تحركات مصر نحو غزة.. جيش أبيض ودعم مادي وحشد دولي
في تناغم كبير، تتحرك مصر سياسيا ودبلوماسيا وعلى الصعيد الإغاثي والطبي لإنهاء معاناة الفلسطينيين ووقف سريع لإطلاق النار مع إسرائيل.
أحدث التحركات المصرية لمساندة الشعب الفلسطيني، ما أعلنته القاهرة، الثلاثاء، بتقديم نصف مليار دولار كمبادرة لصالح إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
وجرى الإعلان عن المبادرة في بيان عقب اجتماع بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني في باريس.
كما أعلنت وزيرة الصحة المصرية الدكتورة هالة زايد، الثلاثاء، إرسال 65 طنًا من الأدوية والمستلزمات الطبية بقيمة 14 مليون جنيه إلى دولة فلسطين لدعم المصابين في قطاع غزة، بالتزامن مع تطورات الوضع الراهن هناك.
ودفعت وزارة الصحة بـ165 سيارة إسعاف، مجهزة بعناية مركزة وجهاز تنفس اصطناعي، بالإضافة إلى أدوية ومستلزمات طبية، علاوة على الدفع بمجموعة فرق انتشار سريع بمعبر رفح البري تضم أطباء "طوارئ ورعاية، وجراحة وعظام".
وعبر الإثنين، أول فوج من الجرحى الفلسطينيين جراء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة معبر رفح البري، لتلقي العلاج في مصر.
كما تنقل سيارات الإسعاف المصري جرحى غزة نحو مستشفيات العريش وبئر العبد والإسماعيلية للعلاج.
وبالتوازي مع تلك الجهود، تسابق مصر الزمن عبر جهود دبلوماسية وأمنية للوساطة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل التوصل لتهدئة ممتدة في غزة .
بارقة أمل
وفي قراءته لدلالات التحركات المصرية تجاه فلسطين، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن "تحركات القاهرة تمثل بارقة أمل للشعب الفلسطيني خاصة قطاع غزة في ووقف آلة الحرب والتوصل لتهدئة؛ تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة تقوم علي إطلاق حل الدولتين".
وأكد حجازي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "مصر تسعى من خلال مواقف جادة ومسؤولة إلى تقديم كل ما تستطيع لأبناء شعبنا في فلسطين؛ لحقن الدماء والسيطرة على هذا الموقف المتفجر".
وأكد أن المساعي المصرية لا تتوقف للتوصل إلى تهدئة ووقف إطلاق النار، و"آمل أن تسفر الجهود السياسية والدبلوماسية عبر التواصل مع الحكومة الفرنسية، والأمريكية، والاتصالات التي يجريها وزير الخارجية سامح شكري، علاوة على الوفود الأمنية المصرية في غزة وإسرائيل إلى وقف لإطلاق النار، وهدنة تسمح بإطلاق عملية سياسية يكون قوامها بناء حل الدولتين".
إعادة الإعمار وتحقيق السلام
وفي هذا الصدد، أعرب حجازي عن أمنيته أن تعمل مصر عقب وقف إطلاق النار على إطلاق مؤتمر لإعادة إعمار غزة، والدعوة أيضا لاحقا لمؤتمر بالمشاركة مع الشركاء الدوليين لإطلاق عملية سلام تحقق التسوية المنشودة، وإقامة الدولة الفلسطينية حتى يتحرك الأفق السياسي جنبا إلى جنب مع الأفق الأمني والعسكري والتنموي أيضا.
الدبلوماسي المصري السابق أكد أن إقامة الدولة الفلسطينية هي "الأمان الوحيد لأمن واستقرار المنطقة، ولأمن الشعب الإسرائيلي ذاته الذي لن يتحقق عبر التصعيد العسكري، الذى يستغله اليمين الإسرائيلي لتحقيق مكاسب انتخابية وسياسية".
وحول مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أطلقها لإعادة إعمار غزة، قال حجازي إن المبادرة تضيف لبنة جديدة من لبنات التحرك المصري الهام والفاعل قوامها إعطاء الأمل لشعبنا في غزة وفلسطين بأن مصر تقف معه على الصعيد الإنساني والصحي والإسناد السياسي و الدبلوماسي.
