تركيا والإخوان ومطالب القاهرة.. كواليس الأزمة ومصير الإرهابيين
كشفت مصادر لـ"العين الإخبارية" عن كواليس أزمة القنوات الإخوانية مع النظام التركي، إثر مطالبة تلك الأبواق بالتوقف عن الإساءة إلى مصر وإمكانية تسليم العناصر الإرهابية للقاهرة.
وفي صفعة جديدة لتنظيم الإخوان الإرهابي، طلبت السلطات التركية وقف الانتقادات السلبية للقاهرة في الفضائيات التي تبث من إسطنبول، وفق تدوينات لشباب الإخوان العاملين في عدد من القنوات الإخوانية.
دبلوماسي مصري، قال لـ"العين الإخبارية" إن بلاده حددت الشروط المناسبة للتعامل مع أي دولة تنتهج سياسة العداء كتركيا، موضحا أن القاهرة تراقب عن كثب تحركات أنقرة في هذا الصدد.
وأوضح أن القاهرة طلبت ما وصفه بـ"بوادر الثقة والجدية"، والتي تتمثل في وقف أي حملات إعلامية تستهدف الدولة المصرية، وتسعى لتأليب الرأي العام.
أمر ثان، كان محل مطالبة من القاهرة، وهو تسليم عدد من العناصر الإخوانية المحكوم عليها بأحكام في جرائم إرهاب، موضحا أن هناك قائمة بالأسماء لدى الإنتربول الدولي وهي القائمة التي يجب التعامل معها.
مصدر ثان، فضل التطرق لتفاصيل الساعات الأخيرة بين أنقرة والقنوات الإخوانية، قائلا: الحكومة التركية أبلغت إدارة فضائيات (مكملين، الشرق، الوطن) بإيقاف برامجها السياسية على الفور وكذلك أي انتقاد للنظام المصري.
وأضاف المصدر: منحت الحكومة التركية، عبر مستشار حزب العدالة والتنمية التركي ياسين أقطاي، توجيهات صارمة لعدد من الإعلاميين المحسوبين على جماعة الإخوان الإرهابية بإسطنبول في مقدمتهم حمزة زوبع ومحمد ناصر ومعتز مطر بشأن وقف أي إساءة أو تحريض أو تناول سلبيات، تمس الدولة المصرية.
هذه التوجيهات بحسب المصدر، تضمنت تهديدا واضحا وهو إما التوقف الفوري عن البرامج السياسية وإما الاختيار بين التحويل إلى برامج منوعات أو غلق القناة نهائيا.
محاولات للتقارب
بدوره، عزا عمرو فاروق، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، التطورات الأخيرة إلى محاولة أنقرة التقارب مع القاهرة، في إطار مساعي المصالحة بين البلدين.
وقال فاروق لـ"العين الإخبارية" إن هناك تنسيقا جاريا بين أنقرة والقاهرة على المستوى الأمني، حيث هناك مجموعة من المطالب المصرية من ضمنها غلق بعض المنصات التي تم تأسيسها على مدار السنوات الماضية، والتي توجه برامجها السياسية لاستهداف الدولة المصرية ورموزها، أو تغيير السياسة التحريرية لهذه البرامج والإبقاء على برامج المنوعات فقط.
وأوضح أن خطوة النظام التركي مطالبة القنوات بالتوقف عن الإساءة للدولة المصرية، خطوة تمهيدية لغلق جميع المنصات الإخوانية، لافتا إلى أن دور هذه القنوات انتهى مع قرب المصالحة بين البلدين.
تسليم عناصر إخوانية
وحول الحديث عن وضع عدد من قيادات الإخوان تحت الإقامة الجبرية، كشف فاروق أن القاهرة تصر على تسليم عناصر إخوانية محرضة، تواجه أحكاما نهائية في قضايا إرهاب، وهو ما قابلته أنقرة بإقامة جبرية لعدد من العناصر الإخوانية ومصادرة أموالهم في الأرصدة البنكية.
ولفت إلى أن النظام التركي يمهد لتسليم ما لا يقل عن 60 من العناصر الإخوانية، عبر الإنتربول إلى القاهرة، مشيرا إلى أن السلطات المصرية تفاوضت حول المجموعة المسؤولة عن الجناح المسلح الذي يدير العمليات الإرهابية من داخل الأراضي التركية.
ورجح ألا يتم الاقتراب من مجموعة محمود حسين أو المحسوبة على القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية إبراهيم منير، في المقابل سيتم التعامل مع مجموعة الإرهابي يحيى موسى، أحد مؤسسي حركة حسم الإرهابية (هارب إلى كندا) التي كانت تدير الحراك المسلح.
أسباب الرضوخ التركي
وفسر فاروق إجراءات تركيا الأخيرة تجاه الأبواق الإخوانية، بأنها مضطرة حيث تواجه خسارة داخلية تتمثل في سقوط سياسي وشعبي، وفشلت في التعامل مع قضايا الإقليم سواء في أفريقيا أو ليبيا أو اليمن، كما أنها تبحث عن موطئ قدم في غاز شرق المتوسط وتسعى للتفاوض بشأن ترسيم الحدود.
وبالأمس، توقف عدد من البرامج الإخوانية عن بث محتواها المسموم، فيما اعتذر أحد البرامج الإخوانية ويسمى "الشارع المصري" عن تقديم الحلقة.
ودونت عناصر إخوانية نشطة عبر منصات السوشيال ميديا، تفاصيل من الأزمة التي اشتعلت مساء أمس، إثر مطالبة السلطات التركية للقنوات الإخوانية بوقف حملاتها المسيئة.
وحاول الإرهابي الهارب أيمن نور التقليل من تفاصيل الواقعة، وقال في مداخلة له مع قناة "مكملين" الإخوانية أمس: كلنا يعلم أن هناك تغييرات دولية على أصعدة مختلفة في إطار التقارب المصري التركي، هذا التقارب قد يكون له بعض الانعكاسات.
وفي محاولة لاستدراك تأثيرات التغييرات الجديدة، وتهدئة العناصر الإخوانية، ادعى نور بأنه "لا يظن أو يسمع أو يتوقع أن بين هذه الانعكاسات إغلاق القنوات الإخوانية".
لكنه عاد ليفضح نفسه وحقيقة ما حدث بقوله: "ربما يكون إخواننا في تركيا لديهم طلب أو رجاء أن نلتزم بمواثيق الشرف الإعلامي".
ومنذ 8 أعوام، تشهد العلاقات بين مصر وتركيا ما يشبه القطيعة؛ بسبب ملفات عدة أبرزها سياسة أنقرة في المتوسط ودعم الإخوان والتدخل في ليبيا.
وأخيرا كررت تركيا محاولات التودد إلى مصر، برسائل مغازلة عبر مسؤوليها الأتراك بهدف إعادة العلاقات بين البلدين.
قابلتها شروط مصرية على لسان وزير الخارجية سامح شكري في كلمته خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري بأنه لا تواصل خارج الإطار الدبلوماسي الطبيعي، وإذا ما وجدنا أفعالًا حقيقية من تركيا وأهدافًا تتسق مع الأهداف والسياسات المصرية التي تسعى للاستقرار في المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول والاحترام المتبادل، ستكون الأرضية مؤهلة للعلاقة الطبيعية مع تركيا.
وأشار إلى أن "الأقوال وحدها لا تكفي" وإنما ترتبط بالأفعال والسياسات، والأفعال هي التي تعيد أية علاقات إلى وضعها الطبيعي.