العلاقات المصرية-الكويتية و"الحوادث العابرة".. تنسيق رشيد يجهض "تربص الإخوان"
يطير الصيادون في المياه العكرة؛ خاصة نشطاء تنظيم الإخوان المسلمين فرحا، بأي حادثة، يجدون منها مدخلا لدق إسفين الخلاف بين الدول العربية، لضرب الوحدة والتماسك، تطبيقا لأجندة خاصة.
وهذا ما قام بها الإخوان مؤخرا حين وظفوا اعتداء بعض حراس الأمن على طلبة كويتيين في مصر، لتتداعى الأقلام المغرضة وتنفخ في زوبعة حادثة عابرة، من أجل ضرب علاقات متجذرة وعريقة بين بلدين تعاهدا على المصير المشترك.
واقعة الإسكندرية عابرة
غير أن "التنسيق الرسمي عالي المستوى بين مصر والكويت عكس ما سعى إليه عناصر الإخوان وغيرهم، تعامل مع تلك النوعية من الحوادث، برشاد سياسي وحكمة عالية، وفقا لمحللين وخبراء من البلدين.
وقال خبيران سياسيان تحدثا لـ"العين الإخبارية"، إن القادة في مصر والكويت، يعتبرون مواقف كحادثة المشاجرة التي جرت السبت الماضي ، بين عدد من الطلبة الكويتيين الدارسين بالإسكندرية ورجال حراسة، أمورا "فردية وعابرة، وليست نمطا وخطا في العلاقة الراسخة والتاريخية بين البلدين".
وألقى الخبيران السياسيان باللائمة على جماعة الإخوان وبعض الجهات الأخرى، "التي تسعى عبر أبواقها الإعلامية إلى محاولة استغلال مثل هذه الحوادث في محاولة لتأزيم العلاقة، والزعم بوجود خلافات سياسية على غير الحقيقة بين الدولتين".
رفض رسمي كويتي لاستغلال واقعة معزولة
ورسميا، دعت وزارة الخارجية الكويتية، السلطات المصرية المعنية بأخذ الإجراءات اللازمة والرادعة بشأن واقعة المشاجرة، واصفة الواقعة بـ"تصرفات فردية مرفوضة لا تعكس رمزية العلاقات الأخوية بين دولة الكويت وجمهورية مصر العربية الشقيقة".
وقال البيان، إن السفير منصور عياد العتيبي، نائب وزير الخارجية الكويتي، تواصل مع السفير المصري لدى الكويت أسامة شلتوت، للوقوف على الإجراءات التي قامت بها السلطات المصرية "حيال اعتداء بعض رجال الأمن على بعض الطلبة".
وأبلغ نائب الوزير السفير المصري بأن وزارة الخارجية سوف تتابع بالتنسيق مع سفارة دولة الكويت في القاهرة ما سوف تتخذه السلطات المصرية من إجراءات بهذا الخصوص.
وفي بيان سابق، أعلنت سفارة دولة الكويت في القاهرة، أنه تم عصر السبت 7 يناير/كانون الثاني الجاري، الإفراج عن جميع الطلبة الكويتيين في واقعة المشاجرة بينهم في أحد المجمعات التجارية بالإسكندرية، داعية إياهم إلى الالتزام بالأنظمة والقوانين المعمول بها هناك.
إغلاق باب التربص الإخواني
وفي تعقيبه، قال المحلل السياسي والأكاديمي المتخصص بالشأن الدولي الدكتور طارق فهمي، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "التنسيق الرسمي بين مصر والكويت يتعامل مع هذه الحوادث، كمواقف فردية وعابرة تفهم في سياقها فقط، وليست نمطا وخطا في العلاقة التاريخية بين البلدين".
وأكد "فهمي" أن بيان الخارجية الكويتية بشأن الأزمة، "إيجابي وحكيم ويحمل رشادة سياسية في التعامل مع طبيعة الأزمة، وبأن هناك من يحاول التربص بنمط العلاقة بين البلدين".
وأوضح قائلا إن "أبواق الإخوان ومنصاتها الإعلامية تسعى إلى توجيه مسار الحدث، واستغلاله لتأزيم العلاقات بين الكويت ومصر، وإحداث أزمة، لكنها علاقات راسخة لن تتأثر بهذا الحادث أو ذاك".
تشويش على التنسيق بشأن الإرهاب
وإشارة إلى تسليم الكويت، بعض الخلايا الإرهابية لمصر في إطار التنسيق والتعاون الأمني بين الدولتين، قال فهمي "إن التنظيم الإخواني يرد بمحاولة إحداث فتنة، والنفخ في حادث المشاجرة لتأليب الرأي العام لخدمة أغراضها".
