ما الفرق بين سعر الصرف المرن والتعويم الكلي للعملة؟
تراجع الجنيه المصري أمام الدولار إلى متوسط 50 جنيها أمام الدولار في تعاملات متقلبة اليوم، وذلك في ظل سياسة سعر الصرف المرن.
وسجل سعر الدولار اليوم في مصر أعلى مستوى له، حيث أظهرت شاشات التداول لدى بنك المشرق سعر الدولار عند 27.25 جنيه للبيع، و27.15 جنيه للشراء، وبلغ 27.2 جنيه للبيع في عدة بنوك منها الإمارات دبي الوطني والأهلي المتحد.
وقال البنك المركزى المصري، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، إنه تم اتخاذ إجراءات إصلاحية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، وتحقيقاً لذلك سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام سعر صرف مرن، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساسي للبنك المركزي والمتمثل في تحقيق استقرار الأسعار، وبالتالي، سيمكن ذلك البنك المركزي المصري من العمل على تكوين والحفاظ على مستويات كافية من الاحتياطيات الدولية.
ما هو سعر الصرف المرن؟
سعر الصرف المرن (Flexible exchange rate) هو نظام نقدي يقوم على التزام قانوني صريح بصرف العملة المحلية مقابل عملة أجنبية محددة أو سلة عملات بسعر صرف ثابت، مع فرض قيود ملزمة على سلطة الإصدار لضمان وفائها بالتزاماتها القانونية.
ومرونة سعر الصرف مطلب رئيسي لصندوق النقد الدولي الذي وافق على حزمة إنقاذ مالي لمصر مدتها 46 شهرا بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أكتوبر/ تشرين الأول.
ويختلف سعر الصرف المرن عن التعويم الذي ينقسم إلى تعويم حر وتعويم مّدار أو جزئي، والتعويم الحر هو تحرير سعر صرف العملة لتصبح قيمتها مرتبطة بحركة العرض والطلب عليها في سوق فوركس (FOREX) لتداول العملات، وهي سوق عالمية موجود في أغلب بلدان العالم ولكنها لا تخضع لأسواق المال الرسمية، بل تخضع لهيئات رقابية متخصصة تتبع الحكومات في كل دولة.
والتعويم المدار هو تحرير جزئي لسعر صرف العملة مقابل سلة عملات أخرى، ولكن تحت رقابة البنك المركزي، الذي يتدخل أحيانا لإحكام السيطرة على سعر العملة المحلية، عبر تحديد سعر الفائدة صعوداً وهبوطاً، بما يحافظ على قيمة العملة في الأسواق وحمايتها من تقلبات الأسعار.
ويحتاج البنك المركزي إلى مستوى مرتفع من الاحتياطي النقدي يمكنه من التحكم في سعر العملة لضبط الأسواق، من خلال طبع المزيد من العملات أو شراء عملات أجنبية وطرحها بالأسواق للحفاظ على وفرة المعروض وبالتالي تنخفض الأسعار، أما في حالة التعويم الحر لا يحتاج البنك المركزي إلى احتياطي نقدي لضبط أسعار العملة المحلية، لأنها في هذه الحالة تتحدد قيمتها وفقاً لآليات العرض والطلب عليها.
سعر الدولار اليوم في مصر
تراجعت العملة المصرية الخميس نحو 40% مقابل الدولار، على الرغم من قول مصرفيين إن التداول كان ضعيفا والطلب على الدولار كان مرتفعا بعد ثالث انخفاض فعلي لقيمة الجنيه في أقل من عام.
وسجل الجنيه أكثر من 50 جنيها للدولار، على شاشات البنوك المصرية، بعد تذبذب أكثر من المعتاد. فيما تجمدت التعاملات في السوق السوداء بشكل جزئي.
وانخفض الجنيه بنحو 40% ، مسجلا أكبر حركة يومية منذ المرة الأخيرة التي سمح له البنك المركزي بالانخفاض بشكل حاد في أكتوبر/ تشرين الأول، مع الإعلان عن حزمة تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي. وتقلصت قيمة الجنيه 42.4 بالمئة خلال العام الماضي.
وكانت مرونة سعر الصرف مطلبا رئيسيا لصندوق النقد الدولي الذي وافق على حزمة إنقاذ مالي لمصر مدتها 46 شهرا بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وقال كريس تورنر من شركة (آي.إن.جي) "هذا سعر صرف خاضع لسيطرة شديدة".
كان الجنيه المصري قبل أقل من عامين يجري تداوله داخل نطاق ضيق دون 16 جنيها للدولار. وبعد أن سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض الحاد في مارس/آذار وأكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، سرعان ما استأنف التداول ضمن نطاق واسع، مسجلا 50 جنيها أمام الدولار.
وقال أيوميد أو ميجابي من (جيه.بي. مورجان) "من وجهة نظرنا، ربما تمثل التحركات الأخيرة خطوات أخيرة نحو نظام أكثر مرونة لسعر الصرف في مصر، ربما أقرب إلى التعويم المنظم".
وقبل عام فقدت سندات الحكومة المصرية في السوق الدولية بعض مكاسب يوم الأربعاء، وتتوقع العقود الآجلة غير القابلة للتسليم التي يستخدمها التجار لتسعير تحركات العملة في المستقبل مزيدا من الانخفاض للجنيه في فترة تمتد من الأشهر الثلاثة إلى الاثني عشر شهرا المقبلة.
وعلى الرغم من خفض قيمة العملة، استمر نقص العملات الأجنبية في إعاقة الواردات في الأشهر الماضية.
وأعلنت مصر العام الماصي أنها ألغت تدريجيا نظام خطابات الاعتماد الإلزامية للمستوردين الذي فرضته في فبراير/شباط.
وقال مصرفيان إن تداول الجنيه كان ضعيفا وإن الطلب على الدولار ظل مرتفعا اليوم في الوقت الذي تكافح فيه البنوك للاستجابة لطلبات ضخمة متراكمة لتوفير الدولار.
وأفاد أحد المصرفيين بأن الطلب على الدولار يتركز حول واردات في طريقها بالفعل للبلاد أو تم طلبها حديثا.
وكانت مصر واقعة بالفعل تحت ضغط مالي حين بدأت الحرب في أوكرانيا التي أضرت بعائدات السياحة وزادت كلفة استيراد السلع ودفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من البلاد.
وقال دويتشه بنك في مذكرة إن خفض قيمة العملة يوم الأربعاء ورفع البنك المركزي لسعر الفائدة الشهر الماضي "يظهران بوضوح نهجا لإعادة جذب التدفقات الأجنبية (الهيكلية) إلى الأسواق المحلية".
ومع انخفاض الجنيه يوم الأربعاء، قدمت البنوك المملوكة للدولة شهادات ادخار لمدة عام بعائد 25 بالمئة وقتها.
ويرجى أن تسحب هذه الإجراءات السيولة من السوق وتساعد بعض المصريين على حماية مدخراتهم من الارتفاع المتوقع في التضخم الذي وصل بالفعل إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات.
ويرجح خبراء أن تستقر سوق العملة في مصر بعد القرارات الأخيرة.