غاز شرق المتوسط.. حماقة أردوغان في مواجهة القانون الدولي
بلطجة تركيا وطمع رئيسها أردوغان في الحصول على أي مكتسبات من كعكة غاز البحر المتوسط جاءت بعد تحقيق اكتشافات غازية ضخمة لمصر وقبرص.
هربا من أزماتها الاقتصادية، تسعى تركيا لإثارة مشكلات إقليمية بمنطقة شرق البحر المتوسط، مع إعلان نيتها البدء في إجراءات عمليات تنقيب عن الغاز في منطقة من البحر المتوسط حتى سبتمبر/أيلول المقبل، وهو ما أثار غضبا دوليا تجاهل الحماقات التركية.
ومطلع شهر مايو/أيار الجاري، أعلنت السلطات البحرية التركية نيتها إجراء عمليات تنقيب عن الغاز حتى سبتمبر/أيلول المقبل في منطقة من البحر المتوسط تقول السلطات القبرصية إنها تندرج ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزيرة.
- تركيا.. حلم السيطرة على غاز شرق المتوسط يتحول إلى كابوس مرعب
- 7 دول تدشن "منتدى غاز شرق المتوسط" ومقره القاهرة
بلطجة تركيا وطمع رئيسها رجب طيب أردوغان في الحصول على أي مكتسبات من كعكة غاز البحر المتوسط جاءت بعد تحقيق اكتشافات غازية ضخمة أعلنتها دول بمنطقة شرق البحر المتوسط، على رأسها مصر وقبرص.
وأعلنت مصر في 2015 اكتشاف حقل ظهر لإنتاج الغاز الطبيعي باحتياطيات تقدر بـ30 تريليون قدم مكعب، قبل أن تبدأ الإنتاج الفعلي منه في ديسمبر 2017، ويعد حقل ظهر أضخم حقل لإنتاج الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط.
فيما أعلنت قبرص اكتشافها حق أفروديت في ديسمبر 2011، باحتياطيات تقدر بنحو 4.5 تريليون قدم مكعب، قبل أن تعلن شركة إيني الإيطالية في 8 فبراير 2018 عن اكتشاف حقل كاليبسو 1، شمال الحدود البحرية بين مصر وقبرص، ووفقا لبعض التقديرات قد يصل احتياطي الحقل إلى 5.6 تريليون قدم مكعب.
- لبنان وقبرص يتعاونان للتنقيب عن النفط في البحر المتوسط
- وزير مصري: "شرق المتوسط"مؤهلة لتصبح مركزاً لتجارة وتداول الغاز عالميا
وتعارض تركيا قيام قبرص بالتنقيب عن النفط والغاز بمياه البحر المتوسط، زاعمة أن ذلك يتناقض مع حقوقها، إذ قال الرئيس التركي في تصريحات نقلتها وكالة أسوشيتد برس، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إن تركيا لن تقبل بمحاولات استبعادها وجمهورية شمال قبرص التركية من ثروات البحر المتوسط".
وخلال السنوات الأخيرة وقعت جمهورية قبرص، البلد العضو في الاتحاد الأوروبي، عقودا للتنقيب عن الغاز مع شركات عملاقة مثل إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأمريكية.
وإلى جانب ذلك وقعت حكومتا مصر وقبرص اتفاقا لإنشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز الطبيعي من حقل أفروديت لمحطات الإسالة على ساحل البحر المتوسط بمصر، ومن ثم إعادة تصديره.
ويقول القبارصة الأتراك في شمال قبرص، الذين تدعمهم تركيا، إن أي موارد من التنقيب في البحر للقبارصة اليونانيين يجب أن "يتشاركاها معا".
مواجهة البلطجة بالقانون
في الوقت الذي لا يستند فيه أردوغان إلى أي أسس قانونية لإعلان التنقيب عن الغاز والنفط بمياه البحر المتوسط، فإن قبرص اليونانية -أو قبرص البلد العضو في الاتحاد الأوروبي- تستمد قوتها والدعم الدولي من اتفاقيات ترسيم حدود وقعتها مع كل من مصر وإسرائيل ولبنان.
اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص التي بدأت 2003، حيث تم تحديد 8 نقاط إحداثية تحدد مساحة المياه الاقتصادية لكل بلد، وتم توقيع الاتفاقية في ديسمبر/كانون الأول 2013، قبل أن يصدق عليها في سبتمبر 2014 من الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس القبرصي نیكوس أنستاسیادس.
واتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، وفقا لتصريحات دبلوماسيين مصريين، وخاصة في ظل اتساق الاتفاقية مع قواعد القانون الدولي، وإيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة.
مصر ليست وحدها في اتفاقيات ترسيم الحدود مع قبرص؛ فهناك كل من لبنان الذي وقع اتفاقية عام 2007، وأيضا إسرائيل التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول 2010 اتفاقية تحديد الحدود البحرية مع قبرص.
غضب الاتحاد الأوروبي
بلطجة تركيا ورئيسها أردوغان ولدت غضبا دوليا نددت به وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، بمواصلة تركيا أنشطتها غير القانونية في شرق البحر المتوسط".
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، تركيا بإلحاح إلى ضبط النفس واحترام الحقوق السيادية لقبرص في منطقتها الاقتصادية الخالصة والامتناع عن أي عمل غير قانوني"، مؤكدة أن "الاتحاد الأوروبي سيرد عليه في شكل ملائم وبتضامن كامل مع قبرص".
تحذير مصري
وحذرت الخارجية المصرية تركيا من اتخاذ أي إجراء أحادي الجانب فيما يتعلق بأنشطة حفر أعلنتها في منطقة بحرية غرب قبرص.
وقالت الخارجية إن إقدام تركيا على أي خطوة دون الاتفاق مع دول الجوار في منطقة شرق المتوسط، قد يكون له أثر على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكدت ضرورة التزام جميع دول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.
إعلان القاهرة
وعلى العكس من ممارسات أردوغان التي تثير الفرقة بين دول منطقة شرق المتوسط فإن مصر دعت مطلع العام الجاري، كل دول منطقة شرق المتوسط للتعاون من خلال تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، وهو المنتدى الذي شارك في تأسيسه كل من وزراء الطاقة القبرصي واليوناني والإسرائيلي والإيطالي والأردني والفلسطيني، بالإضافة إلى وزير البترول المصري.
وأعلن الوزراء اعتزامهم إنشاء "منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)" بهدف تأسيس منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق مع مبادئ القانون الدولي، وتدعم جهودهم في الاستفادة من احتياطاتهم واستخدام البنية التحتية وبناء بنية جديدة وذلك بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم.
الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام مصرية، إن أي محاولات تركية للتنقيب في شرق المتوسط يخالف كل القواعد والأعراف والقوانين، وزعمها امتلاك حقوق في منطقة الجرف القاري يمكن إثباته بالقانون الدولي لا بالقوة، معقبا: الحقوق ترد لأصحابها بالقوانين والمفاوضات والوساطة والاحتجاج لدى المنظمات الدولية.
وواصل في تصريحات صحفية، أن ما تفعله تركيا من حفر في غرب قبرص وفقا لقانون البحار الدولي يعد أعمالا عدائية، مضيفا أن هذا إجراء أرعن ويخالف كل الأعراف الدولية.