المحادثات المصرية التركية.. جولة ثانية حبلى بملفات تنتظر الحسم
تتجه الأنظار إلى العاصمة أنقرة اليوم؛ لمتابعة سير الجولة الثانية من" المحادثات الاستكشافية" بين مصر وتركيا، بعد أولى عقدت في القاهرة قبل 4 أشهر.
وانتهت الجولة الأولى من محادثات الجانبية في القاهرة، دون أن تسفر عن نتائج عملية على صعيد التطبيع بين مصر وتركيا، رغم إبداء أنقرة رغبتها في التقدم نحو علاقات طبيعية، تنهي سنوات من الخلاف.
وقبيل بدء جولة المحادثات الاستكشافية في أنقرة، توافق دبلوماسيون وخبراء في الشأن التركي في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" على استبعاد حدوث اختراق وتغييرات جذرية وحاسمة آنية في الملفات الشائكة بين مصر وتركيا.
لكنهم يتوقعون في الوقت ذاته "ترسيخ حالة التهدئة وحلحلة الملفات الخلافية بين البلدين، عبر توسيع دائرة ومساحات التفاهم حول القضايا الشائكة سواء في ليبيا، أو ما يتعلق بشرق المتوسط، في ضوء بيئة إقليمية مواتية تدفع للتقارب".
الملفات ذاتها
الخبير في الشؤون التركية في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور كرم سعيد يشير في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إلى أن المتوقع من الجولة الثانية هو "إعادة طرح الملفات الشائكة، سواء فيما يتعلق بالأزمة في ليبيا أو أزمة شرق المتوسط، ومنصات تنظيم الإخوان الإعلامية التي تبث من إسطنبول".
وأوضح الخبير السياسي أن تركيا ما زالت تحتفظ بقوات عسكرية في غرب ليبيا، وتستمر في شرق المتوسط بعمليات التنقيب "غير القانونية"، إضافة إلى رفضها الاعتراف باتفاقية الأمم المتحدة لتعيين الحدود البحرية بالمنطقة.
وفي رأي سعيد فإن الجولة الثانية "لن تحدث اختراقا جذريا وحاسما حول القضايا الخلافية"؛ لكنه توقع في الوقت ذاته "ترسيخ حالة التهدئة، وتوسيع دائرة ومساحات التفاهم بين الدولتين حول القضايا الشائكة".
ويوضح في هذا الصدد أنه "من المرجح التوافق على دعم العملية الانتخابية في ليبيا نهاية العام الجاري، والعمل على أن تعمل مصر كوسيط لحلحلة القضايا الخلافية بين أنقرة من جهة، وقبرص واليونان من جهة ثانية".
ويرى سعيد أن الجولة الثانية تعكس "رغبة متبادلة في الحفاظ على حالة التهدئة التي بدأت قبل عدة أشهر، وهناك فرصة لتقريب وجهات النظر بما يحفظ مصالح كل دولة في ظل مناخ إقليمي موات للتقارب".
خطوات ضد الإخوان
وعلى صعيد ملف الإخوان، تحدث "سعيد" عن حديث متواتر في وسائل الإعلام التركية عن إغلاق مراكز فكرية للإخوان، وتسليم عناصر من التنظيم لمصر والمطلوبين على ذمة قضايا إرهاب.
بدوره، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن المطروح للنقاش خلال الجولة الثانية هو "تطوير العلاقات الثنائية، والمسائل الإقليمية في ليبيا وشرق المتوسط، واستعراض التطورات الواقعة في تلك الملفات منذ الجولة الأولى في مايو/أيار الماضي".
ويرى هريدي أن "الجولة الثانية ستوضح هل نتوقع تغيرا إيجابيا من وجهة نظر مصر أم الموضوع يحتاج لمزيد من الوقت".
وسنرى -يقول المسؤول المصري السابق- "ما إذا كانت هناك تقدم أم هناك جولات مشاورات أخرى، فالقاهرة لها مصالح معينة، وسياسات أنقرة خلال الأعوام الماضية هددت تلك المصالح، وعلى ضوء ذلك سترى هل هناك تغير في الموقف التركي بالنسبة للقضايا التي تمس الأمن القومي المصري أم لا".
ويستبعد هريدي حدوث اختراقات سريعة في ملف العلاقات عقب الجولة الثانية، قائلا: "من السابق لأوانه الحديث عن اختراق للعلاقات وانتهاء للقطيعة".
وتتمسك القاهرة بخروج أنقرة غير المشروط من الأراضي الليبية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والالتزام بمبادئ حسن الجوار مع دول المنطقة.
وكان الدكتور جواد غوك المحلل السياسي التركي، أكد في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، أن وسائل الإعلام في أنقرة ومؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة تتوقع التوصل لنتائج إيجابية في الجولة الثانية، واختراق في مسار التطبيع بعد قطيعة استمرت 8 سنوات.
خوف من الفشل
وشدد غوك على أن قطاعات كبيرة داخل المجتمع تحث الحكومة على ضرورة تذليل العقبات من أجل تحقيق نتائج ملموسة في سبيل عودة العلاقات مع مصر لطبيعتها، ويحذرون في الوقت ذاته من فشل الجولة الثانية وانعكاس هذا الأمر على مزيد من عزلة النظام التركي عربيا وإقليميا".
وتعود المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا عقب تعثرها، بإعلان القاهرة عن زيارة مرتقبة لنائب وزير خارجيتها حمدي لوزا إلى أنقرة، في زيارة رسمية ستكون الأولى لوفد مصري إلى تركيا منذ 8 أعوام، بعد تدهور العلاقات في أعقاب سقوط حكم تنظيم الإخوان في يوليو/تموز 2013، وإيواء أنقرة عددا كبيرا من عناصر التنظيم.
وفي بيان صدر الثلاثاء الماضي، قالت الخارجية المصرية: "استجابة للدعوة المقدمة من وزارة الخارجية التركية، يقوم نائب وزير الخارجية بزيارة إلى أنقرة يومي 7 و8 سبتمبر/أيلول 2021، لإجراء الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا".
مدّ اليد إلى القاهرة
وبعد فترة من التودد لمصر، أعلنت أنقرة في مارس/آذار الماضي استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، كما وجهت وسائل الإعلام الإخوانية العاملة على أراضيها بتخفيف النبرة تجاه القاهرة.
وفي 14 أبريل/ نيسان الماضي، أعلن زير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو "بدء مرحلة جديدة ستشهدها علاقات البلدين"، مشيراً إلى أنه ستكون هناك "زيارات ومباحثات متبادلة في هذا الإطار"، وهو ما أثمر أول لقاء من المحادثات الاستكشافية بين الطرفين، جرت بالقاهرة، في مايو/ أيار الماضي.
وفي 5 و6 مايو/أيار الماضي، توجه وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال إلى القاهرة في أول زيارة من نوعها منذ 2013، وأجرى محادثات "استكشافية" مع مسؤولين مصريين بقيادة حمدي لوزا لبحث التقارب وتطبيع العلاقات.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن خطوات تركيا ضد الإخوان غير كافية، مضيفا في تصريحات إعلامية: "نتوقع أن تصاغ العلاقات المصرية التركية على أساس المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية المستقرة، بما في ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحسن الجوار، وعدم السماح بأي نشاط على أراضي الدولة في إطار زعزعة استقرار دولة أخرى".
aXA6IDMuMTM3LjE5OC4xNDMg جزيرة ام اند امز