مصر وتركيا.. الزيارات المتبادلة تغذّي شرايين العلاقات الثنائية
خطوات واسعة تقطعها العلاقات المصرية التركية بعد فترة جمود دامت لنحو 10 سنوات.
وشهدت الأشهر الماضية دفعات واسعة للعلاقات بين البلدين، بدأت بمصافحة ولقاء الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم بقطر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وعقب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في شهر فبراير/شباط الماضي، اتصل الرئيس السيسي بأرودغان هاتفيا، وقدمت القاهرة مساعدات لأنقرة، كما زارها وزير الخارجية المصري سامح شكري والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وتفقدا المناطق المتضررة من الزلزال، وأعقب ذلك قيام جاويش أوغلو بزيارة القاهرة الشهر الماضي.
وزير الخارجية المصري أعلن اليوم أنه سيزور تركيا خلال يومين، مؤكدا أن مصر لمست من الجانب التركي الرغبة في تطبيع العلاقات المشتركة.
وكان جاويش أوغلو قد قال في تصريحات له أمس "لقد تم استقبالنا بشكل جيد في مصر.. كانت زيارتنا إيجابية للغاية، وحان الوقت الآن لاتخاذ خطوات ملموسة ببطء (..) يمكننا خلال زيارة شكري اتخاذ خطوات لتعيين سفيرين".
سنوات القطيعة
ومرت العلاقات بين البلدين بسنوات من القطيعة بدأت في 2013، وتراجع التمثيل الدبلوماسي لكل منهما إثر اتهام القاهرة أنقرة بدعم جماعة الإخوان الإرهابية، لكن العام الماضي بدأت عملية التقارب بين مصر وتركيا بمحادثات استكشافية بين وزارتي الخارجية، وتصريحات إيجابية من المسؤولين الأتراك.
شكري الذي كان يتحدث للصحفيين عقب مباحثاته مع نظيره اليوناني في القاهرة نيكوس ديندياس قال إن القاهرة تسعى لأن تكون علاقاتها في محيطها الإقليمي إيجابية.
مصر واليونان: علاقات قوية
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن العلاقات المصرية اليونانية تطورت كثيرا خلال السنوات الـ9 الماضية، مؤكدا أن هناك اتصالات قائمة مع الجانب اليوناني على جميع المستويات بشكل مستمر.
وقال إن مصر تعمل على تعزيز التعاون مع اليونان ثقافيا وإنسانيا، مضيفا أن المصالح المشتركة بين البلدين تستهدف تحقيق السلام بمنطقة شرق المتوسط.
وأكد شكري أن العلاقات بين القاهرة وأثينا قوية واستراتيجية ومبنية على مبادئ حسن الجوار.
ويأتي حرص شكري على لقاء نظيره اليوناني قبل توجهه إلى أنقرة، رسالة طمأنة إلى أثينا على قوة العلاقات المصرية اليونانية.
توتر تركي يوناني
وتتسم علاقات تركيا واليونان بتوتر شديد على خلفية عدة قضايا، من بينها مطالب السيادة المتداخلة بخصوص نطاق الجرف القاري لكل منهما في البحر المتوسط، وكذلك المجال الجوي وموارد الطاقة، وجزيرة قبرص المنقسمة عرقيا بينهما.
ومنذ اكتشاف احتياطيات النفط والغاز في شرق البحر المتوسط تصاعدت وتيرة الخلاف بين تركيا واليونان المختلفتين أساسا، إذ قالت اليونان والاتحاد الأوروبي إن تركيا تقوم بالحفر والتنقيب في هذه المناطق بصورة غير قانونية، لكن تركيا تدعي أن المنطقة هي جزء من منطقتها الاقتصادية الخاصة، وقد طوّرت أنقرة منذ 2019 عمليات الحفر والتنقيب في المياه الغربية لقبرص.
وعقب تقسيم قبرص عام 1974، كانت تركيا هي الدولة الوحيدة التي اعترفت بالجزء الشمالي الخاضع للسيطرة التركية كدولة مستقلة، وطالبت مرارا بضرورة الاستفادة من الموارد الطبيعية لجزيرة قبرص بنحو مشترك.
ووقعت "قبرص اليونانية" اتفاقيات مع مصر عام 2003 ومع إسرائيل عام 2005، ومع لبنان عام 2007، وتجاهلت حقوق القبارصة الأتراك، الأمر الذي عارضته تركيا وقبرص التركية بشدة واعتبرته أنقرة انتهاكًا صارخًا لجرفها القاري.
أما تركيا فقد وقعت مذكرة تفاهم مع حكومة الوفاق الليبية في 2019 بشأن تحديد مناطق النفوذ البحرية، وذلك لتوقف التحركات القبرصية عند جزيرة كريت التي سيمر فيها خط نقل الغاز والنفط إلى أوروبا عبر اليونان، فكان رد فعل اليونان هو طرد السفير الليبي، وقامت بتوقيع اتفاق مع إسرائيل وقبرص اليونانية لمد خط الغاز "إيست مد" في 2020 نحو إسرائيل.
علاقات مصر القوية بأثينا والدفعات القوية التي تشهدها علاقاتها بتركيا، هل تؤهلها للعب دور الوسيط بين الجانبين لحل الملفات العالقة بينهما؟