تلتزم مصر بسياسة الدفاع بهدف الحماية والردع، لكنها في ظل عدة معطيات إقليمية لا تقبل الشك قادرة على الانتقال من الدفاع إلى الهجوم
سوف يذهب الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نهاية العالم، وسوف يفعل الممكن والمستحيل، ولن يتردد لحظة واحدة، ولن يتنازل قيد أنملة عن تأمين وصيانة الأمن القومي المصري.
إذن نظام أردوغان يعادي مصر من أديس أبابا إلى السودان، ومن طرابلس إلى غزة، ومن سواحل قبرص إلى سواحل اليونانومن هنا يجب أن يكون مفهوماً للجميع الخطوط الحمر في الأمن القومي المصري:
حدود مصر الدولية هي أمن قومي.
سواحل مصر، ومياهها الدولية والاقتصادية المحددة دولياً بنصوص اتفاقيات ومعاهدات الحدود البحرية أمن قومي.
مصادر مياه مصر من منابعها حتى المصب.
آبار الغاز والنفط وثروات مصر الطبيعية هي أمن قومي.
القواعد العسكرية التي تقوم بإيواء وتدريب وتجهيز الإرهاب التكفيري مع حدود مصر شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، هي أمن قومي.
يدرك الرئيس عبدالفتاح السيسي، بخبرته السياسية، ورؤيته الشخصية، ودراسته الاستراتيجية، أن الحرب فعل شديد الخطورة وشديد التكلفة، يتم اللجوء إليه عند الضرورة القصوى، أي حينما يكون قرار الحرب هو الاحتمال الأفضل لمنع خطر أكبر أو لتأمين مقدرات البلاد والعباد من الضرر أو النهب.
يدرك الرئيس السيسي هذا الأمر جيداً، لذلك يعرف بالضبط متى يكون تحرك الجيش من منظور "سياسة دفاعية".. وخير من يصفها بشكل علمي هو د. محمد عبدالسلام في دراسة قيمة أخيرة يقول فيها: "هي القدرة على امتلاك قوة متطورة محمية قادرة على (النجاة) من تبعات الهجوم الأول".
ويدرك أيضاً متى يتم الانتقال من السياسة الدفاعية إلى السياسة الهجومية، وهي القدرة على استخدام قدرة الردع بشكل جزئي أو شامل، بحيث يدرك عدوك أنك "قادر وتستطيع"، ومن ثم يعيد تقييم سياساته العدوانية وتغيير أهدافه السياسية تجاهك.
وفي بعض الأحيان تكون هناك عمليات عسكرية استباقية تقوم بالمبادأة بالضربة ضد "العدو المحتمل" من أجل منعه من الحصول على "ميزات ومكاسب الضربة الأولى"، أو إيقاف عدوانه الأكيد.
حتى الآن تلتزم مصر بسياسة الدفاع بهدف الحماية والردع، لكنها في ظل عدة معطيات إقليمية لا تقبل الشك، قادرة على الانتقال من "الدفاع" إلى "الهجوم".
هنا يبرز السؤال الاستراتيجي: متى تنتقل مصر من سياسة الدفاع إلى الهجوم.
بدون فلسفة أو تنظير.. الإجابة القاطعة هي: حينما يصل التهديد الواضح للأمن القومي المصري إلى المساس بالخطوط الحمر:
السيادة، الحدود، مصادر المياه، الثروات الطبيعية، مواجهة عدائيات الإرهاب سواء من دولة أو من مليشيات.
وللأسف اجتمعت كل هذه الشروط دفعة واحدة في "نظام أردوغان الهستيرى".
شملت عدائيات نظام أردوغان التالي:
1 - دعم حكومة أديس أبابا منذ بداية أزمة المياه مع مصر.
2 - دعم جماعة الإخوان المسلمين بكل فروعها واحتضانها وتقديم العون والملاذ الآمن والإقامة على أراضيها.
3 - السعي لبناء قاعدة عسكرية في منطقة «سواكن» السودانية لتهديد أمن البحر الأحمر وسواحل مصر المطلة عليه.
4 - دعم جماعات الإرهاب التكفيري بالمال والسلاح والتدريب والمقاتلين في ليبيا والسعي لإقامة قاعدة عسكرية دائمة في طرابلس.
5 - توقيع اتفاق باطل قانونياً بالمخالفة للقانون الدولي حول ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.
6 - القيام بأنشطة لتنقيب بحري للغاز قبالة السواحل اليونانية والقبرصية بالمخالفة الصريحة لاتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين قبرص واليونان ومصر.
7 - رعاية جماعات الإرهاب التكفيري في غزة وليبيا ودعمها في أنشطة تخريبية ضد مصر.
8 - نقل بعض جماعات داعش وجبهة النصرة من سوريا عبر تركيا إلى داخل ليبيا بالقرب من الحدود الليبية-المصرية بهدف استهداف الحدود الغربية المصرية بعمليات إرهابية.
إذن نظام أردوغان يعادي مصر من أديس أبابا إلى السودان، ومن طرابلس إلى غزة، ومن سواحل قبرص إلى سواحل اليونان.
وعلى العقل السياسي الأحمق الذي يحرك المشروع "العثماني الجديد" لدى أردوغان أن يدرك أن مناورات البحرية المصرية الأخيرة التي اشتركت فيها 4 غواصات وحاملتا هليكوبتر وقطع من الأسطول المصري في سواحل مصر الدولية هي رسالة "ردع مبدئية" تعكس: الرغبة الوطنية المؤكدة في الدفاع، والقدرة الحقيقية غير المترددة في تحويل "الرغبة في الدفاع" إلى "قدرة واقعية مطبقة على ساحات القتال براً وبحراً وجواً".
رسالة واضحة من رئيس مصر وجيشها الذي لن يقف صامتاً أمام عمليات "الاستفزاز الممنهج" التي يتبعها "حاكم أنقرة"، الذي وصفه زملاؤه وشركاؤه في الحكم "داوود أوغلو، وعلي باباجان" بأنه أضر بمكانة تركيا وسبب لها أضراراً بالغة تحتاج إلى عقود طويلة لإصلاحها.
ويكفي أن علي باباجان قال: "لقد دمر أردوغان تركيا ودمر علاقاتها بالعالم".
من هنا إزاء هذه الشخصية الهيستيرية بدأت مصر بالتعامل معها بإظهار قوة الردع والقدرة على الرد والحماية، ولكن إذا زاد الحد ومس الخطوط الحمراء فلا مزاح مع رئيسها وقائدها الأعلى.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة