تهديدات إيرانية للتأثير على انتخابات أمريكا.. لكن لماذا فلوريدا؟
تكثف سلطات فلوريدا الأمريكية تحقيقاتها للوقوف على مسؤولية إيران عن تهديدات عبر رسائل بريد إلكتروني مرسلة لمئات الناخبين بالولاية.
وفلوريدا تقع جنوب شرق الولايات المتحدة، وتعد ولاية حاسمة في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
والسبت، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية في فلوريدا، مارك أرد، أن السلطات المحلية في الولاية تقوم بالتحقيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتحقيق في هذه التهديدات.
ورغم أن رسائل البريد الإلكتروني التي كانت قد أرسلت للناخبين، كانت تحمل شعار الجماعة اليمنية المتطرفة Proud Boys، والتي يقع مقرها في مدينة ميامي جنوب الولاية، استبعدت السلطات المحلية هذا الاحتمال، لأنها تحت سمع وبصر سلطات القانون.
وكانت الحكومة الأمريكية، كشفت مساء الأربعاء، في مؤتمر صحفي مشترك بين جون راتكليف، مدير الاستخبارات الوطنية، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، عن أول محاولة أجنبية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والمقررة بعد أقل من أسبوعين.
وكشفت تقارير المخابرات الأمريكية عن هجمات إلكترونية متزامنة لترهيب الناخبين في ٤ ولايات أمريكية، فلوريدا وأريزونا وبنسلفانيا وألاسكا تتوعد الناخبين حال التصويت للرئيس دونالد ترامب، وأكدت أن هذه الهجمات مصدرها إيران وروسيا.
وقال راتكليف: "لقد رأينا بالفعل أن إيران ترسل رسائل بريد إلكتروني مزيفة تهدف إلى تخويف الناخبين والتحريض على الاضطرابات الاجتماعية والإضرار بالرئيس ترامب".
وأشار مسؤول في فلوريدا إلى أن سلطات الولاية تلقت بلاغات من العديد من سكان مقاطعات ألاتشوا وكولير وبريفارد وإسكامبيا وسيروس، حول تلقي رسائل تهديد إلكترونية بشأن التصويت في الانخابات.
وأوضح أن الرسائل جميعها يتم فحصها بعناية بمعرفة سلطات إنفاذ القانون المحلية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، للوقوف بدقة على من يقف خلفها.
فيما كشف مصدر مسؤول بمكتب حاكم مدينة سان بطرسبرج، بالولاية، تحتفظ "العين الإخبارية" باسمه، أن التحقيقات الأولية تشير بوضوح إلى ارتباط الهجمات الإلكترونية الأخيرة على بعض سكان فلوريدا، مصدرها "سيرفر يبدو أنه وسيط في إستونيا، وبالرغم من عدم وضوح بيانات المرسل حتى الآن تشير المعلومات إلى إيران".
وتضمنت رسائل التهديد الإلكترونية الأسماء الكاملة للناخبين، ويدعي المرسل أنه يمتلك معلوماته الشخصية أيضا، وتم إرسالهم من عنوان بريد إلكتروني باستخدام اسم Proud Boys ، وجميع رسائل البريد الإلكتروني لها صياغة واحدة، وعنوان البريد الإلكتروني هو info@officialproudboys.com.
وفي سياق متصل، نفت مجموعة Proud Boys اليمنية، في ميامي، صلتها بأي رسائل بريد إلكتروني، مشيرة في بيان صدر عنها أمس، إلى أن كل المجموعة تتعاون مع مكتب جاكسونفيل التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، مؤكدين في الوقت ذاته دعمهم للرئيس ترامب.
يذكر أن بيانات تسجيل الناخبين، بما في ذلك الأسماء والعناوين وتواريخ الميلاد والانتماء الحزبي وعناوين البريد الإلكتروني، هي سجلات عامة.
وبينما حذر العديد من الخبراء من خطورة مثل تلك الرسائل على إرادة الناخبين قلل البعض من أهميتها لأنها في النهاية لن تنجح في إرهابهم.
وقالت الدكتورة كاثرين ديبالو، أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة فلوريدا لـ"العين الإخبارية" إن خطورة مثل تلك التهديدات تتمثل في أنها ربما تنجح مع عدد قليل جدا من الأشخاص، وفي ظل هوامش الفرق البسيطة للغاية بين المرشحين والتي قد لا تتجاوز الـ١٪ من الأصوات فربما يمكن أن تؤثر على مسار الانتخابات برمتها.
وتابعت الخبيرة الأمريكية، أن سلطات الولاية تأخذ التهديدات الأخيرة على محمل الجد، وهناك فرقة عمل فيدرالية مشتركة مع السلطات المحلية لمكافحة الإرهاب تتولى التحقيق في الأمر.
وأشارت دكتور ديبالو، إلى أنه بموجب قانون فلوريدا، فإن محاولة تهديد أو ترهيب الناخبين في الانتخابات الفيدرالية جريمة فيدرالية يعاقب عليها بغرامات وقد تصل إلى السجن لمدة عام.
وكانت السلطات المحلية في ولاية فلوريدا قد أعلنت، أن المؤشرات الأولية تشير بوضوح إلى أنه تم تصميم رسائل البريد الإلكتروني من قبل شخص يعمل بأمر من الحكومة الإيرانية.
ومن بين كل الولايات الـ50 تحظى فلوريدا جنوب الساحل الشرقي للولايات المطلة على الأطلنطي بأهمية كبرى في السباق الرئاسي؛ حيث تعتبر أشهر ولاية متأرجحة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، كما تعد ولاية الشمس المشرقة البوابة الملكية للبيت الأبيض.
وتشير النتائج التاريخية للولاية إلى أنه نادرا ما يفوز مرشح في الانتخابات الرئاسية بدون أصوات فلوريدا، بل وفي معركة سنة 2000 مثلا، تسببت نتائج الولاية في تعليق إعلان النتيجة النهائية للفائز في الانتخابات الرئاسية أكثر من شهر، بعد خوض المرشحين الرئاسيين حربا قانونية امتدت للمحكمة الفيدرالية العليا، وأسفرت عن فوز جورج بوش الابن لحصوله على أصوات فلوريدا الحاسمة في المجمع الانتخابي، بعد تفوقه على منافسه آل جور بفارق 537 صوتا فقط من إجمالي 5,8 مليون ناخب، بينما تفوق آل جور في عدد الأصوات الشعبية.