قائد القوات البحرية يكشف لـ"بوابة العين" دور مصر في حفظ الأمن العربي
الفريق أحمد خالد، قائد القوات البحرية المصرية، دائما ما يتردد اسمه مع كل إنجاز تحرزه القوات البحرية المصرية
الفريق أحمد خالد، قائد القوات البحرية المصرية، والذي دائما ما يتردد اسمه مع كل إنجاز أو تقدم تحرزه القوات البحرية المصرية، ومع كل مرة يُرفع فيها العلم المصري فوق قطعة بحرية جديدة تنضم للخدمة في الأسطول المصري.
وبمناسبة العيد الـ50 للبحرية المصرية، يجيب الفريق أحمد خالد عن تساؤلات عدة حول التسليح البحري وأهميته لمصر والمنطقة العربية، ودور البحرية المصرية في عملية إعادة الأمل باليمن ومشاركة قوات التحالف العربي في هذه المهمة.
كذلك يوضح الفريق كيفية الاستفادة من التدريبات البحرية المشتركة بين مصر والدول الشقيقة والصديقة في محاربة الإرهاب.
لماذا وقع الاختيار على اليوم 21 أكتوبر/تشرين الأول ليكون عيدا للبحرية المصرية؟
في يوم 21 أكتوبر/تشرين أول عام 1967، صدرت الأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة إلى قيادة القوات البحرية بتنفيذ هجمة على أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية في ذلك التوقيت وهي المدمرة (إيلات)، التي اخترقت المياه الإقليمية المصرية كنوع من إظهار فرض السيطرة الإسرائيلية على مسرح العمليات البحرية، وعلى الفور صدرت الأوامر بمغادرة لنش صواريخ للتعامل مع المدمرة (إيلات) ونجح في إغراقها باستخدام الصواريخ البحرية (سطح-سطح)، وللمرة الأولى في تاريخ بحريات العالم تنجح وحدة بحرية صغيرة الحجم في تدمير وحدات بحرية كبيرة الحجم مثل المدمرات أو الفرقاطات، ما أدى إلى تغيير في الفكر الاستراتيجي العالمي، وبناءً على الحدث التاريخي، فقد تم اختيار يوم 21 أكتوبر ليكون عيداً للقوات البحرية المصرية لسببين رئيسين؛ أولهما أن العملية المذكورة نُفذت بعد حرب 1967 بنحو 3 أشهر وكانت من أعنف الأزمات التي عصفت بمصر بل العالم العربي خلال تاريخنا الحديث وكانت هذه الفترة مليئة بالأحزان واليأس وكان لا بد من القيام بعمل بطولي يرفع الروح المعنوية للقوات المسلحة ويعيد الثقة للشعب في قواته المسلحة.
والسبب الثاني يتلخص في أن إغراق المدمرة إيلات يعتبر من أهم التطورات في مجال الحرب البحرية الحديثة التي حدثت خلال النصف الأخير من القرن الـ20، فقد كانت هذه العملية هي الأولى من نوعها في التاريخ لاستخدام الصواريخ سطح-سطح في الحرب البحرية ونتج عن نجاح العملية تغيير شامل لمفاهيم التكتيك البحري في العالم بأسره.
حدثنا عن الدور الذي تسهم به القوات البحرية في تأمين حدود مصر الساحلية وحماية المياه الإقليمية والاقتصادية؟
القوات البحرية كأحد الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، تنفذ العديد من المهام لتأمين الجبهة الداخلية وحماية ركائز الأمن القومي على المستويين الداخلي والخارجي، وتنوعت المهام التي نفذتها القوات البحرية من تأمين جميع موانئ جمهورية مصر العربية بصفة دائمة وعلى مدار الساعة، والمحافظة على انتظام حركة الملاحة البحرية وتأمين المياه الإقليمية والاقتصادية، ومنع أية اختراقات لسواحلنا ومنع عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات ومكافحة عمليات الهجرة غير الشرعية، وكذا تأمين خطوط مواصلاتنا بالإضافة إلى تأمين حركة الملاحة للسفن التجارية بالمجرى الملاحي لقناة السويس في الاتجاهين الشمالي والجنوبي، وتأمين المنشآت الحيوية على الساحل وبالبحر من منصات وحقول البترول والغاز الطبيعي، وكذا القيام بأعمال المعاونة والانقاذ في حالات الكوارث والأزمات.
ماذا عن دور القوات البحرية في العملية الشاملة "حق الشهيد" والتصدي لمحاولات التسلل على امتداد السواحل المصرية؟
نقاط عدة تلخص هذا الدور، لعل أهمها عزل منطقة العمليات من ناحية البحر بواسطة الوحدات البحرية وعدم السماح بهروب العناصر الإرهابية من جهة البحر ، كذلك منع أي دعم يصل لهم من جهة البحر.
