بداية "إل نينو".. ماذا تخبئ الظاهرة المناخية للعالم فيما تبقى من 2023؟
بدأت ظاهرة "إل نينو" المناخية العالمية، التي تحشد القوة للتخفيف من موسم أعاصير المحيط الأطلسي الذي انطلق.
وذكر مركز التنبؤ المناخي الأمريكي، الخميس 8 يونيو/حزيران 2023، أن درجة الحرارة في مستوى البحر في القطاع الاستوائي من المحيط الهادئ ارتفعت بمقدار 0.5 درجة مئوية فوق المستوى المعتاد، وتغيرت وتيرة الرياح إلى الحد الذي يشير إلى بدء ظاهرة إل نينو، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء.
وأوضحت بلومبرغ أن المركز الأمريكي، الذي يعد جزءا من الجهاز الوطني للطقس، متأكد من أن هذه الظروف ستستمر.
وقالت ميشيل لورو، التي تعمل بالمركز في مقابلة إن "ظروف ظاهرة إل نينو قائمة ونتوقع أن تتطور وتكبر فيما ندخل في فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية".
- النينو وانبعاثات CO2 المتزايدة تقودان العالم لحدث تاريخي في 2023
- الساعة البيولوجية للنبات.. إلى ماذا تشير عقارب الغذاء في العالم؟
ما هي ظاهرة إل نينو المناخية؟
ظاهرة إل نينو هي المصطلح الذي يطلق عندما تتسبب المياه الدافئة في تحرك تيار المحيط الهادئ جنوب موقعه المحايد.
وكلمة إل نينو تعني «الولد الصغير» باللغة الإسبانية، وظهرت لأول مرة في القرن السابع عشر عندما لاحظ الصيادون في أمريكا الجنوبية ظهور الماء الدافئ في أوقات غير معتادة في المحيط الهادئ.
وأطلقوا وقتها على هذه الظاهرة اسم El Niño de Navidad لأن ظاهرة إل نينو عادة ما تبلغ ذروتها في شهر ديسمبر/كانون الأول.
«إل نينو» تحدث بشكل طبيعي وتؤدي لارتفاع درجة حرارة غير الطبيعي عن درجة حرارة سطح البحر في الوسط والشرق الاستوائي للمحيط الهادئ، حسبما أوضحت منظمة الأغذية العالمية «فاو»، موضحة أنها تحدث مرة كل 2-7 سنوات، ويمكن أن تحدث كل 18 شهرا.
ويمكن أن يكون لظاهرة إل نينو تأثيرات عالمية على الطقس وحرائق الغابات والنظم البيئية، وتستمر نوبات إل نينو عادةً من 9 إلى 12 شهرًا، ولكن يمكن أن تستمر أحيانًا لسنوات، وهي لا تحدث وفقًا لجدول زمني منتظم، وتؤدي الظاهرة لتطرف مناخي من خلال حدوث موجات هطول أمطار استوائية شديدة على بعض المناطق في العالم وفي المقابل ندرة الأمطار في أنحاء أخرى من العالم، فيما تشير «فاو» إلى أن «إل نينو» يمكن أن تسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات أو الطقس الحار أو البارد جدًا، كما يمكنها أن يؤدي إلى تفشي الأمراض الحيوانية، سواء الأمراض حيوانية المنشأ أو المنقولة عن طريق الأغذية، وكذلك الآفات النباتية.
أما خلال ظاهرة إل نينو تضعف الارتفاعات السطحية أو تتوقف تمامًا دون العناصر الغذائية من الأعماق، يكون عدد النباتات أقل قبالة الساحل، ويؤثر هذا على الأسماك التي تتغذي على تلك النباتات، كما أن تلك الظاهرة يجب أن تجلب أنواع الأسماك الاستوائية مثل التونة الصفراء والبكور إلى المناطق التي تكون عادة شديدة البرودة.
