مصر تقترب من تحقيق حلم التحول إلى مركز إقليمي للطاقة
خبراء يؤكدون أن القاهرة بدأت ترجمة الاتفاقيات المُبرمة لإمدادات الغاز الطبيعي إلى خطوات تنفيذية على أرض الواقع
تتحرك مصر سريعا في عدة محاور بالتوازي في استراتيجية التحول لمركز إقليمي لتداول الطاقة بالشرق الأوسط، والتي ترتكز على تطوير موانئ البحرين الأحمر والمتوسط لتمكينها من استيعاب كميات أكبر من إمدادات الغاز الطبيعي، بالتزامن مع تزويدها بإمكانيات تموين السفن بالغاز المُسال.
وعرضت اللجنة الحكومية الخاصة بتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة على وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا المواقع المقترحة لتنفيذ مشروع تموين السفن بالغاز الطبيعي المسال، في ظل الدراسات التي تشير إلى زيادة نسبة استخدامه كوقود بديل لتموين السفن في ضوء ما أعلنته المنظمة البحرية الدولية.
- 16 كشفا للغاز الطبيعي في مصر خلال 2018
- مصر توقع اتفاقيتين للتنقيب عن البترول والغاز باستثمارات مليار دولار
وخلال أحاديث منفصلة مع "العين الإخبارية"، أوضح مسؤولون وخبراء بمجالات الاستثمار بالغاز الطبيعي واللوجستيات، أن الشهور الأربعة الأخيرة شهدت إبرام مصر اتفاقيات دولية حان الوقت لاتخاذ خطوات تنفيذية بشأنها، أبرزها توقيع اتفاق مع الحكومة القبرصية في 19 سبتمبر/أيلول الماضي لتشكيل لجنة تختص بوضع تفاصيل إنشاء خط أنابيب تحت البحر يربط حقل "أفروديت" البحري للغاز الطبيعي بمحطة إدكو للإسالة بتكلفة تصل إلى مليار دولار.
وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقعت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس مذكرة تفاهم لدعم تموين السفن بالغاز المسال، خلال حفل افتتاح مؤتمر "سيبكون" لتموين السفن في سنغافورة.
وعن التوقيع، قال رئيس هيئة قناة السويس رئيس هيئة المنطقة الاقتصادية للقناة الفريق مهاب مميش إن المنطقة تسعى لجعل موانئها إحدى المحطات العالمية لتموين السفن بالغاز تماشيا مع سياسة التحول لمركز إقليمي للطاقة، وإن مذكرة التفاهم تتزامن مع الإعلان عن مشروع الخدمات البحرية وتموين السفن الذي تم إطلاقه بموانئ المنطقة الشمالية بقناة السويس.
من جانبه، قال خبير اللوجستيات والنقل البحري، الدكتور أحمد الشامي، لـ"العين الإخبارية"، إن مصر تستقبل قرابة 35 ألف سفينة سنوياً تتوزع بين 18 ألف سفينة تعبر قناة السويس و17 ألف سفينة أخرى تحصل على خدماتها من الموانئ المصرية دون عبور القناة مثل الإسكندرية ودمياط وغرب بورسعيد والسخنة والأدبية.
وأضاف: أن هناك تحولا عالميا نحو دخول سفن خلال عام 2019 للخدمة تعتمد على الغاز الطبيعي في التشغيل، بناء على دعوة المنظمة البحرية الدولية في إطار الحفاظ على البيئة ومواكبة التحولات المناخية.
وحسب ما أعلن مميش فبموجب مذكرة التفاهم الموقعة لدعم تموين السفن بالغاز المسال فإن مصر انضمت بذلك إلى 9 دول تشمل اليابان، سنغافورة بلجيكا، الولايات المتحدة، هولندا، كوريا، فرنسا، كندا، الصين، ما يؤهل موانئ المنطقة الاقتصادية للقناة للعب دور فعال في هذا المجال الحيوي.
فيما أشار الشامي إلى أن إنشاء موانئ تزويد السفن بالغاز الطبيعي يعتمد على شقين أساسيين، الأول هو تدشين مستودعات للتخزين، والآخر مد أنابيب تغذية الميناء بالغاز الطبيعي بشكل يكفي تغطية احتياجات السفن، وهنا يكمُن الجانب الأكبر من التكاليف.
وأكد أن مصر ما زالت تمتلك متسعا كافيا من الوقت لإجراء دراسات الجدوى الفنية والمالية اللازمة لاختيار مواقع الموانئ، التي تتنوع ما بين البحرين المتوسط والأحمر بشكل عام، والموانئ الست المُطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس، وهي شرق وغرب بورسعيد، والسخنة والأدبية والطور والعريش.
من جانب آخر، تحتاج مصر إلى تطوير البنية التحتية لشبكات نقل النفط والغاز بالموانئ المصرية حتى تستوعب التدفقات المستقبلية القادمة من حقل أفردويت في قبرص بمقتضى الاتفاق الموقع مع الحكومة القبرصية، إضافة إلى نقل أي تدفقات مستقبلية من حقلي تمارا وليفياثان في إسرائيل.
ويعلق رئيس جمعية مستثمري الغاز المسال رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات الدكتور محمد سعد الدين، لـ"العين الإخبارية"، بأن العديد من الموانئ المصرية مثل الإسكندرية ودمياط وبورسعيد مُزودة بشبكة أنابيب لنقل الغاز والمشتقات البترولية، إضافة إلى خط السوميد لنقل البترول من ميناء العين السخنة بخليج السويس إلى ميناء سيدي كرير المُطل على البحر المتوسط.
وأوضح سعدالدين أن البنية التحتية بالموانئ مُجهزة لاستقبال الكميات المُنتجة محليا من الغاز الطبيعي، ولا سيما القادمة من حقل ظُهر بشرق البحر المتوسط والذي وصل إنتاجه مؤخرا إلى 3 مليارات قدم مكعب يوميا، بينما نحتاج إلى تطوير البنية التحتية لاستقبال الغاز القبرصي والإسرائيلي بهدف إعادة تصديره عبر سفن نقل الغاز الطبيعي.
وأكد أن تطوير شبكة البنية التحتية للغاز الطبيعي بالموانئ المصرية يُشكل ضلعا رئيسيا في أضلاع مثلث التحول لمركز إقليمي لتداول الطاقة، وذلك بعد إعادة تشغيل محطتي الإسالة إدكو ودمياط، وفي انتظار مد خط الأنابيب القبرصي، علماً بأنه يوجد خط أنابيب فعلي لنقل الغاز الإسرائيلي.
وحسب تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن مد خط أنابيب من قبرص إلى مصر هو أكثر وسيلة منطقية من الناحية التجارية لاستغلال حقل أفروديت، حيث سيتم ربط الخط بالشبكة التي توفّر الخدمات لحقل ظُهر البحري المرتبط بموانئ مصرية، بغرض إعادة تصدير الغاز إلى أوروبا، مما يوفر للمشروع دعم الاتحاد الأوروبي.
ولفت رئيس جمعية مستثمري الغاز المُسال إلى أن مصر تتبنى استراتيجية شاملة لتطوير الموانئ البحرية بالتنسيق بين وزارة النقل وهيئاتها البحرية التابعة وهيئة قناة السويس، مما يجعل تطوير أنابيب الغاز الطبيعي بالموانئ أحد محاور استراتيجية التطوير لرفع الكفاءة التنافسية للموانئ المصرية.
aXA6IDMuMTUuMjAzLjI0MiA= جزيرة ام اند امز