في العصر الحديث، خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية.
انطلقت دول العالم كلها تقريبًا في تطوير وتنمية قوتها الاقتصادية، إلا "إيران" تأخرت عن العديد من البلدان الأخرى، نتيجة نظام لا يؤمن إلا بـ"الثورة"، ويتجاهل ما عدا ذلك، نظام بالتَّنمية وأساسياتها، من مكافحة الفساد، وفاعلية الحكومة والاستقرار السياسي، وجودة القوانين واللوائح وسيادة القانون، والحق في التعليق والمساءلة، والتي تعتبر بمثابة نموذج للتنمية، ما يجعل حكومة إيران غير فعالة في كل مؤسساتها، ويؤكد أنها ليست في وضع جيد فيما يتعلق بالحكم والإدارة.
لعل كل ما ذكر آنفا دليل على أن سياسة النظام القائمة على التدخلات الخارجية طاغٍية على سياساته الأخرى، فقد أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، في اجتماع لمجلس الوزراء، ذلك، إذ قال إن "قرارات الدولة الأساسية وتكتيكاتها، بما في ذلك (التدخل الإقليمي) يتم تبنيها في المجلس الأعلى للأمن القومي".
من هنا يرى كثيرون، حتى من الإيرانيين أنفسهم، بأنه لا سبيل لنهاية التهديدات تجاه المنطقة من النظام إلا بإسقاطه.
وها نحن نرى تصاعدا للتوتر مع تسجيل المرشحين في الانتخابات الرئاسية في إيران "2021" أسماءهم، فقد سجل 592 مرشحا لدخول سباق الانتخابات الرئاسية، إلا أن غالبيتهم استبعدهم مجلس صيانة الدستور، الذي يتم تعيين أعضائه من قبل المرشد الأعلى للنظام الإيراني، أو من قبل القضاء، الذي يتم تعيين رئيسه مباشرة من قبل المرشد الأعلى أيضا، وتم اختيار 7 مرشحين فقط لخوض الانتخابات، أكد مجلس صيانة الدستور أهليتهم للانتخابات الرئاسية في إيران.
هذا الأمر جعل وسائل الإعلام، ومنها ما تديره الدولة الإيرانية، "تعترف" بانخفاض عدد الناخبين في الانتخابات الرئاسية، حيث أكدت ازدياد حدة الصراع الداخلي بين مسؤولين في الدولة قبل الانتخابات الرئاسية، وكيف أن شعارات من يُسمَّون بـ"مرشحي النظام" حول إصلاح الوضع السيئ في إيران "وهمية"، كما أكدت أن المزيد من الناس ينضمون إلى حملة مقاطعة الانتخابات الصورية، بينما كانت هناك دعوات لمقاطعة الانتخابات الإيرانية في الماضي، لكنها لم تكن بنفس القوة والعدد والحزم مثل تلك التي شهدناها في الأسابيع القليلة الماضية".
مؤخرا استخدمت إحدى الصحف مصطلحات مثل: "السياسيون المزيفون من الجانبين الإصلاحي والتشددي"، وهو ما يوضح مدى وعي الشعب نحو السياسيين، الذين يترشحون للانتخابات ضمن "مسرحية"، يحبكها ويجريها النظام الإيراني.
وقد سبق لبعض مسؤولي الدولة، ووسائل الإعلام، أن حذروا من نتائجها المحتملة، لأنهم يرون أنها لم تعد أبدًا تعبيرًا عن خيار شعبي، وهو ما جعل ابنة زعيم الثورة الإيرانية، زهراء الخميني، تنتقد قرارات "مجلس صيانة الدستور"، بينما الإصلاحي تاج زاده -بعد منعه من الانتخابات- يؤكد أن المجلس "ينتهك حقوق الشعب".
عندما ننظر إلى تاريخ هذا النظام، يتضح أنه لم تكن هناك انتخابات حرة على الإطلاق، إنما هي مجرد "بيعة للمرشد"، وجميع المرشحين يتم اختيارهم أولاً، وتصفيتهم من قبل مجلس صيانة الدستور ثانيا، ويتم انتخاب الشخص المطلوب للمرشد الأعلى، ويرى البعض أن مسؤولي النظام، يسعون إلى تلميع صورتهم أمام الشعب، ومن هنا تم ترشيح إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء في النظام الإيراني، وهو المقرب من المرشد الأعلى.
ولقد نفى "رئيسي" مرارًا رغبته في الترشح، لكنه وافق أخيرًا وأعلن ترشحه بعد اختيار المرشد له ووضع بذلك حدًّا لكل الغموض والشائعات حول الرئيس، الذي يرغب المرشد في تنصيبه، لكن "رئيسي"، المخلص للنظام، والذي ترشح للرئاسة، مكروه وغير مرغوب من الشعب، وذلك لتورطه في عدد امن قضايا حقوق الإنسان في البلاد، فهل يصبح رئيساً لإيران بعد إقصاء معظم المرشحين الذين ينافسونه؟.. هذا ما سنراه في الأيام القادمة، خاصة أن "رئيسي" هو من ضمن الإيرانيين المدرجين في قائمة العقوبات الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، فهل تعيينه كرئيس لإيران سينقذ النظام من وضع خطير يعتقد البعض بأنه على وشك الانهيار من الداخل بشعار مقاطعة الانتخابات؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة