"الشعب المصري متدين بطبعه".. "العين الإخبارية" توضح أصل المقولة ومدى صحتها (خاص)
"الشعب المصري متدين بطبعه"، مقولة تتردد كثيرا في الإعلام والشارع المصري، ولا يُعرف من أطلقها على وجه التحديد، لكنها أصبحت سمة غالبة تذكر في المواقف المختلفة التي تطرأ على المجتمع.
تلك المقولة تستخدمها كل الأطراف المختلفة فكريًا، فالبعض يرى أنها سمة غالبة للهجوم على أي تصرفات مغايرة للتدين والعادات والتقاليد، وآخرون يستخدمونها للسخرية والتندر من تصرفات بعينها.
"العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من رجال علم النفس والاجتماع والدين. للوقوف على أصل تلك المقولة ومعرفة صحتها.
أساس فرعوني
يقول الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان في مصر، إن مقولة "الشعب المصري متدين بالفطرة"، لها أساس تاريخي من الحضارة المصرية القديمة، وهوس المصريين القدماء بالآلهة وقضايا البعث والحساب.
ويوضح الباسوسي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن التدين الفطري يمثل جزءا أساسيا في عقيدة المصري القديم، خصوصا أن المصريين القدماء أول من نادوا بتوحيد الآلهة في عصر أخناتون.
ويضيف الباسوسي أن التدين المصري فطري، موضحا أنه لا توجد عوامل خارجية يمكن أن تغير قيمة التدين الفطري لدى الإنسان لأنها داخله ومولود بها.
وتابع: "يمكن أن يتغير الشكل النمطي للتدين بما يتضمنه من طقوس وخلافه، لكن يظل توجه الإنسان نحو الخير والسلام، مع وجود قوة عظمى في الكون قادرة على السيطرة والتحكم في كل شيء، تتمثل في سلطة الله عز وجل كمعتقد ثابت لا يتغير".
التدين أفعال لا كلمات
ويخالفه الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فيرى أن التدين عملية تعليمية مثل اللغة والعادات والتقاليد.
ويضيف صادق، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مثل هذه المقولات تستخدم لتغيير الواقع وفرض الرضا، قائلا: "شكليا الناس تصلي وتصوم، لكنها تتحرش وتسرق وتشرب مخدرات.. التدين ليس كلاما، التدين أفعال، ويجب أن يظهر ذلك في نظافة الشوارع والأخلاق وإتقان العمل".
ويضيف صادق: "تلك المقولة أطلقها البعض وصدقها الآخرون، ويجب ألا نقولها عن أنفسنا، ونترك للشعوب الأخرى المتعاملة معنا أن تصفنا، مثلما نصف الياباني والصيني بأنهم يتقنون أعمالهم، ويجب أن تترجمها المؤشرات الدولية التي تكشف عن تقدمنا وتطورنا، فيكون تدينا أفعالا وليس كلمات فارغة تشبه قنابل الدخان".
شعب نقي وذو أخلاق
يقول الدكتور سامي العسالة، مدير إدارة التفتيش الديني بوزارة الأوقاف المصرية سابقًا، إن الأخلاق هي السجية والطبع والفطرة، والشعب المصري ذو أخلاق حميدة وفطري بطبعه.
ويضيف العسالة، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، "معلوم أن كل إنسان أو كل فئة توجد فيها طباع مغروسة، حتى أنهم قالوا إن علماء الأخلاق اختلفوا، فمنهم من قال إن الأخلاق فطرية، ومنهم من قال إنها كسبية".
ويؤكد العسالة أن "الطبع يغلب التطبع، والخلق يغلب التخلق"، مضيفا: "لذلك أهل مصر طيبون ومتدينون بفطرتهم، حتى وإن ظهر خلاف ذلك في بعض الفترات".
ويوضح العسالة: "عندما يبتعد الإنسان المصري عن الأخلاق والدين فترة، فهو قريب جدا للرجوع، لأن الأصل الطيب يغلب عليه، فلا تجد فيه إصرار على المعصية ولا انتقام، ومن تجربتنا فإن أي شخص تعظه أو توجهه يكون سريع الرجوع، لأن الطبع يغلب التطبع".
وعن واقع المجتمع المصري الحالي، يقول العسالة: "لا شك أن المجتمع تغير، وسادت أحوال سيئة في المجتمع بحكم طبيعة التطور وانتشار الإنترنت والدراما الموجهة، كما أن هناك أمور ساعدت كثيرا على تغير الأحوال والأخلاق، ولا يمكن مقارنة العصر الحديث بالعصور الماضية، لكن الخير موجود في أغلبية الشعب المصري، ولذلك تصح هذه المقولة".