إدارة الملف باقتدار
من جهته، قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، إن "خط مصر الثابت هو دعم الشعب الفلسطيني سياسيًا وإنسانيًا، ورفع المعاناة التي يعيشها بمختلف الوسائل سواء كانت مساعدات معيشية أو تقديم الدعم الطبي وإعادة البناء والتعمير".
وبين أن "القاهرة لديها من الوسائل والإمكانات التي تمكنها من إدارة الملف باقتدار وأن تكون فاعلة، وتقدم حلول على الأرض بعيدا عن بيانات الاستنكار".
وأوضح أن القاهرة بتحركاتها وتنسيقها مع بعض الأطراف العربية والأوروبية مثل الأردن وفرنسا قد تكون أكثر فاعلية من انتظار قرارات أممية في الغالب لا تظهر للنور، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي أصبح عمله الجماعي عاجزا لا يستطيع أن يقدم شيئا لنصرة الشعب الفلسطيني.
تشجيع للمجتمع الدولي
ولفت وزير الخارجية الأسبق إلى أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإعادة الإعمار في غزة ستشجع المجتمع الدولي على الانخراط في جهود إعادة الإعمار ورفع المعاناة عن أهل القطاع، وستضع إسرائيل أمام صوت التعقل ووقف التصعيد واللجوء إلى الوسائل المشروعة واحترام مبادئ القانون الدولي.
وقال إن مبادرة الرئيس تثبت أن مصر رغم وجودها بضائقة اقتصادية وظروف صعبة تستطيع أن تقدم المعونة للأشقاء بفلسطين، بغض النظر عن بعض الفلتات والهفوات السياسية لبعض الجماعات هناك، لكن مصر تضع مصلحة الشعب الفلسطيني كأولوية أولى.
حفاوة حزبية وسياسية
إلى هذا، حملت تحركات القاهرة السياسية والدبلوماسية، وأحدثها مبادرة إعادة إعمار غزة، إشادات حزبية وبرلمانية مصرية عديدة.
وأكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين (تضم شبابا من كافة أحزاب مصر)، أنها تابعت بكل فخر واعتزاز، ما تبذله القيادة السياسية المصرية، من جهود دبلوماسية، وتحركات سياسية، للوقوف بجانب الأشقاء الفلسطينيين في قضيتهم الوجودية، وحقهم الطبيعي في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وقالت التنسيقية، في بيان، تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "ها هي مصر تثبت كل يوم عبر دعمها المطلق للقضية الفلسطينية بأنها الميزان الإقليمي الذي ينحاز للحق والعدل".
وتابعت: "مصر تؤكد أن القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هي جزء من ثوابت أمنها القومي، وقضية إنسانية عادلة تتصدر أجندة السياسة الخارجية المصرية".
عمق استراتيجي لمصر
من جهته، قال رئيس حزب المصريين الأحرار (ليبرالي)، عصام خليل، إن فلسطين تمثل عمقا استراتيجيا غاية في الأهمية وتحقيق استقرارها ضرورة ملحة والتواني عنها يحدث ما لا يحمد عقباه علي المنطقة ويطول العالم أجمع.
واعتبر أن مبادرة الرئيس السيسي لصالح إعادة الإعمار في قطاع غزة، فضلا عن قيام شركات مصرية متخصصة الاشتراك في تنفيذ، دليل دامغ علي عظمة القاهرة التي أكد أنها رائدة الإنسانية وقائدة البناء والإعمار.
من جهته، قال النائب علاء عابد، عضو مجلس النواب المصري النائب الأول لرئيس البرلمان العربي، في بيان تلقت العين الإخبارية على نسخة منه، إن مصر دائما تضع القضية الفلسطينية على رأس اهتماماتها، حيث قدمت كل الدعم للأشقاء الفلسطينيين من فتح المستشفيات وتقديم إجراءات العلاج اللازم، وتقديم المساعدات الطبية.