بعد مرور 100 عام هل تنجح مصر في استعادة تمثال نفرتيتي بألمانيا؟
محاولات مصرية لاستعادة رأس نفرتيتي من ألمانيا بعد مرور أكثر من 100 على سلبها
تعد مسألة عودة تمثال نفرتيتي الموجود في ألمانيا منذ عام 1913 من أكبر التحديات التي تواجه وزارة الآثار المصرية في تاريخها، حيث فشلت جميع محاولات الآثار المصرية السابقة على مدار أكثر من 100 عام فى استراد التمثال الأثري النادر الوجود، بسبب تعنت ورفض الحكومات الألمانية السابقة أي طلبات مصرية لرجوع التمثال إلى مصر مرة أخرى.
لم تكن الحملة التي أعلن عن تدشينها د. شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردة، إعلاميًا لاسترداد تمثال نفرتيتي من ألمانيا هى المحاولة المصرية الأولى، فى عام 2007 طالب د. زاهي حواس رسميًا، مدير متحف المصريات في برلين، البروفيسور "ديتريش فيلدونغ"، بإعارة التمثال لمصر، ولكن قوبل الطلب بالرفض، وتعلل بخوفه على التمثال من الأضرار التي ستنتج من نقله إلى مصر، وخوفه من عدم إعادة التمثال لألمانيا مرة أخرى، مما جعل د. حواس يهدد بقطع العلاقات العلمية مع ألمانيا وعدم إقامة معارض للآثار المصرية، هناك ردًا على تعنت الجانب الألماني.
بدأت مطالبة مصر رسميًا حكومة هتلر بألمانيا بعودة التمثال من الحرب العالمية الثانية، عندما اكتشفت مصر وجود التمثال في ألمانيا بشكل غير شرعي، وبالفعل وافق هتلر تسليم التمثال لمصر تقربًا للمصريين الذين ساندوا ألمانيا على أمل التخلص من الاحتلال الإنجليزي، ولكن بعد زيارة هتلر للمتحف وتوقفه أمام التمثال وانبهاره بجماله، وعند علمه بأنها ستغادر ألمانيا بناء على وعده قال جملته الشهيرة "هي جميلة رائعة بالفعل لا لن تغادر ألمانيا ستبقين هنا للأبد أيتها الجميلة ".
وصف التمثال:
يعد تمثال نفرتيتي الذي يبلغ من العمر 3360 عامًا، ذات التاج الأزرق مع الإكليل الذهبي، وعلى جبينها ثعبان الكوبرا المشهور، رمزًا للنحت المصري القديم، وعلى الرغم من أنه وليد فترة عصر "تل العمارنة"، التي شهدت ثورة فنية على الفن الكلاسيكي المعروف بانضباطه الفني في تناول ملامح الوجه والبنية الجسدية المثالية، وميلها للمدرسة الواقعية في التصوير والنحت حيث إبراز الأشخاص بكامل عيوبهم الجسدية مثل السمنة والترهل في منطقة البطن والأرداف، وعدم المبالغة فى حجم العضلات أو ضخامة الأجسام، حيث جاء التمثال المصنوع من الحجر الجيرى الملون بطبقة من الجص، والذي يبلغ طوله 47 سم، ويزن 20 كيلوجرام، كلاسيكيًا في تناول مقاييس الوجه وإبراز جماله ومفاتنه، حيث أن جانبا الوجه متماثلان تمامًا.
حياة نفرتيتى:
تعد نفرتيتي أحد أشهر نساء مصر القديمة، وهي رمز من رموز الجمال الأنثوى في العالم، حيث يعني اسمها حرفيًا " الجميلة قادمة "، هى زوجته الملك الشهير إخناتون الذي حكم مصر فى عصر الأسرة الثامنة عشر من 1352 - 1336 ق.م ، وهى حماة الملك الشاب " توت عنخ آمون "، وساندت زوجها في تأسيس الديانة الآتونية الجديدة التي انقلبت على كهنة آمون وديانتها، وانتقلت معها إلى العاصمة الجديدة "تل العمارنة "، وأصبحت أشهر الشخصيات في عصر العمارنة، وقد أنجبت نفرتيتي ست بنات لإخناتون، وقد تقلدت عدة ألقاب منها "الزوجة الملكية العظمى"، و"سيدة الأرضيين" و"سيدة مصر العليا والسفلي"، و " الأميرة الوراثية"، ولايعرف تحديد نهاية نفرتيتى التي، لم تذكر في التاريخ بعد العام الثاني عشر لحكم إخناتون.
قصة العثور على التمثال ورحلته فى المانيا:
تم العثور على تمثال نفرتيتي في 6 ديسمبر 1912، وقد اكتشفته بعثة ألمانية للتنقيب على الآثار بقيادة عالم الآثار الألماني "لودفيج بورشاردت" في تل العمارنة بمحافظة المنيا جنوب مصر، ويقال أن "بورشاردت" قام بخداع وتضليل مسئولي الآثار فى مصر، فقد اقنعهم ان التمثال المكتشف مصنوع من الجبس، وفي عام 1913 قامت الشركة الشرقية الألمانية بتقسيم الاكتشافات التي عثر عليها بين ألمانيا ومصر، وادعت أن التمثال كان على رأس قائمة التقسيم، بالفعل قامت بشحن التمثال إلى ألمانيا في نفس العام.
بعد وصول التمثال إلى برلين، انتقل إلى ممول البعثة الألمانية في تل العمارنة تاجر الآثار "هنري جيمس سيمون"، ثم قام بإيداعه متحف برلين، ولكن ظل التمثال فى مخازن المتحف ولم يعرض للجمهور إلا فى عام 1924 بعد موافقة "سيمون" على عرضه علنا للجمهور كجزء من المتحف المصري ببرلين.
بعد قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939 تم غلق المتحف، ونقل التمثال إلى قبو البنك الحكومي البروسي، ثم إلى مواقع عسكرية محصنة فى برلين للحفاظ عليه، وفي مارس 1945 نقل التمثال إلى منجم ملح ألماني في ولاية " تورنغن "، وفى عام 1956 أعيد التمثال إلى برلين الغربية، وعرض فى متحف " داهيم"، ولكن اعترضت ألمانيا الشرقية على عرض التمثال فى ألمانيا الغربية وأصرت على نقل التمثال ، وبالفعل تم نقل التمثال عام 1967 إلى المتحف المصري في "شارلوتنبورغ"، وبقي هناك حتى عام 2005، وعند افتتاح المتحف الجديد تم نقل التمثال اليه فى أكتوبر 2009 .
أصبح تمثال نفرتيتي واحدًا من أهم التحف الفنية فى ألمانيا التى تنال إعجاب وتقدير الجمهور الألماني الذي يحرص على زيارة التمثال والتقاط الصور معه، حيث أصبح رمزًا للهوية الألمانية، وقامت الحكومة الألمانية بطبع وجه نفرتيتي في عام 1989 على طوابعها والبطاقات البريدية، وفي عام 1999 استخدم حزب الخضر الألماني وجه نفرتيتي على الملصقات الانتخابية، كرمز للثقافات المتعددة.
هل تنجح مصر في استعادة تمثال نفرتيتي وعودته مرة أخرى بعد غياب أكثر من 100 عام في ألمانيا، على الرغم من فشل جميع المحاولات الماضية بسبب تعنت الحكومات الألمانية، ورفضها عودة نفرتيتي مرة أخرى إلى موطنها الأصلي؟؟