وتحدث ظاهرة إل نينو حسب التوقعات في مناطق مختلفة من العالم حيث يؤدي حدوث ظاهرة إل نينو تأثيرات متباينة، ففي أمريكا الجنوبية التي تقع سواحلها على المحيط الهادي، على سبيل المثال، ستزيد احتمالات حدوث موجات جفاف قد تحد من قدرة غابات الأمازون على امتصاص غازات ثاني أكسيد الكربون من الجو، وتفاقم الاحتباس الحراري بسبب ظاهرة إل نينو.
وفي أستراليا، وبعد 3 سنوات من هطول الامطار القياسي، من المتوقع أن تعكس ظاهرة إل نينو هذا الاتجاه بشكل جذري، لتصبح موجات الحرّ والجفاف أكثر انتشارًا، خاصة خلال فصلي الشتاء والربيع.
وتشير المراكز العالمية لإنتاج التنبؤات البعيدة المدى التابعة للمنظمة العالمية للأرصاد (WMO) إلى أن ثمة فرصة بنسبة 70% لامتداد ظاهرة إل نينو إلى أوائل شتاء 2022-2023 لنصف الكرة الشمالي.
يتمثل تأثير ظاهرة إل نينو على المناخ في زيادة الاحتباس الحراري في عدة مناطق في العالم، ويمكن أيضًا لظاهرة إل نينو، وفق تقرير نشر على موقع «ذا كونفرسيشن«(The Convesation)، كما سيضيف تأثير ظاهرة إل نينو على المناخ 0.2 درجة مئوية للاحترار العالمي.
هذا الاحترار بلغ 1.23 درجة مئوية في نهاية عام 2022، رغم تأثير التبريد الناتج عن ظاهرة النينيا، مما يجعل احتمال تخطيه 1.5 درجة مئوية ممكنة بحلول عام 2024.
2023.. العام الأكثر سخونة على الإطلاق
لقد دفعت التغيرات المناخية المتتالية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) إلى القول -لأول مرة على الإطلاق- إن درجات الحرارة العالمية من المرجح أن تتحرك أكثر من 1.5 درجة مئوية في السنوات الخمس المقبلة.
فقد تخطت عدد من الدول المستويات التاريخية لدرجات الحرارة هذا العام منها فيتنام، وبولندا، وإسبانيا، والصين، ولاتفيا، وميانمار، والبرتغال، وبيلاروسيا، وهولندا، وتايلاند.
ويقول علماء المناخ إن عام 2023 قد يصبح العام الأكثر سخونة على الإطلاق. ويعد ارتفاع انبعاثات الكربون وتغير المناخ من العوامل الرئيسية وراء هذا التنبؤ والعودة المتوقعة لظاهرة إل نينو الجوية تلعب دورًا أيضًا.
كما يتوقع أيضًا عودة ظاهرة إل نينو الجوية التي من المقرر أن تدفع درجات الحرارة العالمية إلى مستوى قياسي جديد في السنوات الخمس المقبلة، بينما يقول علماء المناخ من مجموعة من المنظمات الأخرى أن هذا قد يحدث في أقرب وقت هذا العام أو 2024.
وأوضح كارلو بونتمبو، مدير وكالة الأرصاد الجوية اليابانية وخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ (C3S) التابعة للاتحاد الأوروبي: "عادةً ما ترتبط ظاهرة إل نينو بدرجات حرارة قياسية على المستوى العالمي، ولا نعرف ما إذا كان هذا سيحدث في عام 2023 أو 2024، ولكننا نرجح ذلك أكثر من غيره".
فقد كان عام 2016 هو العام الأكثر سخونة في العالم، عندما كان هناك ظاهرة قوية لظاهرة إل نينو، وقد جاءت جميع السنوات الثمانية الأكثر سخونة في العالم في السنوات الثماني الماضية، وهو اتجاه تزامن مع ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويبدو أن هذا العام سيجمع بين ظاهرة إل نينو وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المتزايدة. فقد قالت وكالة الطاقة الدولية إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة العالمية ارتفعت بنسبة 0.9% لتصل إلى مستوى قياسي تجاوز 36.8 غيغاطن العام الماضي.
ومن المتوقع أن ترتفع انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في الولايات المتحدة هذا العام، كما سجلت انبعاثات الكربون في الصين مستوى مرتفعًا جديدًا في الربع الأول من عام 2023.