الرئاسة المصرية توضح حقيقة اجتماع السيسي ونتنياهو سرا
الرئاسة المصرية قالت إن التقرير الإسرائيلي عن القمة الرباعية بين السيسي والعاهل الأردني وجون كيري ونتنياهو تتضمن معلومات مغلوطة.. ماذا قال التقرير الإسرائيلي؟
أصدرت الرئاسة المصرية، مساء الأحد، بيانا عاجلا؛ تعليقاً على ما تداوله أحد التقارير الصحفية بشأن مشاركة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في اجتماع سري مع كل من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري في العقبة العام الماضي.
الرئاسة لم تنف الاجتماع واكتفت بتوضيح الموقف المصري من القضية الفلسطينية وثوابت هذا الموقف، مشيرة إلى أن التقرير الصحفي الذي نشرته صحيفة هاأرتس الإسرائيلية كان مليئا بالمغالطات.
وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بأن مصر لا تدخر وسعاً في سبيل التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية استناداً إلى حل الدولتين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أساس حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، دون أية مواءمات أو مزايدات، وهو الموقف الذي يتنافى مع ما تضمنه التقرير من معلومات مغلوطة.
وأكد المتحدث الرسمي أن مصر تقوم بجهود متواصلة لتهيئة المناخ أمام التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية يستند إلى الثوابت القومية والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني. وفي هذا الإطار سعت مصر إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المعنية، ودعم أية مبادرات أو لقاءات تهدف إلى مناقشة الأفكار العملية التي تساعد على إحياء عملية السلام من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل يساهم في إعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط.
كما أشار المتحدث الرسمي إلى إيمان مصر بأن القضية الفلسطينية كانت وستظل هي القضية المحورية في الشرق الأوسط، وأن التوصل إلى حل نهائي لها سيسفر عن واقع جديد يضمن توفير الأمن والأمان للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وسيعطي الأمل لكل شعوب المنطقة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلع إليها، فضلاً عن القضاء على إحدى أهم الذرائع التي تستند إليها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتبرير أفعالها.
كانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد كشف عن لقاء سري جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة إن اللقاء الذي تم في مدينة العقبة الأردنية منذ عام شهد عرض مبادرة سلام إقليمي تتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدعم عربي، لكن نتنياهو رفض المبادرة بدعوى عجزه عن حشد أغلبية لصالحها في ائتلافه الحكومي.
وأوضحت أن هذه القمة السياسية السرية شكلت أساسا بدأ نتنياهو بعدها اتصالاته مع زعيم المعارضة الإسرائيلية وزعيم المعسكر الصهيوني إسحاق هيرتسوج لتشكل حكومة وحدة وطنية.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنها حصلت على تفاصيل هذا اللقاء من موظفين كبار سابقين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، كانوا على علم بتفاصيل القمة السرية، وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب الحساسية السياسية للموضوع، بينما رفض ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق.
وذكرت أن من بادر إلى عقد هذه القمة هو وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري. ففي أبريل 2014 انهارت مبادرة السلام التي قادها، وتم تجميد المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، فيما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما عن "توقف مؤقت" للمحاولات الأمريكية الرامية إلى استئناف عملية السلام بين الجانبين.
وبعد عام ونصف، تركزت جهود كيري على تحقيق الاتفاق النووي مع ايران، الذي تم التوصل إليه أخيرا في يوليو 2015، ووافق عليه الكونجرس الامريكي في سبتمبر من ذلك العام.
في أكتوبر 2015، جدد كيري نشاطه في الملف الفلسطيني الإسرائيلي على خلفية التصعيد حول الحرم القدسي الشريف وموجة من العنف في القدس الشرقية والضفة الغربية. ونجح كيري في نهاية الشهر نفسه في تحقيق نوع من التفاهمات بين الفلسطينيين والأردن وإسرائيل حول الوضع الراهن في الحرم القدسي. وكجزء من تلك التفاهمات أيضا، بدأت المحادثات بين الأردن وإسرائيل حول تركيب كاميرات مراقبة في الحرم القدسي، وهي الفكرة التي لم تخرج في نهاية المطاف إلى حيز التنفيذ.
