خبراء لـ"لعين": 3 سيناريوهات للعلاقات بين مصر وتركيا واستبعاد لقاء رئاسي
غزل متبادل بين القاهرة وأنقرة لأكثر من أسبوعين، فاستئناف للرحلات التركية بين إسطنبول وشرم الشيخ المصرية، فلقاء أخير على مستوى وزيري الخارجية يعكس رغبة في تجاوز الخلافات
غزل متبادل بين القاهرة وأنقرة لأكثر من أسبوعين، فاستئناف للرحلات التركية بين إسطنبول وشرم الشيخ المصرية، فلقاء أخير على مستوى وزيري الخارجية يعكس رغبة في تجاوز الخلافات.
ثلاثة مشاهد تفتح الباب أمام تطور نوعي في العلاقات بين البلدين، وسط تساؤل حول ما إذا كان هناك لقاء قريب سيجمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بنظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أو لا.
مصادر تركية مقربة من دوائر صنع القرار قالت لبوابة "العين" الإخبارية، إن لقاء الرئيسين المصري والتركي أمر مستبعد حاليًا، لكن هذا لا يعني أن هناك تحسنا تدريجيا بين البلدين سيكون وفق تخطيط تركي مسبق وموافقة مصرية، وسيشمل كلا من الجانبين الاقتصادي والتجاري، وهو الأمر القابل للتطوير سياسيا مستقبلًا.
المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها لحساسية الموقف، قالت في تصريحات متطابقة إن هناك توجها تركيا بتحسين العلاقة مع القاهرة في الفترة المقبلة، والتخلي عن التصريحات المناهضة للنظام المصري، دون تراجع علني عن المواقف السابقة.
وعلق أحد هذه المصادر قائلا: "هذه الطريقة ستحفظ ماء الوجه للطرفين، خاصة أن الموقف المصري ليس ببعيد عن الموقف التركي فهو لديه حسابات داخلية لن يخسرها مثلنا".
فيما ذهب أحد المصادر المطلعة على شؤون الحكومة إلى الخطوة المقبلة المنتظرة هو لقاء قريب يجمع بين رئيسي الوزراء لكل من القاهرة وأنقرة، يكون عنوانه المصالح المشتركة، ويبعد عن القضايا الخلافية. ولم يوضح المصدر موعد هذا اللقاء لكنه قال "يتم الترتيب له في الوقت الراهن".
خبيران مصريان، وآخر تركي، استبعدوا لقاء يجمع بين السيسي وأردوغان في الوقت الراهن، حيث اعتبروا التطورات الأخيرة ومنها اللقاء الذي جمع بين وزيري الخارجية على هامش قمة فنزويلا مساء أمس السبت لا تشير إلى انفراجه كاملة في العلاقات، ولكنها دليل على بادرة تحسين العلاقات.
لقاء السيسي وأردوغان.. غير محتمل
الكاتب الصحفي، والخبير التركي، عبدالله أيدوغان قالاباليق، قال لبوابة العين الإخبارية إنه على الرغم من تمنيه حدوث هذا اللقاء لكن الأجواء غير مهيئة بعد لمثل هذه الخطوة التي قد تلقى انتقادات في الوقت الحالي، لكن هذا لا يعني أن العلاقات ستتراجع، بل على العكس سيكون هناك علاقات على مستوى الوزراء أو رؤساء الوزراء قريبًا.
وأضاف أيدوغان: القاهرة وأنقرة تدركان أن تطور العلاقات بينهما يجب أن يكون تدريجيًا، خاصة أن التوتر ساد على مدار 3 سنوات وبالتالي فإن استعادة العلاقات لن يكون سهلًا أو دفعة واحدة، ولكن سيكون خطوة خطوة".
محمد عبدالقادر، الخبير في الشئون التركية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، قال لبوابة العين الإخبارية إن "اللقاء الأخير بين وزيري الخارجية لا يشير لانفراجه كاملة في العلاقات وبالتالي لا نتوقع أن يكون هناك لقاء قريب بين الرئيسين المصري والتركي".
ووصف الخبير المصري التطورات الأخيرة بأنها "تحمل بوادر رغبة مشتركة في عدم توتر العلاقات والبحث عن أرضية مشتركة تسمح للجانبين بالبناء عليها وصياغة نمط جديد من العلاقات لا يشوبها عداء".
في الاتجاه نفسه، استبعد كرم سعد، الخبير في الشأن التركي، أن يحدث لقاء بين السيسي وأردوغان قائلًا: لا أتصور لقاءً قريبا بين الرئيس التركي والمصري رغم حرص الإدارة في مصر على إنهاء حالة القطيعة مع تركيا، والعكس، لكن يبدو أن الطرفين متأنيان في اتخاذ خطواتهما، فمصر من جهتها متأنية في ظل التطورات المحلية في تركيا، وكذلك القاهرة ليست بأحسن حال على مستوى سياستها الخارجية مع الدول الأوروبية.
