بالصور... تعرف على تاريخ الأسبلة في القاهرة التاريخية
سبيل المياه في مصر تاريخ يعكس روح التكافل بين فئات المجتمع منذ القدم.. "العين الإخبارية" ترصد عدداً من أشهر الأسبلة التي في مختلف أنحاء القاهرة التاريخية
تنتشر أسبلة المياه في ربوع مصر القديمة، كدليل على روح الخير والتكافل الاجتماعي من الأثرياء للفقراء وتقربا لوجه الله تعالى.
تعود فكرة ظهور الأسبلة إلى فترة العصر الأيوبي 1171م- 1250 م، ثم شهدت تطوراً كبيراً في المملوكي والعثماني من توفير المياه للعامة، إلى القيام بدورها في تعليم الأطفال القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن.
ومع أواخر القرن الـ 19 فقدت الأسبلة التي تفوق الـ200 سبيل وتنتشر في ربوع القاهرة، قيمتها ومكانتها الاجتماعية بعد تأسيس شركة المياه سنة 1869، وتوفير مصدر دائم ونظيف للمياه.
تاريخ الأسبلة وتطورها في مصر:
ترجع بداية ظهور فكرة الأسبلة، كما يقول الباحث حسن عبدالوهاب في كتاب "تاريخ المساجد الأثرية ج1" إلى العصر الأيوبي، وكانت ملحقة بالمدارس مع أحواض سقي الدواب، وكانت من إنشاء الأمراء ونسائهم.
وتذكر المصادر التاريخية أن السلطان المملوكي المنصور قلاوون بنى سبيلا يعلوه كتّاب عام 1326م"، يقول عنه علي باشا مبارك، أبوالتعليم المصري، في كتابه "الخطط التوفيقية"، القاهرة: 1888- 1889ج1" إنه كان قائما في سوق المؤيد، غير أن هذا السبيل اندثر الآن، ولم يعد له وجود.
ويضيف مبارك في كتابه: "يوجد بالقاهرة 200 سبيل ما بين عامر وخراب، وفي زمن الفرنساوية كان الموجود منها 245 سبيلا، منها نحو 60 سبيلا من أعظم المباني الفخيمة المتقنة؛ فيكون عدد ما اندثر منها في ظرف 90 سنة 45 سبيلا بسبب الإهمال، ولا يكاد يوجد سبيل إلا وتحته صهريج".
وعن الأسبلة وأهميتها في حياة الناس، قال فرنسوا جومار، المهندس الذي رافق الحملة الفرنسية على مصر، ووضع الخريطة الطبوغرافية للقاهرة، إن هذه الأسبلة كانت كبيرة النفع وعددها كبير، ويثبت جومار أن روح الخير أكثر انتشاراً في الشرق، وذكر منها نحو 63 سبيلاً، يستخدمها الناس للتزود بالمياه طوال اليوم، أما في شهر رمضان كان تسبيل المياه يبدأ بعد الغروب إلى ما بعد صلاة التراويح.
الأسبلة المملوكية:
أقيم العديد من الأسبلة في العصر المملوكي، وكان أبرزها سبيل"السلطان الغوري"عام 1504م، وهو ذو قيمة معمارية فريدة، فهو أكمل الأسبلة المملوكية من حيث عناصره المعمارية المميزة له، وهو يقع ضمن مجموعة السلطان الغوري الرائعة.
وكذلك سبيل"قايتباي"، وأنشأه السلطان قايتباي عام884 هـ-1479م، وسبيل مسجد "تمرار الأحمدي"عام876 هـ-1472م، وسبيل"الوفائية" عام 546هـ- 1442م
وهناك سبيل"الأمير شيخون" عام 755هـ- 1354م، سبيل" أم محمد علي الصغير" ويرجع للسيدة" زيبا قادرين"، على روح ابنها محمد علي الصغير.
الأسبلة العثمانية:
تطورت الأسبلة في العصر العثماني بعد أن كانت ملحقة بالمسجد في العصر المملوكي، حيث بنوا سبيلا منفصلا في كل حي عبارة عن بناء مربع بواجهة نحاسية لخدمة العامة والفقراء، وأيضا كنوع من الوجاهة الاجتماعية إذ ارتبط كل سبيل باسم صاحبه من الأمراء أو الأغنياء في المناطق والأحياء الشعبية، مثل حي الجمالية والسيدة زينب والغورية.
ومع انتشار الأسبلة في العصر العثماني ظهرت وظيفة "المزملاتي" الذي يملأ السبيل بالمياه، ثم تطور بعد ذلك الأمر لما يعرف بـ"المصاصة" وهو لوحة من الرخام أو الحجر مثبت عليها صنبور المياه داخل السبيل.
من أقدم الأسبة العثمانية الموجودة بالقاهرة سبيل وكتّاب "خسرو باشا" بمنطقة النحاسين، وسبيل "الأمير محمد"، و سبيل"القزلار"، وسبيل" مصطفى سنان"، وسبيل "عبد الرحمن كتخدا" حاكم مصر عام 1744م، وسبيل "أبو الإقبال عارفين بك"، وسبيل وكتاب "أمين أفندي بن هيزع"، وسبيل "إبراهيم بك المناسترلي".
أسبلة الأسرة العلوية:
في عصر أسرة محمد علي بُني سبيل "محمد علي" بمنطقة النّحاسين عام 1822م، وترجع قصة إنشائه أنه خصص صدقة جارية على روح ابنه الأمير"طوسون" الذي قاد الجيش للوصول لمنابع النيل وتأمين التجارة الأفريقية، ثم قامت حركة التمرد ضد الوجود المصري في السودان وأدت لمقتل إسماعيل باشا وبعض قادة الجيش، فأمر محمد علي ببناء سبيل فخم من الرخام الأبيض الذي استورده من تركيا، وجعله مزينا بالنقوش النباتية والآيات القرانية، بداخله صهريج على عمق تسعة أمتار.
الأسبلة النسائية:
عرفت مصر أيضا الأسبلة النسائية طوال التاريخ المملوكي والعثماني والعلوي، ففي العصر المملوكي كان هناك سبيل" نفيسة البيضا"، وفي العصر العثماني: سبيل "رقية دودو" الذي أنشئ على روح المرحومة رقية دودو في عام 1174هـ، أما في عصر الأسرة العلوية هناك سبيل"أم عباس"والدة الخديو عباس حلمي الأول عام 1867 تخليدا لاسم ابنها وصدقة جارية على روحه، وأيضا سبيل "أم حسين بك" عام 1869م.