوبة بالاتجاه الإقليمي سواء كان الأمر يتعلق بليبيا أو شرق المتوسط أو فلسطين وغزة أو سوريا، أو العراق أو اليمن.. حيث يقود الاستقرار الإقليمي إلى مزيد من النمو والانطلاق بطاقات المنطقة إلى آفاق أبعد".
عبور جديد
وأبرز حجازي أن مصر من الدول صاحبة الإنجاز الأهم في القضاء على الإرهاب، وبدأت تنقل رؤاها وأفكارها وتدرب أشقائها الأفارقة وتتبادل معهم الخبرات لمواجهة خطر الإرهاب الذى يهدد عملية التنمية والأمن والاستقرار في القارة.
واعتبر أن "هذا التكامل المصري الأفريقي في محاربة الإرهاب هو نتاج لتجربة مصر الواعية والشاملة في مواجهة هذا الخطر الذي يهدد مستقبل مصر وأفريقيا ونجحت فيه مصر وآن أوان نقل خبراتها للدول الأفريقية والعالم".
ورأى أن "ثورة مصر في 30 يونيو/حزيران، عملية نصر جديد وعبور جديد ومعركة العبور هذه المرة تتم للداخل، حيث كان الداخل المصري بحاجة لتدخل ثوري في كل المجالات والأنشطة التي اهتمت بها مصر بعد ثورتها.
تغيير البوصلة
ومن جهته، قال عمرو فاروق الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي لـ"العين الإخبارية" إن "ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، غيرت بوصلة المشهد السياسي في مصر والمنطقة العربية بشكل دراماتيكي، وأعادت كتابة التاريخ الحديث بشكل مغاير عما كان مرسوما ومحددا له وفقا لمشاريع وأطماع استعمارية داخل الشرق الأوسط برعاية تركية وإيرانية".
وأوضح فاروق أن "الثورة أجهضت محاولات تدمير مفاهيم الدولة الوطنية القومية لصالح الأممية الراديكالية الأصولية التي لا تعترف بالأوطان وحدودها ومقدرات الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم".
نهاية مطامع أردوغان
وأردف: "كما أوقفت محاولات تمصير الإرهاب وتحويل القاهرة لمرتع للتنظيمات المتطرفة المنشطرة، التي يكفر بعضها البعض ويقتل بعضها البعض تحت شعارات تطبيق الشريعة".
وأشار كذلك إلى أن "الثورة أنهت حلم ومطامع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في النفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية على المنطقة العربية والشرق الأوسط، مدعيا أنها إرثا لأجداده، تحقيقا لمشروع الدولة العثمانية الجديدة، أو (تركيا الكبرى)، ومساعيه للاستيلاء على النفط الليبي والغاز في البحر المتوسط".
وفي هذا الصدد، أضاف: "عرقلت الثورة استكمال مخططات تركيا وإيران في تدمير باقي دول المنطقة ومساعيهم في تحويل السودان والجزائر ولبنان إلى معسكرات للقتال المسلح والانجراف بهم لسيناريوهات التقسيم على غرار ما يتم في سوريا والعراق واليمن وليبيا، فضلا عن مطامعهم داخل دول الخليج وأفريقيا ومقدراتها".
يشار إلى أن "الرئيس السيسي وخلال الـ8 أعوام السابقة طرح عددا من المبادرات المهمة لمواجهة الإرهاب ومكافحة التطرف.
فضمن جهود مصر لدعم الجهود العربية والدولية لمحاربة الإرهاب، وافقت جامعة الدول العربية، في مارس/آذار 2015 على فكرة الرئيس السيسي، بإنشاء "قوة عربية مشتركة"، تستهدف حفظ وصيانة الأمن القومي العربي ومجابهة الإرهاب، كما قررت الجامعة وقتها إعداد بروتوكول، يتضمن 12 مادة، تحدد تعريفا كاملا وترسم سيناريو واف لمهام القوة.
وقال السيسي في كلمة تلفزيونية بعنوان ''حديث الرئيس''، إن "الجيش المصري ليست له رغبة في غزو أو مهاجمة الدول الأخرى، ولكنه سيدافع عن مصر والمنطقة إذا اقتضت الضرورة وبالتنسيق مع أشقائنا العرب''.
ومع دعوة الرئيس السيسي، لتشكيل "قوة عربية موحدة لمحاربة الإرهاب"، عاد الحديث مجددا عن تفعيل اتفاقية "الدفاع العربي المشترك"، الموجودة منذ قرابة 70 عاما.
وفي يوليو/تموز 2017، أصدر الرئيس السيسي، قرارا بإنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، من أجل حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره.
وانضمت مصر أيضا إلى "التحالف الإسلامي العسكرية لمحاربة الإرهاب"، والذي أعلنت عنه السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2015، ويضم الآن 41 دولةً عضوًا، تعمل معا لتنسيق وتكثيف جهودها في الحرب الدولية على التطرف والإرهاب والانضمام إلى الجهود الدولية الأخرى الرامية إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين.
كما أكد الرئيس السيسي خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/شباط 2019 أن "عدم الاستقرار وظاهرة الإرهاب يمسّان أمن العالم، إذا لم يتم التعامل معهما بشكل متكامل وبتعاون دولي حاسم".
وفي فبراير/شباط 2020، اقترح الرئيس السيسي، خلال مشاركته بالقمة الأفريقية، استضافة مصر لقمة أفريقية تخصص لبحث إنشاء قوة أفريقية لمكافحة الإرهاب، انطلاقا من مسؤوليات مصر تجاه القارة وإيمانا منها بأهمية ذلك المقترح لتحقيق السلم والأمن بها".