خبراء مصريون: مساعي تركيا للتنقيب غرب قبرص مخالفة للقانون الدولي
الخبراء أكدوا أن التحركات التركية بشرق المتوسط تمثل "بلطجة دولية"، وتحمل مخالفة صريحة لاتفاقية الأمم المتحدة عام 1982.
قال خبراء قانون دولي ومسؤولون سابقون بقطاع البترول المصري، إن اتخاذ تركيا إجراءات أحادية فيما يتعلق بأنشطة حفر أعلنتها في منطقة بحرية غرب قبرص، يمثل "انتهاكا للقوانين الدولية، ويشكل مساسا وخطرا على الأمن والاستقرار بالمنطقة".
ووصف الخبراء في تصريحات لـ"بوابة العين الإخبارية" التحركات التركية بشرق المتوسط، وإعلانها الحفر غرب قبرص، بـ"بلطجة دولية"؛ وتحمل مخالفة صريحة لاتفاقية الأمم المتحدة لعلوم البحار الموقعة عام 1982.
- تركيا تواصل الاعتداء على مياه قبرص.. وتحذيرات مصرية وأوروبية
- مصر تستهدف إنتاج 3 مليارات قدم مكعبة من غاز حقل ظهر بنهاية 2019
وأشاروا في الوقت نفسه إلى أن عزلة تركيا تزداد مع الاكتشافات والاحتياطات الكبيرة لغاز شرق المتوسط، إضافة إلى احتمالات انضمام دول جديدة بالمنطقة، لـ"منتدى غاز المتوسط" الاقتصادي الذي انضمت له 7 دول في يناير/كانون الثاني 2019 عدا تركيا.
وحذرت الخارجية المصرية تركيا، أمس السبت، من اتخاذ أي إجراء أحادي الجانب فيما يتعلق بأنشطة حفر أعلنتها في منطقة بحرية غرب قبرص.
وقالت، في بيان، إن إقدام تركيا على أي خطوة دون الاتفاق مع دول الجوار في منطقة شرق المتوسط، قد يكون له أثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدة ضرورة التزام كافة دول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.
من جانبها، أعربت فيديريكا موغريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن "قلقها البالغ" حيال إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب في المنطقة.
وفي مارس عام 2018، ندد المجلس الأوروبي بشدة بمواصلة تركيا أنشطتها غير القانونية في شرق البحر المتوسط.
وأعلنت تركيا، الجمعة الماضية، أن سفنها ستجري عمليات حفر للتنقيب عن الغاز، حتى سبتمبر المقبل في منطقة بالبحر المتوسط، موضحة أن عمليات التنقيب ستجريها السفينة "الفاتح" و3 سفن مساندة لوجستية.
تهديد للأمن في شرق المتوسط
الدكتور محمد شوقي، أستاذ القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التنقيب التركي في منطقة بحرية غرب قبرص، يمثل تهديدا واضحا للسلم والأمن الدولي في شرق المتوسط، ويضر بمصالح مصر.
وحذر شوقي من أن التنقيب في غرب قبرص، قد يترتب عليه احتكاك عسكري بين دولتي قبرص واليونان من جهة، وتركيا من جهة أخرى، وهو ما يهدد الاستقرار بالمنطقة، ويدفع شركات التنقيب الدولية إلى التوقف عن العمل في المنطقة.
وأفادت تقارير في وسائل الإعلام القبرصية، أن عمليات الحفر التركية المرتقبة تتعدى على المنطقة الاقتصادية التابعة لجمهورية قبرص.
وزاد الخبير وأستاذ القانون الدولي المصري بأن عمليات الحفر التركية في المنطقة تخالف القانون واتفاقية الأمم المتحدة لعلوم البحار الموقعة عام 1982، وهي الأساس القانوني الذي تستند إليه الدول في الشؤون المتعلقة بالحدود البحرية والاستغلال الاقتصادي، والتي حددت حدود مصر وقبرص البحرية.
كانت مصر قد أعادت ترسيم الحدود البحرية بينها وبين قبرص في منطقة شرق المتوسط عام 2003، و2013 دون أن تكون تركيا طرفا فيها، وجاءت عملية الترسيم والاتفاقية وفق قانون فيينا للمعاهدات لعام 1969 ولاتفاقية الأمم المتحدة للبحار لعام 1982.
