عن عمر يناهز 89 عاما رحلت في صمت إيزابيل بيدرو التي توصف بأنها الجاسوسة الإسرائيلية الأبرز في جهاز "الموساد".
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير عن الجاسوسة، تابعته "العين الإخبارية": "قبل ستين عامًا، استقلت إيزابيل بيدرو طائرة "إل عال" المقلعة من تل أبيب إلى باريس".
الفحص الأمني في مطار بن غوريون في تل أبيب كان قصيرا ورافقها أحد عملاء الموساد في طريق قصير إلى الدرج المؤدي إلى الطائرة.
في صباح اليوم التالي، اجتمعت لأول مرة بصفتها عميلة لوكالة "الموساد"، كان محاورها رجلاً قصيراً وعريضاً ذا شارب كث، وقدم نفسه على أنه مايكل، لكن اسمه الحقيقي كان إسحاق شامير، الذي أصبح رئيسا لوزراء إسرائيل بعد أن بدأ عمله كقائد وحدة عمليات في "الموساد".
"ستكون مهمتك اختراق مصر والسفر عبر البلاد، ومراقبة أي زاوية عسكرية محتملة، ومراقبة الأحداث غير العادية، والاستماع إلى ما تقوله النخب، وإقامة العلاقات واستخدام حواسك بناءً على فهمك" كانت تعليمات شامير لها.
لاحقا اجتمعا أكثر من مرة في مطاعم ونواد ليلية.. "إنها أفضل الأماكن للاجتماعات السرية" قال لها شامير.
وعنه قالت لاحقا بيدرو: "لقد كان محبًا للفرانكوفونية تمامًا، كان من دواعي سروري التحدث بالفرنسية معه، لم يعرف طريقه في باريس فحسب، بل أحب المدينة وطعامها".
بعد تلقيها التعليمات، غادرت بيدرو إلى مصر التي كان رئيسها في حينه جمال عبد الناصر وهو بالنسبة لإسرائيل أحد أكبر الأعداء.
وقالت "هآرتس": "أخفت بيدرو جهاز شفرة مورس الخاص بها في حقيبة خشبية ذات قاعتين، كان لديها أيضًا راديو على الموجات القصيرة للتواصل مع الموساد، حصلت على تأشيرة دخول إلى مصر بعد أن أبلغت السلطات أنها مهتمة بدراسة علم الآثار هناك، في غضون وقت قصير، اندمجت في المجتمع المصري الراقي".
وأضافت: "في رحلاتها الأثرية المزعومة، لاحظت أن الجيش المصري كان ينقل شحنات أسلحة معبأة إلى السودان على متن قطارات. في إحدى الرحلات، مرت بمطار كبير به عشرات الطائرات السوفياتية المتوقفة".
وعن هذه الحادثة، كتب الصحفي الإسرائيلي شلومو ناكديمون: "نزلت من القطار، وعلمت اسم المطار عن ظهر قلب، وعدت الطائرات".
وأضاف: "في ميناء الإسكندرية، تتبعت السفن الحربية المصرية. وفي أسوان، زارت المنطقة التي يتم فيها بناء سد جديد على النيل. ونقلت هذه المعلومات إلى معالجيها أو سلمتها خلال الاجتماعات التي عقدتها خارج مصر".
وعائلة بيدرو من جهة والدها لها جذورها في طليطلة في إسبانيا.
وعن ذلك قالت بيدرو في مذكراتها: "تقليد العائلة، المتوارث عبر الأجيال، هو أن أحد أسلافي، ويدعى دون بيدرو، كان مسؤولاً عن شراء خيول أصيلة لأحد ملوك إسبانيا، وظيفته هذه أبقته هو وعائلته خارج براثن محاكم التفتيش".
وأضافت: "في عام 1531، غادر دون بيدرو وعائلته إسبانيا بموافقة الملك واستقروا في هولندا، وانقسمت الأسرة فيما بعد. بقي البعض في هولندا بينما انتقل البعض الآخر إلى بريطانيا والبعض الآخر إلى بولندا".
وعاش والدها إسحاق بيدرو في بولندا وخدم في الجيش البولندي وهرب عام 1921 إلى فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
وكان من مؤسسي كيبوتس "جفعات هشلوشة"، ثم انتقل بعد ذلك إلى أوروغواي حيث تزوج من قريبة له.
ولدت ابنتهما إيزابيل عام 1934، ودرست في شبابها الهندسة المعمارية والرسم في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة في مونتيفيديو، فضلاً عن نشاطها في الشؤون الصهيونية.
وعن ذلك تقول بيدرو: "ذات يوم، جاءت وزيرة الخارجية الإسرائيلية غولدا مئير إلى مونتيفيديو، وقدمنا لها، في سلسلة حية ، جميع منظمات الشباب الصهيوني. وفي حضورها، طلبت من زملائي بقوة على بذل المزيد من أجل إسرائيل".
"هل تتكلمين اليديشية؟" سألتها مئير، "ثم التفتت نحوي وقالت: نريدك في إسرائيل".
في عام 1961 هاجرت بيدرو إلى إسرائيل، ودرست العبرية في كيبوتس "أوشا" بينما كانت تعيش في "جفعتايم"، كما درست الهندسة المعمارية.
وفي عام 1965، بعد المغامرة التي قامت بها للموساد، عادت إلى إسرائيل وبدأت الرسم والعمل كمصممة ديكور.
وتزوجت إيزابيل من رجل الأعمال بن عامي كابلان، وهو من عناصر عصابة الإرغون، وتوفي في عام 2005.
بيدرو توفيت الشهر الماضي عن عمر يناهز 89 عامًا، تاركًة وراءها ولدين.