الحقائق ليست واضحة تماماً، لذا يجب توضيحها بالعمل على بناء الصورة الذهنية في جميع أنحاء العالم
بداية.. لا نريد من هذا المقال أن نخوض في الروايات التي تدور حول الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين أو كامل أمين ثابت كما عرف في سوريا، والذي أُعدم في عام 1965، بل في العمل الدرامي "الجاسوس" الذي بثته شبكة نتفليكس.
المسلسل يمتد لموسمٍ واحدٍ من 6 حلقات، ويتبنّى الرواية الإسرائيلية لسيرة الجاسوس، وهو عمل شبه دعائي سبقته في نتفليكس وهوليوود أفلام وأعمال درامية ووثائقية عن عمليات الموساد المخابراتية التي تظهر جواسيسه أبطالا خارقين.
وأظهر المسلسل في كثير من جوانبه مباشرة في الطرح وابتذالاً في المضمون وأخطاء تاريخية ساذجة وأسماء غير صحيحة لشخصيات معروفة، وعدم دقة الكثير من الأحداث التاريخية، هكذا رآه من لديه معرفة وإن بسيطة عن مجريات الأحداث في المنطقة، لكن ماذا عن المتابع العادي حول العالم، والذي تابع المسلسل من دون مراجعة المعلومات الواردة فيه، حيث يعتقد أن الأحداث حقيقية، وهذا ما أراده المنتجون على ما يبدو.
يجب ألا تترك هذه المساحة فارغة من إنتاج عربي يصل إلى العالمية ويبين الوجه الحق للعرب وتاريخهم وحاضرهم، في ظل التدافع العالمي شرقاً وغرباً لإيصال الصورة الإيجابية للدول.
إن مسلسلات مثل هوم لاند والجاسوس في نتفليكس هي امتداد لتاريخ طويل من العمل الإعلامي الموجه للتأثير على الرأي العام العالمي في شأن القضايا العربية، حيث يظهر فيها جميع العرب متخلفين وخونة، والهدف هو محاولة رفع أي تعاطف شعبي مع قضاياهم، ودفع الرأي العام إلى دعم أي قرارات ضدهم.
إن حجم الإنتاج في العالم يزداد ومسلسلات نتفليكس أصبحت وسيلة للمعرفة، وبناء القناعات لدى قطاع واسع من الجمهور، وبالتالي يجب ألا تترك هذه المساحة فارغة من إنتاج عربي يصل إلى العالمية ويبين الوجه الحق للعرب وتاريخهم وحاضرهم، في ظل التدافع العالمي شرقاً وغرباً لإيصال الصورة الإيجابية للدول، وذلك بدعم السينما والدراما العربية وتأسيس المعاهد الفنية وتأهيل الممثلين والإعلاميين والفنيين حتى يكون لنا حضور في المشهد العالمي، وحتى نصنع شيئاً مماثلاً أو ربما يفوقه في المصداقية والرسالة.
لقد كانت هنالك محاولات جادة لإيصال الصوت العربي عبر السينما كان آخرها فيلم "وُلِدَ ملِكاً" في عام 2018 والذي وصل صداه بعيداً حتى حاز جائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان إنورد أي فيلم، إضافة إلى تأسيس المناطق الإعلامية في دول الخليج والتي استضافت أفلاماً عالمية مهمة، إلا أن العمل لا يزال طويلاً أمام تغيير الصورة النمطية التي أسست لها دول وجماعات كان هدفها إضعاف مكانة العرب ولكل أسبابه وأهدافه.
الحقائق ليست واضحة تماماً، لذا يجب توضيحها بالعمل على بناء الصورة الذهنية في جميع أنحاء العالم، وهذا لن يتأتى إلا بتكامل العمل السياسي والاقتصادي مع الإعلامي والفني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة