السودان.. هل بات الطريق ممهدا أمام البشير لولاية جديدة؟
خبراء سياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" بأن كل المؤشرات توحي ببقاء الرئيس السوداني عمر البشير في الحكم إلى ما بعد 2020م.
بالرغم من بقاء عامين على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في السودان المقرر لها عام 2020م، إلا أن مسألة ترشح الرئيس الحالي عمر البشير لولاية جديدة ظلت تسيطر على المشهد السياسي بصورة متناهية.
البشير الذي يمنعه الدستور الانتقالي الحالي من الترشح لولاية رئاسية جديدة، تجري ترتيبات داخل الحزب الحاكم وقطاعات اجتماعية وبرلمانية في السودان لإيجاد المعالجات القانونية اللازمة التي تمكنه من خوض غمار الانتخابات القادمة.
ترتيبات حزب المؤتمر الوطني الحاكم الساعية لتمكين الرئيس البشير من الترشح بدأت المجاهرة بها علانية بعد أن ظلت طي السرية والكتمان طيلة أشهر ماضية.
وبدا ذلك واضحا من خلال تصريحات نائب رئيس الحزب الحاكم فيصل حسن إبراهيم عقب اجتماع المكتب القيادي بحزبه نهاية الأسبوع المنصرم، حيث أعلن عن تعديلات مرتقبة ستشمل الدستور الانتقالي وقانوني الانتخابات وشؤون الأحزاب السياسية، وهو ما فسره مراقبون بأنه رغبة في تطويع النصوص لصالح الرئيس الحالي.
ومع حالة الزهد في المنصب الرئاسي التي أعلنها عمر البشير بأكثر من مناسبة، يرى خبراء سياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن كل المؤشرات توحي ببقائه في سدة الحكم إلى ما بعد تاريخ 2020م من خلال تعديل الدستور، بما يسمح له بالترشح أو تمديد ولايته الحالية وإلغاء الانتخابات القادمة على نحو ما تدعو بعض الدوائر الفاعلة في البلاد.
واعتلى البشير السلطة بالسودان في يوليو/تموز 1989م، وواجه نظام حكمه العديد من التحديات أبرزها الحرب الأهلية في جنوب البلاد التي انتهت بانفصاله سنة 2011م، بجانب التمرد في إقليم دارفور غربي البلاد ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن عقوبات أمريكية ودولية قاسية وأزمات اقتصادية.
وانطلقت مبادرات عديدة من تيارات مجتمعية وأخرى من داخل البرلمان السوداني تدعو لترشح البشير في الانتخابات القادمة، وهو ما يدعم بقاءه في سدة الحكم بأحد السيناريوهين المتوقعين "إلغاء الانتخابات، أو تعديل الدستور".
ولكن من خلال مجريات الأحداث، بات خيار إلغاء الانتخابات القادمة الأرجح على غيره، ويعكس ذلك المبادرة التشريعية التي يقودها نحو 100 عضو في البرلمان السوداني لتمديد أجل الأجهزة الحكومية المنتخبة إلى مدة أقصاها 2025م، تحت مبرر "أن الرئيس البشير يعد الضامن الأوحد لتنفيذ مقررات الحوار الوطني".
تلك المبادرة تعد الأقوى على مثيلاتها، من خلال الالتفاف الكبير الذي وجدته من قبل النواب فضلا عن دعم الحزب الحاكم لها.
وبدأ النائب بالبرلمان الطيب أحمد إبراهيم -أحد الفاعلين في المبادرة التشريعية المعنية- واثقا من نجاح مسعاهم بتمديد ولاية البشير الحالية، معتبرا أن إجراء انتخابات في ظل المعطيات السياسية بالبلاد مجرد تبديد للأموال ويهزم خطوات الوفاق السياسي التي ذهبت بعيدا.
وقال إبراهيم خلال تعليق لـ"العين الإخبارية" إن مبادرتهم لتمديد أجل أجهزة الدولة وجدت القبول من قيادات رفيعة بالحكومة بوصفها حلا مثاليا للقضية الضجة.
وأعلن النائب البرلماني، أنهم سيقومون بالترتيب مع قيادات نافذة في الدولة بغرض تعديل توصية بالحوار الوطني تنص على إجراء انتخابات في 2020م ومن ثم تقديم مبادرة تشريعية خلال دورة البرلمان القادمة لتعديل الدستور على ضوء ذلك.
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم أسامة بابكر، أن مسألة تطويع الدستور مجددا لصالح الرئيس عمر البشير، تبدو غاية في الصعوبة؛ نسبة للحراك المناهض داخل الحزب الحاكم والقوى السياسية الأخرى، الأمر الذي يعزز من حظوظ نجاح مبادرة البرلمانيين لإلغاء الانتخابات".
وتوقع بابكر خلال تعليق لـ"العين الإخبارية" أن يلتف الحزب الحاكم حول المبادرة التشريعية التي يتبناها نواب من أحزاب أخرى، ويدعمها في الخفاء باعتبارها المخرج المناسب لقضية استمرار البشير في السلطة.
وأكد المحلل السياسي أن الرئيس البشير سيحتفظ بمنصبه بحسب المعطيات السياسية الماثلة، لافتا إلى أن حالة الضعف التي تخيم على قوى المعارضة وانعدام البديل في الحزب الحاكم تعزز من حظوظه بأن يكون خيارا أوحد.
ويجد أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية، آدم محمد أحمد نفسه متفقا مع الرأي المرجح لأن يستمر البشير في السلطة لأبعد من تاريخ انتهاء دورته الرئاسية الحالية، وربما تخلو العملية برمتها من مفاجآت، حسب وصفه.
وقال محمد أحمد خلال تعليق لـ"العين الإخبارية": إن رغبة بعض القوى في السودان والسند الخارجي خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية للبشير سيدعم حظوظه في البقاء أكثر.
وبخلاف الرغبة المعلنة من قبل الرئيس السوداني للتنحي بنهاية دورته فإن ثمة من يربط التعديلات الجذرية التي شملت هياكل الحزب الحاكم بالسودان وقيادتي الجيش وجهاز المخابرات بالانتخابات القادمة لتمهيد طريق البشير باتجاهها.
غير أن هذا الزعم في نظر القيادي بالحزب الحاكم إسماعيل الحاج موسى، يجانبه المنطق، ولا يمت للواقع بصلة، وقال: إن التعديلات التي جرت على بعض الأجهزة الحزبية والحكومية روتينية تهدف إلى تجديد الدماء وإتاحة الفرصة لآخرين للمشاركة في الهم الوطني.
واعتبر موسى خلال تعليق لـ"العين الإخبارية" أن مسألة ترشيح البشير في الانتخابات القادمة من عدمها سابقة لأوانها، ولم تناقش بشكل جدي داخل أروقة الحزب؛ لأن الوقت ما زال مبكرا.
وقال إن حزبه يثمّن تعاطف الشعب السوداني ورغبة قطاعاته المختلفة في إعادة انتخاب الرئيس عمر البشير لدورة رئاسية جديدة.