لهاث الإخوان للعودة للمشهد المصري.. خبيران يكشفان المخاطر
يلهث تنظيم الإخوان الإرهابي بين الحين والآخر ويبذل محاولات بائسة، لاستجداء الحوار والمصالحة مع الحكومة المصرية.
كما يسعى الإخوان للإيحاء بوجود "وساطات خارجية" بين التنظيم والحكومة، آملا في إنهاء الأزمة وعودتهم للمشهد السياسي من جديد.
وفي محاولة مكررة لمغازلة الحكومة المصرية، قال حلمي الجزار، عضو مجلس شورى الجماعة، الذي يقدم نفسه بأنه مسؤول القسم السياسي بجماعة الإخوان، وعضو الهيئة العليا للإخوان في تعليقه على "أخبار متداولة عن وساطات ومصالحات بين الإخوان والدولة المصرية"، إنه، "لا خلاف على أن استقرار مصر على قمة الأولويات".
وأضاف الجزار المحسوب على جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخوان، عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر" للتدوينات القصيرة أن "الإفراج عن المظلومين هي بداية الخطوات"، بحسب قوله.
تعليق الجزار المقتضب، جاء عقب حديث لعضو "مجلس أمناء الحوار الوطني" في مصر، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، مع أحد المواقع التابعة للإخوان، بأن هناك "وساطات وتدخلات خليجية وتركية منذ نحو شهرين لمحاولة إنهاء الأزمة بين الإخوان والنظام المصري".
لكن ربيع استدرك في تصريحه، قائلا: "لكن أبعاد وأشكال ونتائج هذه التدخلات والوساطات الخارجية لم تتضح بشكل جلي حتى الآن".
وحول فرص نجاح تلك الوساطات، قال: "من الوارد أن تنجح هذه المساعي، لكن نجاحها مرهون بتحول الإخوان لجماعة دعوية، وإقرارها بالدستور الحالي، ونبذ العنف، واعترافها بأحداث 30 يونيو/حزيران 2013، وهذه روشتة جيدة لعودة الإخوان من جديد للمشهد".
خطر على الأمن القومي
وفي تعقيبه، قال منير أديب، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي، إن "الإخوان تسعى من خلال جبهة إبراهيم منير للتواصل مع الحكومة المصرية، ودائما ما يقومون بإيصال رسائل غزل للحكومة في محاولة لإشراكهم في الحوار الوطني، أو عقد مصالحة معهم حتى يعودوا لما كانوا عليه عام 2011".
وتابع أديب في حديث لـ"العين الإخبارية": "هذا كان واضحا في تصريحات عديدة لقيادات الإخوان، وآخرها تصريح حلمي الجزار الذي قال فيها إننا نسعى لاستقرار مصر وهي في قمة الأولويات، لكن في حقيقة الأمر فإن التنظيم عامل مهدد للأمن القومي المصري عبر استخدامه العنف الذي يضر بأمن البلاد".
وشكك أديب كثيرا فيما رددته بعض المواقع الإخبارية عن استخدام الإخوان للمعارض والاستشاري الهندسي ممدوح حمزة للتوسط بينهم وبين الدولة، قائلا: "حمزة نفسه أصدر بيانا أمس أعلن من خلاله اعتزال العمل السياسي؛ لذلك فالحديث وساطته أمر غير دقيق.. هناك سعي وبحث من قبل التنظيم عن وسيط لكنه ليس حمزة".
وكان حمزة الذي يقيم في الخارج منذ سنوات، قد أعلن عبر بيان أصدره أمس "اعتزاله العمل السياسي" في مصر، مرجعا قراره إلى ما وصفه بـ"انسداد في أفق العمل العام.. على المستوى السياسي"، ومعتبرا أن غيابه عن وطنه مصر، يعمق من صعوبة مواصلة رحلته في هذا المجال".