لقاء وزيري الخارجية.. انفراجه جزئية
الخبير المصري محمد عبد القادر قال إن اللقاء الأخير بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على هامش قمة عدم الانحياز بفنزويلا إنه "يعكس رغبة في إنهاء ملفات التوتر لم ترقَ بعد إلى التفاوض بشكل نهائي حول ملفات الخلاف، والدليل على ذلك عدم وجود بيان مطول وأكثر شمولًا من الطرفين يتناول صيغة العلاقات المشتركة".
ولم يصدر بالأمس تعليق من الجانبين حول هذا اللقاء سوى تغريدة للمتحدث باسم الخارجية المصرية عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر" قال فيها إن "اللقاء بين شكري ونظيره التركي، عكس رغبة في تجاوز الخلافات مع مصر".
الخبير المصري كرم سعد قال إن "اللقاء يشير إلى تحول نوعي في العلاقات بين القاهرة وأنقرة في الفترة المقبلة، وقد يحمل قدرا كبيرا من الانفراج وليس التطبيع بمفهومة الكامل والشامل، وبالتالي لن يكون هناك غرابة في تراجع الجانبين عن اللغة المنتقدة خلال الفترة المقبلة".
وعلى نفس الوتيرة، رأى الكاتب الصحفي التركي أيدوغان أن اللقاء يعني تقاربًا يفيد الملفات العالقة بين الطرفين في المستقبل، متوقعًا حدوث تطور إيجابي في العلاقات المصرية التركية خاصة في ملفي الاقتصاد والسياحة، إلى جانب ملفي الأمن والثقافة مستقبلًا.
ووصف أيدوغان تلك الخطوة بأنها بداية حسن نوايا أظهرتها أنقرة للبدء في تطوير العلاقات، مرجحًا أن يظهر التطور المقبل في استئناف المفاوضات بشأن اتفاقية "الرورو" (اتفاقية وقعتها مصر وتركيا في مارس 2012 لتسهيل نقل صادرات البلدين لمدة 3 سنوات) والتي ربما تمتد إلى بدء حمل الناس والمسافرين بسيارتهم من مصر لتركيا، وهو ما سيكون بمثابة تنشيط تجاري وسياحي للبلدين.
عودة التمثيل الدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة.. متى؟
هذا ما توقعه الكاتب الصحفي التركي عبد الله أيدوغان، ورجحه الخبير المصري محمد عبد القادر، لكنهما اتفقا على أنه لن يكون خلال شهر أو شهرين، فمن جانبه توقع أيدوغان إن "الأجواء ليست مهيئة بشكل كامل لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين خلال شهر أو شهرين، ولكن ربما يكون ذلك خلال 6 شهور أو بداية سنة قادمة، مع الإشارة إلى أن هذا الأمر سيصب في صالح العلاقات الإيجابية بين البلدين.
متفقًا معه توقع محمد عبد القادر الباحث بمركز الأهرام أن اللقاء الأخير والرغبة الحقيقية في تطوير العلاقات ستسمح بعودة السفير التركي إلى القاهرة والعكس، مشيرًا إلى أن هذا سيستغرق وقتًا لكنه في النهاية "أمر منتظر بقوة".
3 سيناريوهات مستقبلية لتركيا ومصر. أيهم المرشح؟
رأى كرم سعد أن هناك 3 سيناريوهات مستقبلية يمكن لتركيا ومصر الاختيار بينها فيما يتعلق بتحسين العلاقات الأول هو التطبيع الشامل للعلاقات والحل لكل القضايا العالقة والوصول لترضية في الملفات الشائكة، وهو سيناريو مستبعد لأن القاهرة تعتبره تدخلًا سافرًا وغير مقبول.
أما السيناريو الثاني هو بقاء حالة المراوحة في العلاقات، المتمثلة في حديث الجانبين عن أهمية العلاقات التاريخية بين الشعبين، في حين أن تركيا تضع شروطًا ترفضها القاهرة وتضع هي الأخرى في المقابل محددات في مقدمتها الاعتراف بأن ما حدث في 3 يوليو ثورة شعبية، وهو السيناريو الذي وصفه كرة بأنه مرحلة سابقة، غير متوقع عودتها بعد التطور الأخير.
أما السيناريو الأخير والمرجح هو "تحسن نسبي على مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية يشمل تهدئة سياسية والابتعاد عن الانتقادات المتبادلة، ويفتح المجال أمام شكل جديد من العلاقة يختلف عن 3 سنوات مضت.
وفي أغسطس/آب الماضي، حملت تصريحات المسئولين الأتراك والمصريين تلميحات متبادلة حول ضرورة استئناف العلاقات بين البدلين، على المستويين الاقتصادي والشعبي.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن بلاده نتمنى تطوير علاقاتها مع مصر، كما أنه يرغب في "شارة بدء" لتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة، فيما رد سامح شكري وزير الخارجية المصري، بالتأكيد على أن تحسين العلاقات الثنائية يفترض عدم التدخل في الشئون الداخلية، وأن القاهرة ترحب بأي جهد للتقارب وفق القانون الدولي.