رئيس قسم الزلازل بالمعهد المصري للبحوث الجيوفيزيقية يجيب: هل يجب أن يقلق المصريون من الزلازل؟ (حوار)
عادة ما تشير بيانات مرصد حلوان عن الزلازل في مصر، إلى أن مصدرها منطقة البحر المتوسط، غير أنه أعلن مؤخرا عن زلزال مركزه مدينة الطور،
الزلزال الذي وقع في 29 ديسمبر/ كانون الأول بلغت قوته 4.41 درجة على مقياس ريختر، ومركزه على بعد 31 كم غرب مدينة الطور، وقبله بيومين أعلن أيضا تسجيل هزة أرضية شدتها 5 درجات، على بعد 26 كم من نفس المدينة.
آثار ذلك تساؤلات لدى قطاع عريض من الشعب المصري عن الفارق بين المنطقتين وأيهما أخطر، وهل أصبحت مصر ضمن حزام الزلازل. في حوار خاص مع "العين الإخبارية"، يجيب شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، على هذه الأسئلة وغيرها.
* منطقة جنوب غرب مدينة الطور تبدو جديدة على أسماع المصريين كمصدر للزلازل.. ألا يعد ذلك مقلقا؟
** لا داعي للقلق، حيث إن زلازل هذه المنطقة مصدرها منطقة خليج السويس، وتشهد هذه المنطقة من حين لآخر زلازل لكنها تكون ضعيفة، ونحن عادة لا نعلن إلا عن الزلازل المتوسطة أو كبيرة القوة.
* ما هو توصيف الزلزالين اللذين تم الإعلان عنهما مؤخرا؟
** هما من النوع المتوسط، والزلازل من هذا النوع لا يكون لها تأثير تدميري، ويقتصر تأثيرها في أسوأ الأحوال على حدوث شروخ في بعض الجدران.
* لكننا لم نسمع منذ فترة طويلة عن تسجيل زلازل بتلك المنطقة؟
** كما قلت لك، نحن لا نعلن إلا عن الزلازل متوسطة وكبيرة القوة، وحدث آخر زلزال متوسط القوة شهدته تلك المنطقة، قبل آخر زلزالين، في مارس/ آذار 1969، أي قبل 53 عاما.
* ما سبب الزلازل في تلك المنطقة؟
قبل 5 ملايين سنة، بدأ البحر الأحمر الذي يبلغ عمره 40 مليون سنة، في تشكيل خليج السويس وخليج العقبة، ولا يزال النشاط التكتوني المصاحب لعملية تشكل الخليجين، يحدث من حين لآخر، محدثا زلازل بعضها يكون ضعيف أو متوسط الحجم كالذي حدث مؤخرا، ولحسن الحظ لم نسجل من قبل زلزالا مدمرا مصدره تلك المنطقة.
* هل الزلازل التي تشهدها منطقة البحر المتوسط تكون أقوى؟
** زلازل البحر المتوسط بالفعل تكون أقوى، ولكن لحسن الحظ أيضا أن مصدرها بعيد عن الأراضي المصرية، فتصلنا ضعيفة أو متوسطة القوة، ولذلك لا يوجد ما يدعو للقلق أو القول إننا دخلنا حزام الزلازل.
* ما هي أسباب حدوث زلازل المتوسط؟
** تحدث هذه الزلازل بسبب أن الصفيحة التكتونية المكونة لقارة أفريقيا، وهي عبارة عن طبقة عملاقة طولها يصل لـ125 كم تحت اليابسة و25 كم تحت المياه، تصطدم وتغوص تحت الصفيحة التكتونية المكونة لقارة أوروبا.
وفي بعض المناطق مثل (فالق شرق الأناضول) و (جزيرة كريت باليونان) تتكون مناطق ضعف فى شكل أخوار وخنادق يصل طولها إلى مئات الكيلومترات، وتستمر في دفع بعضها البعض، ولكنها لا تتحرك، وبعد فترة من الزمن تتكسر الصخور بسبب قوة الضغط المتراكم مسببة حدوث الزلازل.
* أي أن زلازل المتوسط تأتينا ضعيفة أو متوسطة لبعدنا عن مصدرها، وزلازل خليج السويس وخليج العقبة، رغم قربنا من مصدرها إلا أن طبيعتها ضعيفة أو متوسطة؟
** بالضبط، وأزيد على ذلك، أن زلازل منطقة خليج السويس تكون في مناطق عادة غير مأهولة بعدد كبير من السكان.
* ماذا كان مصدر زلزال 1992 المدمر الذي شهدته مصر؟
** كان مصدره منطقة دهشور القريبة من القاهرة، وهذا سبب قوته التدميرية، وهذا حدث لا يتكرر كثيرا.
*زلزال 1992 كانت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، وهي قريبة من قوة زلزال 27 ديسمبر/ كانون الأول، فلماذا اختلف التأثير؟
** يجب أن نفرق بين شدة الزلزال وقوته، فشدة الزلازل هي مقدار الضرر البشري والمادي الذي يخلفه الزلزال، والذي يزداد كلما اقتربنا من مركز الزلزال، بينما القوة هي درجة ثابتة تصف حدثا بعينه، وتعبر عن مركز الزلزال وبؤرته فقط.
وبحسب هذا المعيار، فقد يكون هناك زلزال قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، ولا يشعر به سكان القاهرة، لأن مصدره يبعد عن العاصمة المصرية، بينما زلزال آخر، نشعر به ويكون مدمرا، مثل الذي شهدته مصر عام 1992، رغم أنه نفس الدرجة، لقربه من العاصمة.
هذا فضلا عن أن الزلزال الذي قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، هو أقوى من زلزال قوته 5 درجات، حوالي 8 مرات، فكل درجة من عشرة في مقياس ريختر تعطي قوة بمعدل واحد صحيح للزلزال، وعلى ذلك فإن زلزال 1992، كان أقوى من زلزال 27 ديسمبر/ كانون الأول 2022، حوالي 8 مرات.
* على ما يبدو أن الزلازل مهما كانت قوتها، ستظل حدثا مثيرا للهلع عند المصريين، بسبب ذكريات عمرها 30 عاما؟
**بالطبع، وهذا ما نلمسه من حجم الاستفسارات التي تصلنا بعد الإعلان عن أي زلزال.
* أخيرا: هل توجد أي إجراءات احترازية يمكن تنفيذها لاتقاء شر الزلازل؟
**لا يوجد نصيحة نوجهها للناس، سوى الالتزام بكود البناء المصري في بعض المناطق المعرضة لخطر الزلازل.
aXA6IDMuMTQ0LjQ4LjcyIA== جزيرة ام اند امز