لماذا رفع المركزي المصري الفائدة 6% دفعة واحدة؟.. التضخم والدولار الأسود
كشف البنك المركزي المصري عن أسباب رفع الفائدة 6%، قائلًا إن الاقتصاد تأثر في الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية.
وأضاف المركزي في بيان اليوم، أن ذلك تسبب في ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي، كما استمرت التداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية في التراكم تزامناً مع تعرض الاقتصاد العالمي لصدمات متتالية.
حالة عدم اليقين
وقال إن تلك الصدمات وتداعياتها تسببت في ارتفاع حالة عدم اليقين وتوقعات التضخم، ما زاد من الضغوط التضخمية، كما تسببت تحركات سعر الصرف الناجمة عن ذلك، بجانب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية وصدمات العرض المحلية، في استمرارية الضغوط التضخمية التي دفعت بدورها معدل التضخم العام إلى تسجيل مستويات قياسية.
وأكد المركزي المصري أنه رغم تباطؤ معدلات التضخم السنوية مؤخراً، فإن من المتوقع أن تتجاوز المعدل المستهدف، والمعلن من قبل البنك المركزي المصري البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من العام الجاري.
وشدد على حرصه على تحقيق دوره في حماية متطلبات التنمية المستدامة، والتزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، ومواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لمحاربة التضخم، عب خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق.
توحيد سعر الصرف
وأكد أن توحيد سعر الصرف يعد إجراءً بالغ الأهمية، إذ يسهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي عقب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي.
وأشار إلى أنه استمرارا لسياسة التقييد النقدي، فقد رفعت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الاستثنائي عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.
وذكر أنه بناءً على قرار اللجنة في اجتماعها بتاريخ الأول من فبراير/شباط 2024 برفع أسعار العائد الأساسية بنسبة 2%، فقد قررت اللجنة الإسراع بعملية التقييد النقدي، لتعجيل وصول التضخم إلى مساره الهبوطي، وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم.
التوقعات التضخمية
وأكد المركزي أهمية السيطرة على التوقعات التضخمية، وما تتطلبه السياسة التقييدية من رفع لأسعار الفائدة الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة، فهو يعي أن التقييد النقدي يمكن أن يتسبب في تراجع الائتمان الحقيقي الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، لكن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص، ولذلك فتحقيق استقرار الأسعار يخلق مناخاً مشجعاً للاستثمار والنمو المستدام للقطاع الخاص على المدى المتوسط.
ولفت إلى أن قرارات السياسة النقدية تأتي في إطار حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة بالتنسيق مع الحكومة، وبدعم من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف، واستعداداً لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح، تم توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي.
وأكمل أنه من المهم التنسيق بين السياسات المالية والنقدية للحد من أثر التداعيات الخارجية على الاقتصاد المحلي، الأمر الذي يضع الاقتصاد المصري على مسار مستدام للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وضمان استدامة الدين والعمل على بناء الاحتياطيات الدولية.
وتابع أنه من المرتقب أن يتسبب القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي في خفض التوقعات التضخمية وكبح جماح التضخم، ومن المتوقع أن يتبع التضخم العام مساراً نزولياً على المدى المتوسط، بعد الانحسار التدريجي للضغوط التضخمية المقترنة بتوحيد سعر الصرف. وذكر أن المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم تتضمن التوترات الجيوسياسية الإقليمية، والتقلبات في أسواق السلع الأساسية العالمية والأوضاع المالية العالمية، وسيتم الإعلان بوضوح عن إعادة تقييم معدلات التضخم المستهدفة التي يحددها البنك المركزي المصري.
وأردف أن قرارات لجنة السياسة النقدية تحتاج إلى وقت حتى ينتقل أثرها إلى الاقتصاد، ستستمر اللجنة في تقييم توازن المخاطر المحيطة بالتضخم بهدف السيطرة على التوقعات التضخمية، وترى اللجنة أن قرار رفع الفائدة سيساعد في تقييد الأوضاع النقدية على نحوٍ يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم، وسيتم الإبقاء على تلك المستويات حتى يتقارب التضخم مع مساره المنشود.
السيطرة على أسواق سعر الصرف
من جهته قال الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي إن قرار البنك المركزي في اجتماعه الاستثنائي اليوم برفع سعر الفائدة بنحو 6% دفعة واحدة ليصل سعرا الإيداع والاقراض لمدة ليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية إلى 27.25%، 28.25% و27.75% على الترتيب، إضافة إلى قراره السماح بتحديد سعر صرف الجنيه وفقا لآليات السوق، هي قرارات هامة وضرورية جاءت في توقيت مهم ومناسب من أجل السيطرة على أسواق سعر الصرف وكبح جماح معدلات التضخم والسيطرة عليه.
أوضح غراب، أن تلك القرارات تهدف للسيطرة والقضاء على السوق السوداء للعملة الصعبة وستسهم بلا شك في انهيارها، خاصة بعد دخول كمات كبيرة من النقد الاجنبي لمصر من صفقة رأس الحكمة فكان لابد من اتخاذ خطوات قوية وصارمة للقضاء على السوق الموازي للعملة خاصة بعد انهيارها خلال الفترة الماضية ووصولها لما يقارب ٤٠ جنيه مقابل الدولار، موضحا أن قرار تحرير سعر الصرف يقضي علي الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الدولار بالسوق السوداء ما يقضي على السوق الموازي للعملة نهائيا.
وأشار غراب، إلى أن القضاء على معدلات التضخم والقصاء على السوق الموازي للعملة كان هدفا رئيسيا للحكومة وسيتحقق بلا شك بعد هذه القرارات الهامة وسيعمل على توافر الدولار بالبنوك لتنفيذ احتياجات المستوردين والصناع والمنتجين لاستيراد مستلزمات الانتاج والخامات الضرورية وهذا يسهم في زيادة معدلات التشغيل وسيسهم في خفض الاسعار بلا شك لأن الاسعار الفترة الماضية كانت مسعرة علي الدولار بسعر سبعين جنيها الموجود بالسوق السوداء للعملة وهذا يخفض معدلات التضخم الفترة المقبلة.
تابع غراب، أن قرارات البنك المركزي صائبة ومصيرية من أجل استقرار الاقتصاد المصري والسيطرة على معدلات التضخم بشكل نهائي، موضحا ان قراراته تتسق مع متطلبات المرحلة الراهنة خاصة وأن تحرير سعر الصرف كان مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي وهذا يؤكد أن هناك تمويلات كبيرة من الصندوق لمصر سيتم الموافقة عليها بعد هذه القرارات، إضافة إلى أن رفع سعر الفائدة سيسحب السيولة النقدية من الأسواق ما يقلل من الطلب ويقصي علي معدلات التضخم بعد القضاء علي عمليات الدولرة التي هي السبب الرئيسي في زيادة معدلات التضخم.
أوضح غراب، أنه بعد هذه القرارات لابد من تشديد الرقابة على الأسواق الفترة المقبلة خاصة بعد تحديد سعر استرشادي لسبع سلع أساسية، متوقعا تطبيق القرار على عدد اخر من السلع من أجل خفض الاسعار بالأسواق ومواجهة جشع التجار.