ملك فرنسا لويس التاسع في محاكمة قاتل نيرة أشرف.. العظة من التاريخ
اختزل عبَر التاريخ والجغرافيا في جملة بليغة مهدت لقرار ينتظره المصريون والعالم، ووجه سهاما للقاتل استبقت حكم إعدامه.
كلمات مؤثرة وجهها المستشار بهاء المري رئيس محكمة جنايات المنصورة بمصر قبيل النطق بالحكم وإحالة أوراق الطالب محمد عادل قاتل زميلته نيرة أشرف إلى مفتي الجمهورية.
واللافت أن العبارة استحضرت ملك فرنسا لويس التاسع و"معركة المنصورة" وانتصارات المصريين، فقدمت مقاربة لافتة لعبر التاريخ وجلدت القاتل قبل إحالته إلى مصيره.
"لقد جئت بفعل خسيس هز أرضا أبية أسرت لويس"؛ هكذا قال المستشار المري متوجها للمتهم، قبل أن يضيف: "وأهرقت دما طاهرا بطعنات غدر.. وذبحت الإنسانية كلها يوم ذبحت ضحية بريئة".
وتابع: "مثلك كمثل نبت سام في أرض طيبة كلما عاجله القطع قبل أن يمتد كان خيرا للناس وللأرض التي نبت فيها".
"نبتة سامة" تدنس حشيش الأرض وثمارها وتلوث جمالها تماما كما جريمة محمد عادل التي هزت الرأي العام المصري والعربي والدولي، بإقدامه على قتل زميلته غدرا أمام بوابة مجمع كليات جامعة المنصورة.
واللافت في كلمة المري التي وجهها للمتهم، استحضاره "معركة المنصورة" من خلال ملك فرنسا لويس التاسع، فما تفاصيل هذه الملحمة وأية رمزية لها حتى تحضر محاكمة بهذا الحجم؟
لويس التاسع
أحداث "معركة المنصورة" تعود إلى 772 عاما، وكتبت في 7 أبريل/ نيسان عام 1250، نهاية "الحملة الصليبية السابعة"، بسقوط قائدها ملك فرنسا لويس التاسع، المعروف أيضا باسم لويس القديس، أسيرا بأيدي المصريين.
حملت الإشارة التاريخية رمزية المكان وشموخ ونضال أهالي المنصورة الذين احتشدوا لقتال "الصليبيين" فأقاموا المتاريس وكمنوا لجنود الملك لويس التاسع في كل شبر، وأغاروا على معسكره وأرهقوه، وساهموا في تحقيق النصر عليه.
انتصار شكل نتاجا لما بذله أهالي المنصورة من تضحيات بالدم من أجل قضية وجودية، في إشارة استنكار واضحة من قيام المتهم بقتل زميلته والاعتداء على حقها في الحياة.
وكانت كلمات المستشار بمثابة رسالة للإنسانية جمعاء، وقبلها للمصريين تذكرهم بتاريخهم المجيد الذي لم تصوب فيه أسلحتهم إلا بوجه عدو وطنهم، مذكرا في الآن نفسه بالقيم الأساسية في الحياة وعواقب انتهاك حقوق المرأة والحط من قيمتها ودورها بالمجتمع.
ففي كلمته البليغة قال: "دنيا مقبلة بزخارفها وإنسان متكالب على مفاتنها. مادية سيطرت فاستلبت العقول وصار الإنسان آلة. يقين غاب وباطل بالزيف يحيا وتفاهات بالجهر تتواتر. وبيت غاب لسبب أو لآخر. والمؤنسات الغاليات صرن في نظر الموتورين سلعة والقوارير فواخير".
وأضاف: "يا كل فئات المجتمع.. لا بد من وقفة، يا كل من يقدر على فعل شيء.. هلموا، اعقدوا محكمة صلح كبرى بين قوى الإنسان المتباينة، لننمي فيه أجمل ما فيه، أعيدوا النشء الملتوي إلى حظيرة الإنسانية، علموهم أن الحب قرين السلام، قرين السكينة والأمان، لا يرتفع أبدا بالقتل وسفك الدماء (...)".
وأثار مقتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعتها استنكارا واسعا عبر حدود مصر إلى العالم بأسره، فيما قررت محكمة جنايات المنصورة، الثلاثاء، إحالة أوراق المتهم للمفتي لأخذ الرأي الشرعي فى إعدامه بتهمة القتل العمد، وتحديد جلسة 6 يوليو/ تموز المقبل للنطق بالحكم.