وأشار "فهمي" إلى أن حادث المشاجرة بالإسكندرية الفردي، لم يكن الأول من نوعه، بعد أن سبقه أزمات متتالية، كأزمة العمالة المصرية في الكويت، وغيرها لكن الدولتين تتعامل مع تلك الحوادث بذكاء شديد ووضعها في سياقها كمواقف عابرة، ولن تؤثر في مسيرة ومسار العلاقات".
وإذ لفت إلى أن البيان الكويتي جاء لتسجيل موقف فقط دون اتهام أحد، قال الأكاديمي المصري إن "القاهرة لديها مقاربة أيضا بأن هناك جهات معنية تحقق في الموضوع، وهي حريصة بشدة على الحفاظ على نمط العلاقة".
محلل كويتي: العلاقات مع مصر بخير
وبدوره، اتفق الدكتور فهد الشليمي، مدير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية بالكويت، مع ما ذهب إليه المحلل السياسي المصري، قائلا إن :"الحوادث التي تقع بين وقت وآخر سواء على صعيد المشاجرات وغيرها جميعها عابرة، ولن يكون لها تأثير على قوة العلاقات بين البلدين".
وأوضح "الشليمي" في حديث خاص من الكويت، لـ"العين الإخبارية" أن علاقات بلاده مع مصر راسخة ومتجذرة، وهناك تعاون أمني واقتصادي قوي بين البلدين.
وأبرز المحلل السياسي الكويتي أن وسائل الإعلام المعادية الإخوانية، تحاول استغلال مثل هذه الحوادث وتصويرها كأنها خلافات سياسية بين الدولتين، لكنها لن تؤثر على متانة العلاقات الكويتية المصرية.
وأضاف : "مثل هذه الحوادث كالمشاجرات تحدث في كل بلد، لكن وسائل الإعلام الإخوانية تسعى لاستغلالها للتأثير في العلاقات".
يشار إلى أن العلاقات المصرية الكويتية، تميزت بطبيعة خاصة، فهي علاقات متجذرة وتاريخية جمعت بين البلدين الشقيقين رسميا وشعبيا، وجسدتها العديد من المواقف الأخوية بين البلدين، وهي نموذج يحتذى به في العلاقات الدولية، حيث يؤكد البلدان دائما تأييدهما ووقوفهما إلى جانب بعض بما يحقق أمنهما واستقرارهما.
كما تقوم العلاقات بين الشعبين المصري والكويتي على "المحبة والود المتبادل من منطلق الأخوة والعروبة، وتحظى الجالية المصرية المتواجدة في الكويت باهتمام ورعاية كبيرين من جانب القيادة والشعب الكويتي"، وفقا لبيانات مصرية سابقة.
علاقات ممتدة تُسقى بماء الودّ
وشهد عام 2022، وتحديدا في 22 من شهر فبراير/ شباط الماضي، زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي لدولة الكويت، وكان في استقباله خلالها بالمطار الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ولي عهد الكويت.
والتقى السيسي حينها الشيخ نواف الجابر الصباح، أمير الكويت؛ للتهنئة بعيد الكويت الوطني، كما عقد الرئيس المصري على هامش الزيارة جلسة مباحثات رسمية.
كما قام رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي في العاشر من شهر مارس/آذار الماضي بزيارة رسمية مع وفد يضم 10 أعضاء من مجلس النواب لدولة الكويت بناء على دعوة من رئيس مجلس الأمة الكويتي.
وتضمنت الزيارة جلسة مباحثات موسعة مع رئيس وأعضاء مجلس الأمة الكويتي، تناولت سبل تعزيز العلاقات البرلمانية المصرية – الكويتية، وتبادل الخبرات بينهما، وتنسيق المواقف البرلمانية المصرية الكويتية في المحافل البرلمانية الدولية والإقليمية.
تعاون اقتصادي وعمالة مصرية بالكويت
كما نظمت الكويت في 18 من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فعاليات الأسبوع المصري الكويتي بمشاركة أكثر من 80 مؤسسة كويتية ومصرية في قطاعات الصناعة والنفط والاستثمار والبنوك والطب والسياحة والإعلام والثقافة والاتصالات ووكالة أنباء الشرق الأوسط، في أكبر تجمع كويتي - مصري يسهم في تدعيم أواصر الترابط بين الكويت ومصر، وفي إكمال ملامح الصورة المشرقة في شتى المجالات.
وأظهرت إحصائية كويتية صادرة في فبراير/ شباط الماضي، أن العمالة المصرية احتلت المرتبة الأولى في سوق العمل بالكويت بنهاية سبتمبر/ أيلول 2021، متفوقة على العمالتين الهندية والكويتية، وحينها وصل عدد العمال المصريين بالكويت إلى 456.6 ألف عامل وعاملة، بنسبة 24% من سوق العمل بالبلاد.