بعد أسبوعين، سافر نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأول مرة منذ أكثر من عام، وتشاجر الاثنان بشكل غير مسبوق حول إبرام الاتفاق النووي مع إيران. وفي لقاء مع اوباما في المكتب البيضاوي في 10 نوفمبر، زعم نتنياهو أن لديه أفكار لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وأوباما، الذي لم يصدق جدية نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي، طلب منه مناقشة الأمر مع كيري.
في اليوم التالي، التقى نتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكية، وعرض القيام بسلسلة من المبادرات المهمة تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك الموافقة على توسعات هائلة في بناء وحدات سكنية للفلسطينيين في المنطقة (ج) بالضفة الغربية، التي تفرض عليها اسرائيل السيطرة المدنية والأمنية. وطلب نتنياهو في المقابل أن تعترف الإدارة الأمريكية بحق إسرائيل في البناء بالكتل الاستيطانية، لكنه لم يحدد ما إذا كان ذلك يعني من وجهة نظره تجميدا للبناء خارج الكتل الاستيطانية أم لا.
في الأسبوعين التاليين، عقد نتنياهو اجتماعين طويلين لمجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني السياسي المصغر، حاول خلالهما حشد الدعم لحزمة خطوات أراد تنفيذها في الضفة الغربية. ومع ذلك، تسببت سلسلة من الهجمات التي وقعت في تلك الأيام إلى جانب معارضة قوية من جانب وزيري حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت وايليت شاكيد، في تثبيط حماسة نتنياهو.
وعندما سافر كيري إلى إسرائيل في 24 نوفمبر، أوضح نتنياهو له أن المقترحات التي عرضها عليه قبل أسبوعين فقط لم تعد قائمة.
كيري، الذي كان مصدوما من تراجع نتنياهو، التقى في نفس اليوم أيضا مع زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هيرتسوج وبحث معه إمكانية انضمام المعسكر الصهيوني للائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو. لكن إجابة هيرتسوج لم تحسن الحالة المزاجية لكيري، فقد قال: "لا توجد أي إشارات على أي تغيير في السياسة التي ينتهجها نتنياهو، وفي وضع كهذا لا يوجد أي احتمال أو سبب لانضمامنا الى الحكومة".
وغادر كيري المنطقة غاضبا ومحبطا. وبعد أسبوع من ذلك، ألقى كلمة في "منتدى سابان" بواشنطن، انتقد فيها نتنياهو بشدة، وقال ان سياسة حكومته تقود إسرائيل إلى واقع دولة ثنائية القومية.
وبعد فشل مهمة كيري، عاد الفلسطينيون إلى السير قدما ضد إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة - بما في ذلك طرح مسودة مشروع قرار لمجلس الأمن بشأن المستوطنات.
وفي إسرائيل، بدأ مجلس الوزراء السياسي الأمني المصغر مناقشة احتمال انهيار السلطة الفلسطينية. وفي أوروبا بدأت فرنسا التحضير لعقد اجتماع حضره العشرات من وزراء الخارجية لبحث القضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من هذا الأفق المسدود، رفض كيري الاستسلام، حسب تعبير الصحيفة الإسرائيلية، وقام في ديسمبر ويناير بصياغة وثيقة، مع مستشاريه المقربين، تضمنت مبادئ لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل كجزء من مبادرة سلام إقليمي بالتعاون مع الدول العربية. وكانت المبادرة التي بلورها كيري في بداية عام 2016 تشبه لما عرضه في كلمته التي ألقاها في نهاية العام، قبل 3 أسابيع من دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وتضمنت خطة كيري 6 مبادئ هي:
• حدود دولية آمنة ومعترف بها بين اسرائيل والدولة فلسطينية قابلة للوجود والبقاء على أساس حدود عام 1967، مع تبادل متفق عليه للأراضي.
