عالم مصري يروض "الشيطان الأحمر" لعلاج سرطان الكبد
واصل إبراهيم الشربيني، العالم بمدينة زويل، أبحاثه، التي تهدف للتوصيل الذكي لدواء السرطان الأشهر "الدوكسوروبيسين" إلى الخلايا المصابة، دون الإضرار بالخلايا السليمة، مما يساعد على تخفيف الأعراض الجانبية للدواء.
و"الدوكسوروبيسين"، من أكثر الأدوية الكيميائية استخدامًا في إيقاف أنواع عديدة من الأورام السرطانية أو إبطائها، واعتاد العلماء تسميته بـ"الشيطان الأحمر"، حيث يرمز "الشيطان" لآثاره الجانبية الخطيرة، بينما "الأحمر" إلى لون هذا الدواء.
وبينما نجح الشربيني، وهو المدير المؤسس لبرنامج علوم النانو بمدينة زويل، ومدير مركز أبحاث علوم المواد بالمدينة، في التوصل قبل 5 سنوات لطريقة يتم من خلالها توصيل هذا الدواء بأمان ودون أعراض جانبية خطيرة إلى الدماغ لعلاج أورام المخ، كان الجديد في البحث الذي نشره مؤخرا في دورية "ساينتفيك ريبورتيز "، هي التوصل لطريقة تتيح استخدام نفس الدواء بكفاءة وفاعلية في علاج أورام الكبد.
وكانت مشكلة استخدام هذا الدواء في علاج أورام الدماغ، هو وجود الحاجز الدموي الدماغي الذي يقف كحائط صد دون وصول أي أدوية إلى الدماغ، ولكن الشربيني وفريقه استخدموا الأنف لوصول هذا الدواء إلى المخ لعدم وجود حاجز من ناحية الأنف يمنع وصول أي دواء للمخ.
وحتى لا يتم استخدام الدواء بصورته الطبيعية التي قد تدمر أغشية الأنف لضعفها، وصف الشربيني في دراسة نشرت قبل 5 أعوام بدورية "فيوتشر ميدسين": "بوليمر يسمح بتعاطي الدواء عن طريق الأنف، حيث تم توفيره على هيئة (جيل) يوضع في الأنف، وحبوب إسفنجية تلصق به، ويتم تضمين المادة الدوائية بها، والتي يتم إطلاقها ببطء لتصل إلى هدفها في المخ دون أن تحدث آثار جانبية مدمرة".
وتأخذ مشكلة "الدوكسوروبيسين" مع الأورام الأخرى، ومنها أورام الكبد، تحديا مختلفا عن تحدي أورام المخ، فالدواء كان مستخدما في علاجها، ولكن الجديد الذي قدمه الفريق البحثي هو التوصل إلى آلية تسمح باستخدامه بكفاءة أكثر وفعالية ودون آثار جانبية خطيرة.
ومشكلة "الدوكسوروبيسين" وغيره من أدوية العلاج الكيماوي، هي التوزيع الحيوي غير المتوازن، والجرعات العالية من الأدوية، ونقص القدرة على الاستهداف الدقيق للخلايا السرطانية، دون الإضرار بالخلايا السليمة، وهي المشاكل التي عالجها الشربيني في بحثهم الجديد، حول علاج سرطان الكبد.
ويقول الشربيني لـ"العين الإخبارية": "في الدراسة الجديدة نجحنا في الاستفادة من خصائص المركبات العضوية المتناهية الصغر (NMOFs)، باستخدامها في حجم النانو وتوظيفها في توصيل جزيئات الدواء إلى الخلايا المصابة دون الإضرار بالسليمة".
وتتميز هذه المركبات بخصائص فريدة مثل كونها هياكل عالية الترتيب، مع مساحة سطح كبيرة وحجم مسام كبير، مما يمكن أن يعزز من قدرتها على حبس الجزيئات النشطة، من خلال تشبع هذه الجزيئات على سطحها وفي بنيتها شديدة المسامية.
ويضيف: "من خلال استخدام مزايا هذه المركبات، أمكن تحميل المادة الدوائية عليها، واستخدامها كوسيلة ذكية لتوصيل الأدوية إلى موقع الخلايا المصابة".
ومن خلال التجارب الحيوانية أثبت الشربيني وفريقه البحثي نجاح طريقتهم في ترويض شيطان الأدوية الأحمر، ليصبح أكثر فاعلية بالوصول إلى المكان المستهدف، وأقل في آثاره الجانبية لأنه لا يضر الخلايا السليمة، ويبقى الانتقال بهذا الجهد إلى التجارب السريرية، وهي مرحلة من المفترض ألا تستغرق وقتا طويلا في حال وجود قانون ينظم التجارب السريرية في مصر، لأنه يتم التعامل مع أدوية مستخدمة بالفعل.
ويقول الشربيني: "الميزة الأساسية للعمل الذي نقوم به أننا لا نخترع دواء جديدا، وهي مسألة تستغرق وقتا طويلا قد يصل إلى 15 عاما، ولكننا نقوم بتحسين آلية استخدام الأدوية المتاحة في السوق عبر التوصيل الذكي للدواء".
يذكر أن هذه الأبحاث وغيرها في مجال التوصيل الذكي للدواء ساهمت في منحه جائزة خليفة التربوية بمجال التعليم العالي، فئة الأستاذ الجامعي المتميز، على مستوى الوطن العربي في أبريل الماضي
وجاء في حيثيات اختيار الشربيني للجائزة عن مجمل أعماله وأبحاثه المتميزة في مجال تكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في الطب، وتهدف إلى تطوير وسائل علاج ناجحة للعديد من الأمراض من خلال التوصيل الدوائي الذكي وتطوير الصناعة الدوائية المرتبطة به، كذلك في مجال هندسة الأنسجة، وقيامه بعدد كبير من المشاريع البحثية التطبيقية الهامة التي أدّت إلى غزارة إنتاجه العلمي، ولتأسيسه برامج دراسية جامعية حديثة ومتفردة، وكذلك لتأسيسه مدرسة علمية على مستوى عالمي في مجال علوم وطب النانو أشرف من خلالها على عدد كبير من الباحثين وطلبة الماجستير والدكتوراه بمدينة زويل ومختلف الجامعات المصرية والدولية.
aXA6IDMuMTQ1LjY2LjEwNCA= جزيرة ام اند امز