وفيما يتعلق بحديث الدكتور عمرو هاشم ربيع بأن وساطات خليجية وتركية بين الإخوان والدولة، قال : "صحيح أن هناك دولا خليجية تحاول التوسط للجماعة مع الحكومة المصرية، فضلا عن الوساطة التركية وقد تكون قطر ضمن هذه الدول"، بيد أن أديب قال: "إن شكل وطبيعة هذه الوساطات وعما إذا كانت ستنتهي إلى شيئ هذا ما لم يتضح حتى الآن".
لكن في تقدير الخبير السياسي المصري، "لن تنجح مساع عودة الإخوان للمشهد من جديد؛ لأن التنظيم خطر على الأمن القومي والنظام السياسي، إضافة إلى أن فكرة عودتهم مرتبطة بموافقة الشعب المصري ولا أعتقد أنه سيوافق على ذلك".
دعاية لاستعادة الرصيد المفقود
من جهته، يرى الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن "ما تروج له جماعة الإخوان في إطار الدعاية السياسية وجس النبض للعودة مجددا للمشهد السياسي المصري".
وأكد عبد الفتاح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الجماعة تعاني من انقسامات عمودية وتصدعات هائلة؛ لذا فإن العودة وإعادة التموضع سياسيا أصبح أمرا ملحا للجماعة، بعد أن فقدت كل رصيدها السياسي وباتت محاصرة إعلاميا وماليا في كل مكان".
وأوضح: "الدول الأوروبية بدأت بعضها في تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، وإغلاق بعض مكاتبها وحصار نشاطها، حتى تركيا بدأت في محاصرة الوجود الإخواني، مع تآكل رصيدها في مصر سياسيا ودعائيا وفكريا".
وبشأن ما تروج له الجماعة بشأن المصالحة مع الحكومة المصرية، قال عبدالفتاح "تحاول قيادات الجماعة استثمار كافة الأوراق، لكن فكرة العودة للمشهد السياسي أمر مستبعد تماما".
وهو ما عزاه الخبير السياسي المصري إلى أن "الدماء التي سالت عقب 2013 تشكل حاجزا ما بين الإخوان والشارع، وما بين الإخوان والدولة".
كما أشار إلى أن "العودة ستؤثر على مصداقية الخطاب الإعلامي والسياسي للدولة، فكيف يتسنى لجماعة إرهابية أن تكون جزءا من نسيج الحركة السياسية مرة أخرى".
وفي تصريح سابق، قال هشام النجار، المحلل السياسي المصري، في حديث لـ"العين الإخبارية": محاولات الإخوان للعودة للمشهد السياسي يائسة محكوم عليها بالفشل، فمصر طوت صفحة هذا التنظيم الذي تسبب لفترة طويلة في إعاقة مسيرتها، وهو تنظيم لن يتغير ولن يتعلم أبدا من دروس التاريخ لا البعيد ولا القريب".
وأوضح أن "الجماعة تحاول اختراق المشهد السياسي الحالي في مصر، خاصة بعد دعوة الرئيس المصري إلى حوار وطني يتسع للجميع، واتجاه الوضع في مصر إلى إصلاحات سياسية وانفتاح على المعارضة الوطنية".
وجاءت دعوة الإخوان للمصالحة في وقت يشهد التنظيم فيه هزائم الواحدة تلو الأخرى، وسط انقسام حاد يضرب قمة هرم التنظيم.
وتصاعدت حدة الانقسام داخل قمة الهرم التنظيمي لجماعة الإخوان، وسط تواصل حرب البيانات الإعلامية بين الجبهتين المتنازعتين على السلطة والمال، وهما جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام في لندن، مقابل جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة في إسطنبول.
ومنذ توقيف محمود عزت نائب المرشد والقائم بأعماله في أغسطس/آب قبل عامين، دار صراع خفي بين منير الذي يدير الجماعة من لندن، وحسين وجبهته في إسطنبول، للهيمنة على السلطة في الجماعة، لكن الخلافات خرجت للعلن قبل نحو عام، حينما أقدم كل طرف على عزل الجبهة المنافسة.