كيف أحبطت مصر مساعي "إقليمية" لإفساد علاقاتها بالسودان؟
البلدان نجحا في وضع حد لتلك الخلافات في أعقاب قمة جمعت السيسي والبشير نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
جاءت القمة المصرية السودانية، اليوم الإثنين، وهي الثانية خلال أقل من شهرين، لتؤكد عزم البلدين على السير قدما نحو تجاوز الخلافات وتطوير العلاقات البينية بما يخدم المصالح المشتركة.
- السيسي والبشير يؤكدان العلاقات التاريخية ويتفقان على زيادة التعاون
- السيسي يستقبل البشير تمهيدا لعقد قمة مصرية سودانية
وقال مراقبون إن التعامل المصري مع السودان، منذ بداية الأزمة قبل عدة أشهر، اعتمد على سياسية "الاحتواء"، وكان حاسما في إفشال مخططات إقليمية، لخنق مصر عن طريق توتير العلاقات بين البلدين.
وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مؤتمر صحفي عقب اللقاء الذي جمع الرئيسين إنه اتفق مع نظيره السوداني على حل جميع المشاكل بالحوار والتعاون.. فيما أكد الرئيس عمر البشير تأييده الكامل للرئيس السيسي ولتطوير العلاقات الأخوية.
وفي الآونة الأخيرة شهدت العلاقات بين البلدين توتراً غير مسبوق، كان محور الخلافات فيه مثلث "حلايب وشلاتين وأبو رماد" الحدودي، والموقف من سد "النهضة" الإثيوبي، إضافة لاتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين مناهضين لنظام الرئيس عمر البشير، وهو ما نفته مصر جملة وتفصيلاً.
وبلغ التوتر ذروته مع قرار السودان، في 4 يناير/ كانون الثاني الماضي، استدعاء سفيره في القاهرة للتشاور.
لكن البلدين نجحا في وضع حد لتلك الخلافات في أعقاب قمة جمعت السيسي والبشير نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، على هامش اجتماعات الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا.
هدوء وحذر
وقال مصدر دبلوماسي مصري لـ"العين الإخبارية": منذ بداية الأزمة واستدعاء السودان لسفيرها "قررت القاهرة التعامل بهدوء وحذر شديدين، لتقييم الموقف بشكل متكامل، حيث تدرك مصر الدور الذي تلعبه دولاً إقليمية لتوتير تلك العلاقات".
وتتهم مصر دولتي قطر وتركيا، اللتين تحتضنان قيادات من جماعة الإخوان الإرهابية، بالسعي لخلق أزمات بها.
وأضاف المصدر، الذي فضل حجب اسمه: "مصر رفضت أن يكون السودان مخلباً لقوة إقليمية تريد الضغط على مصر من كافة الاتجاهات، فلدى البلدين مصالح دائمة وحيوية تشمل جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية أيضا، وقررت منذ بداية الأزمة وقف أي تصعيد إعلامي من جانبها".
وعقب قمة السيسي - البشير الأولى، توالت الزيارات المكثفة التي قام بها كبار المسؤولين في كل من البلدين للبلد الآخر.
وأحدث البلدان، بناء على مقترح مصري، آلية تشاورية جديدة لبحث الملفات العالقة، تقوم على اجتماع رباعي لوزيري الخارجية ورئيسي جهازي المخابرات بمصر والسودان، وقد عقد الاجتماع الأول بالقاهرة.
السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أكد لـ"العين الإخبارية" أن "السياسية المصرية الخاصة بالسودان تقوم على سياسية ثابتة مبنية على التفاهم بين البلدين، والإخوة في السودان يدركون ذلك، فهي تمثل عمق استراتيجي لمصر، لا يمكن التخلي عنه، كما أن استقرار مصر يصب في مصلحة السودان".
وأشار السفير العرابي إلى أن "مصر تدرك أن هناك تدخلات إقليمية دائمة موجود في إطار محاولات لخنقها، وهذا ما يؤكد أهمية السودان لديها، كما أن السودان يدرك من جانبه أهمية مصر بالنسبة له ولن يستجيب لتلك المحاولات".
ونوه إلى "الدور الذي لعبته فكرة المصالح المشتركة، والتي عادة ما تؤكد عليها مصر، في الارتقاء فوق أي خلافات والعودة مرة أخرى للعلاقات التاريخية الراسخة، خاصة أن هذا مطلب شعبي للطرفين بأن تبقى العلاقات بعيدة عن أي توتر".
وأضاف العرابي: "أعتقد أن هذا المنهج المصري تلقفته القيادة السودانية بإيجاب، بعد أن طمأنت القاهرة الخرطوم وأثبتت لها عدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وأشار إلى أن "التحديات الموجودة حاليا تفرض وجود قدر من التنسيق العالي والعمل المشترك والرؤية الاستراتيجية".
سياسة الاحتواء
من جانبه، قال مصطفى الجندي، عضو لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب، لـ"العين الإخبارية" إن الرئيس السيسي منذ بداية الأزمة مع السودان، كان هدفه واضحا، وهو عدم جر مصر إلى صراع جديد، مع دولة تشكل عمقها الاستراتيجي الجنوبي، في ظل أدوار إقليمية تستهدف النيل من مصر واستقرارها".
وأضاف الجندي أن "مصر استخدمت سياسة الاحتواء في تعاملها مع الأزمة، فالعلاقة بين البلدين هي علاقة تاريخية مرتبطة بالدم والنسب، ولذلك فإن التكامل بينهما أهو أساس تلك العلاقة في حين أن الخلافات تأتي في لحظات استثنائية، وعندها فإن شعوب البلدين هي من تدفع الثمن".
وأثنى الجندي على التحالف المصري السعودي الإماراتي، والذي اعتبره حائط صد أمام أي مخططات لنشر الفتنة في الوطن العربي.
وشكلت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، محورا في إشعال الأزمة الأخيرة بين البلدين، إذ شنت وسائل إعلام مصرية هجوما حادا على الخرطوم، بعد أن قررت منح تركيا حق إدارة وتعمير جزيرة سواكن على البحر الأحمر، خوفا من إقامة قاعدة عسكرية عليها، غير أن السودان نفى ذلك، مؤكدا أنها تأتي في اطار الاستثمار السياحي فقط.
ونوه النائب الجندي إلى سلسلة من الإجراءات التي اُتخذت لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والربط الكهربائى، والنقل البري والجوي والبحري، ومشروعات البنية التحتية، وتصحيح التناول الإعلامي والعمل على احتواء ومنع التراشق ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين.
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg
جزيرة ام اند امز