• تحقيق رؤية قرار الأمم المتحدة رقم 181 (قرار التقسيم) بإقامة دولتين لشعبين - إحداهما يهودية والأخرى عربية – تعترف كل منهما بالأخرى، وتمنح المساواة والحقوق الكاملة لمواطنيها.
• حل عادل متفق عليه وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، بما يتفق مع حل الدولتين لشعبين، ولا يؤثر على الطابع الأساسي لإسرائيل.
• حل متفق عليه للقدس كعاصمة للدولتين يعترف بها المجتمع الدولي، مع ضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة وفقا للوضع الراهن.
• الاستجابة لاحتياجات إسرائيل الأمنية، وضمان قدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها بشكل فعال، وضمان قدرة فلسطين على توفير الأمن لمواطنيها، في دولة ذات سيادة ومنزوعة السلاح.
• إنهاء الصراع وانتهاء المطالب، بما يسمح بتطبيع العلاقات وتعزيز الأمن الإقليمي للجميع وفقا لرؤية مبادرة السلام العربية.
في 21 يناير، التقى كيري نتنياهو في مدينة دافوس السويسرية، وعرض عليه وثيقة المبادئ التي وضعها وتفاصيل المبادرة الإقليمية، واقترح عقد أول قمة من نوعها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وملك الأردن لبحث سبل دفع المبادرة.
في 31 يناير، تحدث كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) هاتفيا، وأطلعه على تفاصيل محادثته مع نتنياهو في دافوس. وبعد أن وافق نتنياهو على عقد الاجتماع، بدأ كيري ورجاله الترتيب لهذه القمة، خاصة مستشاره المقرب فرانك لونشتاين، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لعملية السلام.
وتقول الصحيفة إنه بعد محادثات سرية جرت مع الإسرائيليين، والأردنيين والمصريين، تقرر عقد القمة في 21 فبراير في مدينة العقبة بالأردن. وتم الاتفاق على أن تكون القمة سرية وألا يكشف أي طرف عن تفاصيلها.
ولم يشارك أبو مازن في القمة، لكنه كان على علم بعقدها، والتقى كيري في عمان في صباح 21 فبراير. وفي البيانات التي أصدرها الجانبان بعد اللقاء لا يمكن العثور على أية إشارة لما كان سيعقد بعد ساعات قليلة. وبعد أن أنهى كيري لقائه مع عباس، صعد إلى طائرة صغيرة تابعة للقوات الجوية الأردنية مع عدد قليل من مستشاريه ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة. وبعد 45 دقيقة تقريبا، هبطت الطائرة في العقبة.
وقبل القمة الرباعية، التقى كيري كل واحد على حدة. وأشار مسؤول أمريكي سابق إلى أن كيري طلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله دعم مبادرته، وإقناع دول عربية أخرى بدعمها كذلك. وأراد وزير الخارجية الأمريكي أن تشارك هذه الدول في العملية السياسية الإقليمية، التي سيكون استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل جزءا منها.
وطلب كيري من عبد الله أن يضغط على أبو مازن للموافقة على استئناف المفاوضات على أساس الخطة الأمريكية، وأن يفعل السيسي نفس الشيء مع نتنياهو. وقال مسؤول أمريكي كبير سابق أن السيسي وملك الأردن وافقا على دعم الخطة الأمريكية، وأن السيسي أكد لكيري أن الإقناع سيكون أكثر فعالية من الضغط والإجبار.
واشار عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين إلى أنه في اللقاء الذي أجراه كيري مع نتنياهو في سياق القمة، تهرب رئيس الوزراء الإسرائيلي من تقديم إجابة واضحة على العرض المقترح والخطة. وقالوا إن نتنياهو قدم سلسلة من التحفظات، مدعيا أن المبادئ مفصلة بشكل أكثر من اللازم، وأنه سيكون من الصعب عليه حشد الدعم السياسي اللازم لها في ائتلافه الحكومي.