وأكد شوقي أن مطامع أنقرة واضحة بشرق المتوسط، وتسوق لحجة واهية بأن قبرص مجرد جزيرة، وليست دولة تتمتع بمنطقة اقتصادية خالصة، وليس لديها سوى 12 ميلا بحريا فقط، وهو ادعاء كاذب؛ لأن قبرص جزيرة ودولة ذات سيادة ومعترف بها من جميع دول العالم عدا أنقرة.
يشار إلى أن حكومة جمهورية قبرص تسيطر على ثلثي الجزيرة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط فقط، ويسيطر على الثلث الشمالي منها إدارة انفصالية مدعومة من تركيا.
ويقول شوقي إن العالم لم يعترف بقبرص الشمالية، بل هي أرض محتلة من قبل أنقرة، بعد أن غزت قبرص عام 1974 واحتلت الجزء الشمالي وأعلنتها دولة، كما أن أنقرة "تمارس بلطجة دولية، بعدم الاعتراف بقبرص، ومخالفتها لاتفاقية الأمم المتحدة لعلوم البحار".
وقدر استاد القانون الدولي أسباب التحرك التركي وإعلان نواياها للحفر والتنقيب في غرب قبرص، بأنه "مكايدة سياسية لمصر، ولصرف النظر عن الخسائر الاقتصادية لأردوغان في الداخل".
دور مفقود
أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق بمصر، أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن بيان وزارة الخارجية المصري جاء قويا وفوريا ويحمل تأكيدا بأن القاهرة لن تسمح بأي تهديد للأمن في هذه المنطقة، معتبرا أن "المسألة هنا حياة أو موت بالنسبة للاقتصاد المصري، حيث إن تلك المنطقة تتدفق منها كميات من الغاز القادم من حقل ظهر".
وكان طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية المصري، قال في تصريحات صحفية مؤخرا إن حقل ظهر شهد تحقيق أرقام قياسية سواء في حجم احتياطياته وإنتاجه من الغاز أو في معدلات التنفيذ التي فاقت في سرعتها وإنجازها حقولا مماثلة في مناطق أخرى من العالم.
ومنذ بدء باكورة إنتاج هذا الحقل العملاق في ديسمبر 2017، تضاعف إنتاجه أكثر من 6 مرات ليصل حاليا إلى أكثر من 2.3 مليار قدم مكعبة غاز يوميا.
ورأى وزير البترول المصري الأسبق أن "الخليفة العثماني (رجب طيب أردوغان) يبحث عن دور مفقود"، قائلا: "إن جميع معاركه السياسية في المنطقة، ومحاولات التحريض المستمرة، باءت بالفشل، فضلا عن خسارته أي دور ريادي في صناعة الغاز بمنطقة شرق المتوسط".
وأوضح أن: "الإعلان التركي مجرد مناوشات" من أردوغان، بعد أن خسر دوره في صناعة الغاز بالمنطقة، أو أن تصبح بلاده مركزا إقليميا للغاز في المنطقة (الهاب) للتحكم وتوزيع الغاز القادم من العراق وإسرائيل وقبرص".
وشدد على أن: ليس لتركيا أي حقوق في غاز منطقة غرب قبرص، وأصل الأزمة أن تركيا ليست لها واجهة على البحر المتوسط، نتيجة وجود قبرص أمامها، فضلا عن تطبيق ترسيم الحدود البحرية التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1982، ولم توقع تركيا عليها.
وقال كمال إن شعور أنقرة بالعزلة والضغينة زاد عقب ظهور احتياطات غاز كبيرة في المنطقة، إضافة إلى تأسيس منتدى غاز المتوسط في يناير 2019، واحتمالات ضم دولتي لبنان وسوريا له.
وأعلن وزراء الطاقة والبترول في دول: مصر وإيطاليا، واليونان، وقبرص، والأردن، وإسرائيل، وفلسطين، الإثنين 14 يناير/كانون الثاني 2019 إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط الاقتصادي، مقره العاصمة المصرية القاهرة، على أن تكون العضوية مفتوحة لمن يرغب بذلك.
ويشكل "منتدى غاز شرق المتوسط" فرصة للدول المتوسطية لتحقيق تعاون أكبر يعود بالنفع عليها، خصوصا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز في هذا الإقليم، التي تقدر بنحو 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.