الرشى الانتخابية في لبنان.. "مزاد" الأصوات يذهب للأعلى سعرا
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية اللبنانية واحتدام المنافسة، كثرت عملية شراء الأصوات من قبل القوى السياسية المتنافسة.
عملية شراء الأصوات أو "الرشوة الانتخابية" ليست جديدة على الحياة السياسية اللبنانية، فهي تظهر مع بداية كل موسم انتخابي وتتخذ عدة أشكال من الدفع المالي المباشر إلى المساعدات الاجتماعية وتوظيف وتأمين فرص عمل عبر مؤسسات وشركات للمرشحين أو الاستفادة من مؤسسات الدولة للنافذين.
ولكن مع الانهيار الاقتصادي الذي يرافق هذه المرحلة في لبنان، يبدو أن الدفع النقدي احتل مرتبة متقدمة، خصوصاً بعد انهيار العملة الوطنية ومعها مؤسسات الدولة التي لم تعد الوظيفة فيها مغرية.
وبحسب دراسة أصدرتها الدولية للمعلومات (مؤسسة بحثية مستقلة) فالانتخابات النيابية عادةً تشهد ظاهرة شراء الأصوات من قبل الأحزاب والمرشحين المتمولين.
ويرتفع "سعر الصوت" كلما اشتدت المنافسة ودخل متمولون ورجال أعمال في السباق وقد يصل سعر الصوت إلى أرقام قياسية قبل ساعات من إقفال صناديق الاقتراع، بحسب الدراسة نفسها.
أسعار الأصوات
وذكرت الدراسة أنه "في انتخابات العام 2022 يلعب المال الانتخابي دوراً كبيراً ومؤثراً في ظل الأزمة المالية- الاقتصادية- الاجتماعية التي تعيشها أكثرية اللبنانيين في كل المناطق".
وأشارت إلى أن "عملية شراء الأصوات هي من الممارسات شبه الروتينية والتاريخية خلال الانتخابات النيابية في لبنان، لكنها تفاقمت حجمًا وانتشارًا في التسعينات لتبلغ الذروة في انتخابات 2009".
وتابع: "ورغم ذلك لا يزال من الصعب إثبات واقعة الرشوة بأدلة دامغة لأن الدفع يتم نقداً في معظم الحالات، كما يندر اتخاذ أية إجراءات قانونية حتى ولو تولّد اليقين لدى المعنيين، وبالأدلة، أن الرشوة قد وقعت".
وفي رصد ومتابعة لحركة شراء الأصوات جاءت دائرة بيروت الأولى في المرتبة الأولى حيث يتراوح اليوم سعر الصوت ما بين 100 و 300 دولار أمريكي، بحسب المصدر نفسه.
ومن المتوقع أن يشهد ارتفاعاً كبيراً في الأيام القادمة ما يدفع بالكثير إلى التريث وعدم الالتزام بانتظار "ارتفاع السعر".
ودائرة بيروت أو ضاحية بيروت الشرقية (المسيحية)، حيث الكثافة السكانية الأقل، وبالتالي الحاصل الانتخابي يكون متدنياً، ولا يحتاج إلى عشرات آلاف الأصوات لبلوغه.
وبحسب الدراسة، تحل في المرتبة الثانية دائرة كسروان-جبيل حيث سجل سعر 100- 150 دولارا للصوت الواحد.
وتحل دائرة زحلة في المرتبة الثالثة حيث بلغ سعر الصوت حالياً نحو 2.5 مليون ليرة (100 دولار) ولكن من المتوقع أن يرتفع في الأيام القادمة.
وتأتي دائرة الشمال الثالثة (بشري، زغرتا، الكورة والبترون) رابعًا حيث تبين أن بعض المرشحين يسددون اشتراكات الكهرباء والفواتير الصحية ويعدون بشراء الأصوات لكن 'السعر' لم يحدد حتى الآن.
أما في بيروت الثانية فإن حركة شراء الأصوات 'خجولة' حتى الآن ويصل سعر الصوت إلى 3 ملايين ليرة (120 دولار)، دائماً بحسب الدراسة.
وتوقعت الدراسة مع اقتراب موعد الانتخاب واشتداد المنافسة أن تشهد دوائر أخرى شراء للأصوات وارتفاعاً "لأسعارها."
ووعود ورشى انتخابية
على صعيدٍ متصل، أطلقت "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" (لادي) تقريرها الثاني لمراقبة الحملات الانتخابية للفترة الممتدة بين 15 و31 مارس/ آذار 2022".
ورصد التقرير حالات مساعدات ووعود ورشى انتخابية، واستغلال النفوذ واستخدام موارد عامة لغايات انتخابية.
وبحسب الجمعية فقد أعلن "حزب الله" بدوره تخصيص أكثر من 18 مليون دولار للمساعدات المعيشية، توزّعت على 4 عناوين رئيسية، منها بطاقات شرائية استفاد منها أكثر من 27 ألف عائلة، وموائد طعام التي استفاد منها عشرات آلاف الأشخاص، ومقطوعات مالية للفقراء والأيتام لأكثر من 13 ألف مستفيد، ومساعدات تموينية لـ215 ألف عائلة، بحسب تقرير الجمعية.
ورصدت الجمعية استعمال نفوذ مقربين من رئيس الجمهورية وتياره فيما خص موضوع الكهرباء، ومحاولة اضاءة منطقة على حساب منطقة أخرى.
لم توفر التقديمات الانتخابية، المستلزمات والحاجيات النسائية، كالفوط الصحية، التي ارتفع ثمنها بشكل كبير يفوق قدرة نسبة كبيرة من نساء لبنان على شرائها، حيث رصدت جمعية "لادي" تقديمات من هذا النوع في منطقة البقاع الغربي.
كذلك وثقت "لادي" توزيع حليب أطفال من قبل بعض المرشحين في شمال لبنان، ووصل الأمر ببعض المرشحين إلى حد التبرع بفتح الطرقات التي قطعتها الثلوج خلال العواصف الماضية، على نفقتهم الخاصة.
يذكر انه في قانون الانتخاب المحدد حاليا حُدّد السقف بـ 150 مليوناً لكل مرشح و150 مليون ليرة لكل مرشح في لائحة، و5 آلاف ليرة عن كل ناخب مسجل في الدائرة الانتخابية الكبرى. ووصل إجمالي الإنفاق المتاح في الدوائر الانتخابية قياساً إلى عدد المرشحين والناخبين في حينها إلى نحو 879 مليون دولار.
وبعد انهيار العملة اللبنانية، عُدل القانون السابق، وارتفع سقف الإنفاق إلى 750 مليون ليرة لكل مرشح و750 مليون ليرة لكل مرشح في لائحة و50 ألف ليرة عن كل ناخب مسجل في الدائرة الانتخابية الكبرى، ما يعني أن سقف الإنفاق الثابت ارتفع بنسبة 400 في المئة، فيما ارتفع سقف الإنفاق المتحرك بنسبة 900 في المئة، بحسب أرقام "الدولية للمعلومات"، التي ترى أن الرقابة على هذا الإنفاق مهمة صعبة أو مستحيلة نظراً لحركة السيولة النقدية الكبيرة في البلاد.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4yMyA= جزيرة ام اند امز