وكان اللقاء الرباعي أكثر درامية. فعلى الرغم من أن الموضوع الرئيسي للنقاش وهو مبادرة السلام الإقليمية، شغل جزءا مهما من وقت الاجتماع، إلا أن مناقشة الوضع في المنطقة بشكل عام استغرق وقتا كبيرا. فقام الرئيس السيسي والملك عبد الله بتوجيه نقد قاس لسياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط، سواء في الملف الايراني أو السوري. ومع ذلك، تفاعل الاثنان بإيجابية مع خطة كيري وحاولا إقناع نتنياهو بقبولها.
وأشار كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين إلى أن نتنياهو كان مترددا، وبدلا من تركيزه فقط على مبادرة كيري، قدم في هذا اللقاء اقتراحا سماه "خطة النقاط الخمس". وكجزء من هذه الخطة، أعرب نتنياهو عن استعداده لتنفيذ خطوات إيجابية تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي الخطوات التي تحدث عنها مع كيري في نوفمبر 2015. وقال إنه سيصدر بيانا إيجابيا بشأن مبادرة السلام العربية. وطلب في المقابل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وعقد قمة سلام إقليمية، يشارك فيها ممثلون رفيعو المستوى من السعودية ودول سنية أخرى.
وبعد محادثات استمرت عدة ساعات، عاد كل زعيم إلى بلاده، بعد أن اتفقوا على أنهم سيواصلون دراسة مختلف الاقتراحات. لكن قمة العقبة السرية كان لها تأثير فوري تقريبا على السياسة الإسرائيلية الداخلية. وكانت في الواقع هي الأساس الذي بدأت عليه، بعد أسبوعين أو ثلاثة، المحادثات بين نتنياهو وزعيم المعسكر الصهيوني المعارض لبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقام نتنياهو باطلاع زعيم المعارضة الإسرائيلية على ما جرى في قمة العقبة، بينما حاول هيرتسوج الذي كان متشككا، معرفة ما يقف وراء عرض نتنياهو. وتحدث هاتفيا مع كيري، والملك عبد الله عاهل الأردن وحتى مع الرئيس السيسي، وسمع منهم التفاصيل. وكان السيسي وعبد الله متشككين بشأن قدرة نتنياهو على دفع عملية سلام حقيقية داخل الائتلاف الذي يقوده، ولذلك رأيا دخول هيرتسوج أو يائير لابيد إلى الحكومة الإسرائيلية "رسوم جدية" من جانب نتنياهو - لتبرير الضغط على الفلسطينيين أو السعي لحشد السعودية ودول عربية أخرى في قمة اقليمية.
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن هيرتسوج رفض التعليق على هذه التفاصيل، لكنها قالت إن ما يثبت صحتها موافقته على الدخول في مفاوضات مكثفة مع نتنياهو، وإعلانه في 15 مايو 2016 أن ثمة فرصة سياسية إقليمية نادرة قد تضيع ولن تتكرر.
ومع ذلك، بعد أيام قليلة فقط من هذا التصريح ظهرت المفاوضات بين هيرتسوج ونتنياهو لتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنها تعثرت. وقرر نتنياهو التخلي عن خيار ضم هيرتسوج للحكومة، لصالح ضم حزب "إسرائيل بيتنا" وتعيين افيجدور ليبرمان وزيرا للدفاع.
وفي 31 مايو، بعد دقائق من أداء ليبرمان ليمين تعيينه وزيرا للدفاع أمام الكنيست، وقفت هو ونتنياهو أمام الكاميرات، وأعلنا أنهما يدعمان حل الدولتين. وأضافا أن مبادرة السلام العربية تتضمن "عناصر ايجابية" يمكنها أن تساعد على إعادة المفاوضات مع الفلسطينيين.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTkyIA== جزيرة ام اند امز