الأمر الثاني، الاستمرار في تأمين خط الحدود الدولية مع الاتجاه الشمالي الشرقي وتكثيف ممارسة حق الزيارة والتفتيش داخل المياه الإقليمية المصرية والمنطقة المجاورة ومعارضة أية عائمات أو سفينة مشتبه فيها.
كذلك قامت عناصر الصاعقة البحرية باستخدام العائمات الخفيفة المسلحة بمداهمة جميع الأوكار والمنشآت المشتبه فيها على الساحل وتفتيشها بطول خط الساحل الشمالي لسيناء وبالطبع جميع هذه الأعمال تتم بتنسيق كامل مع كل الأفرع الرئيسية والتشكيلات التعبوية العاملة بهذه المنطقة بما يحقق تنفيذ هدف القيادة العامة للقوات المسلحة من العملية حق الشهيد للحفاظ على أمن وسلامة مصر.
استراتيجيا.. ما أهمية تدشين الأسطولين الشمالي والجنوبي بالبحرين المتوسط والأحمر؟
في ظل التطوير والتحديث الذي تُنفذه القوات المسلحة عامة والقوات البحرية خاصة لمواكبة التطور التكنولوجي العالمي ولتكون قادرة على مجابهة كل العدائيات والتهديدات نمطية وغير نمطية، والتي أصبحت تهدد منطقة الشرق الأوسط عامة وجمهورية مصر العربية خاصة، تمت إعادة تنظيم القوات البحرية وتقسيمها إلى أسطولين لزيادة فاعلية القيادة والسيطرة ما يتيح للقيادات على كل المستويات التقدير الفوري للموقف وسرعة اتخاذ القرار مع إمكانية تحقيق المرونة اللازمة لتنفيذ المتطلبات العملياتية بسرعة دفع التشكيل المناسب لطبيعة المسرح ووفقا لنوع العدائيات لتحقيق المهمة بأقل خسائر ممكنة.
ما الدور الذي تنفذه القوات البحرية لحماية المجتمع من محاولات الهجرة غير الشرعية وأعمال التهريب للمخدرات والبضائع؟
في ظل الأوضاع غير المستقرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة والمنطقة العربية بصفة خاصة ومع انهيار بعض الأنظمة العربية وصولا بما يعرف بالدول الهشة والتي لا تستطيع السيطرة على حدودها أو فرض قوانين الدولة، فقد تفاقمت ظاهرة الهجرة غير الشرعية خلال الفترة السابقة عبر سواحل تلك الدول، ما أوجب على الدولة المصرية سن قوانين وتشريعات جديدة للقضاء على الظاهرة، وقامت القوات البحرية بالتعاون الكامل مع كل الجهات المعنية بالدولة وقوات حرس الحدود بالتصدي لهذه الظاهرة وتوجيه ضربات حاسمة للقائمين على أعمال الهجرة غير الشرعية وقد نجحت هذه المجهودات؛ حيث وضح جلياً انخفاض معدلات الهجرة غير الشرعية؛ حيث تم إلقاء القبض على مجموعة من بلنصات الصيد وإحباط محاولة تهريب أكثر من 250 مهاجرا غير شرعي إلى أوروبا وعدد من الفلايك المستخدمة لتهريب (المخدرات- السلاح- البضائع غير خالصة الجمارك) خلال 2017 حتى الآن، نتيجة لتكثيف أعمال المرور وتنفيذ حق الزيارة والتفتيش للسفن المشتبه بها بما يقارب 20 بلنصا وإحباط محاولة تهريب أكثر من 2800 مهاجر غير شرعي إلى أوروبا وما يقارب 60 فلوكة مُستخدمة في تهريب (مخدرات- سلاح- بضائع غير خالصة الرسوم الجمركية) خلال عام 2016، ما يظهر عزم القوات البحرية على القضاء على هذه الظاهرة والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات الشعب.
ما أوجه الاستفادة من تلك التدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة؟
نظراً للمكانة العالمية للقوات البحرية المصرية وتصنيفها حديثاً كواحدة من أكبر وأقوى البحريات بالشرق الأوسط، تحرص العديد من الدول الصديقة والشقيقة على تنفيذ تدريبات مشتركة مع مصر وتعود على الطرفين بالعديد من الفوائد، يأتي في مقدمتها إتقان تنفيذ المهام المختلفة وصقل مهارات ضباطنا وجنودنا وذلك من خلال الاستفادة من التطور في مساعدات التدريب ومنظومات التسليح الحديثة المتوفرة لدى الدول الشقيقة والصديقة.
وفي المقام الثاني، تتحقق الاستفادة من التدريب في ظروف جومائية مختلفة ومسرح عمليات مختلف لدراسة تأثيره على الأسلحة والمعدات، كذلك التعرف على فكر الدول المشتركة في التدريب في إدارة الأعمال القتالية، وتدريب الضباط على أحدث الوحدات البحرية في العالم والتعرف على أساليب التدريب القتالي بالبحر.
هل يتم التخطيط للتدريب على التعاون المشترك في مواجهة التهديدات المشتركة؟
يحدث الآن فعلياً، فنحن ننفذ تدريبات بحرية مشتركة مع بعض الدول العربية والآن تشارك مصر قوات التحالف العربي في عملية (إعادة الأمل) لمواجهة التهديدات المشتركة التي تهدد الأمن القومي المصري والعربي.
حدثنا عن الدور الذي تشارك به القوات البحرية في عملية "إعادة الأمل" تجاه الشعب اليمني؟
حرصاً من القيادة السياسية للدولة على الحفاظ على استقرار الشعب اليمنى الشقيق وتثبيت الشرعية الدستورية للدولة اليمنية بعد الانقلاب على الحكم الشرعي للبلاد بمعرفة الحوثيين وبناءً على طلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بالتدخل العربي في اليمن انضمت وحدات القوات البحرية مع قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في العملية (إعادة الأمل) منذ شهر مارس 2015 وحتى تاريخه لتحقيق الأمن والاستقرار للشعب اليمنى الشقيق وذلك بعدد من الوحدات البحرية بمهمة فرض الحصار البحري على الموانئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة قوات الحوثيين لمنع تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية للأراضي اليمنية، وكذا تامين حركة الملاحة البحرية جنوب البحر الأحمر وخليج عدن وحتى باب المندب.
ما الذي ستضيفه القطع الجديدة (سجم الفاتح من طراز جوويند الفرنسية) و(سجم شباب مصر من طراز بوهانج الكورية الجنوبية) للبحرية المصرية؟
تأمين الأهداف الاقتصادية والحيوية للدولة بالبحر هي إحدى المهام الرئيسية للقوات البحرية المصرية، وفي ظل تنامي اكتشافات البترول والغاز داخل المياه الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية ولمسافات تصل إلى 100 ميل بحري من الساحل المصري بما يتطلب وجود وحدات لها القدرة على الإبحار لمسافات بعيدة وتحمل حالات البحر المختلفة لتأمين هذه الاكتشافات، فقد كان لانضمام هذه الوحدات الجديدة ذات الإمكانيات العالية أكبر الأثر في زيادة القدرات القتالية للقوات البحرية التي تمكنها من تأمين كل الأهداف الحيوية والاقتصادية.
تسلمت القوات البحرية ثاني غواصة مصرية حديثة من طراز (209/1400)، ما أهميتها؟
هذا النوع من أحدث الغواصات التقليدية على مستوى العالم، وقد حرصت القوات المسلحة على تطوير قدراتها العسكرية في كل الأفرع والتخصصات وإدخال أحدث النظم القتالية والفنية لتكون قادرة على تنفيذ كل المهام الاستراتيجية داخل وخارج الجمهورية، ولعل انضمام الغواصات طراز (209/1400) للقوات البحرية يشكل نقلة نوعية أسهمت في رفع القدرات القتالية للقوات البحرية بما يمكنها من مجابهة كل التهديدات التي تؤثر على الأمن القومي المصري وتكون بمثابة رسالة ردع لمن تسول له نفسه التفكير في المساس بمصالحنا الاقتصادية أو تهديد أمننا القومي على كل مسارح العمليات.
يقاس تقدم الشعوب بمدى امتلاكها منظومة متكاملة من الطاقات البشرية والتقنية القادرة على الابتكار والتطوير والبحث العلمي وبناء قاعدة متطورة للتصنيع والتأمين الفني والصيانة والإصلاح.. كيف يترجم ذلك داخل القوات البحرية؟
بالفعل تمتلك القوات البحرية 3 قلاع صناعية بحرية تتمثل في ترسانة إصلاح السفن بالقوات البحرية، الشركة المصرية للإصلاح وبناء السفن، وأخيرا شركة ترسانة الإسكندرية، وهي قادرة على التأمين الفني وصيانة وإصلاح الوحدات البحرية المصرية وأيضاً قادرة على التصنيع، وقد بدأت بالفعل في تصنيع عدد من لنشات تأمين الموانئ ولنشات الإرشاد والقاطرات بالإضافة إلى التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في مجال التصنيع المشترك حيث يتم حاليا التصنيع المشترك للفرقاطات طراز جويند بترسانة الإسكندرية، بسواعد وعقول مصرية مدربة ومؤهلة وبالتعاون مع الجانب الفرنسي.