السلطة تنتصر في معركة الرئيس والملياردير.. ماسك يعلن الطاعة وترامب يعلق

علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، على "ندم" إيلون ماسك على منشوراته المعادية في وقت سابق بحقه.
وأبدى ماسك ندمه في وقت سابق على بعض المنشورات التي نشرها الأسبوع الماضي عن ترامب. وفي أحدث إشارة إلى مصالحة مبدئية بين الرجلين، كتب ماسك في منشور على منصة شركته X للتواصل الاجتماعي اليوم الأربعاء: "أشعر بالندم على بعض منشوراتي عن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي.. لقد تجاوزت الحدود".
وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة نيويورك بوست إنه يعتقد بأنه من اللطيف جدا أن ماسك فعل ذلك. وأضاف: "أعتقد أنه من اللطيف للغاية أنه فعل ذلك".
وكان محللون قد اعتبروا في وقت سابق أن ماسك اختار المعركة الخاسرة. ووفقا لتحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي"، فإن القطيعة التي جاءت بعد استقالة ماسك من رئاسته لوزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، وهي الهيئة التي لعبت دورًا محوريًا في تنفيذ أجندة ترامب الإدارية، ثم انتقاده العلني لموازنة ترامب، - لم تكن مجرد تباين في الآراء، بل صدام بين رؤيتين للسلطة: واحدة تعتمد على النفوذ الاقتصادي، وأخرى تمارس الحكم من موقع الدولة. لكن النتيجة كانت واضحة: في كل مرة، السلطة تنتصر.
من الشراكة إلى الصدام
وخلال الشهور الماضية، تجاوزت صلاحيات ماسك الحدود التقليدية. فقد أوفد فرقًا خاصة إلى مؤسسات حكومية دون رقابة قانونية، وساهم في تفكيك هيئات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تحت شعار "تحقيق الكفاءة". لكن منتقدين رأوا في هذه الخطوات محاولة لبناء "دولة داخل الدولة"، تستند إلى رؤية نخبوية تعتبر أن النظام الحالي فاسد بالكامل ويجب تطهيره، لا إصلاحه.
ويبدو أن ماسك، الذي يقود شركات مثل تسلا وسبيس إكس، اعتقد أن ثروته ونفوذه العالمي سيمنحانه حصانة ضد السلطة السياسية. لكن إدارة ترامب بدأت في استخدام أدوات الدولة ضده: تهديدات بإلغاء عقود، فتح تحقيقات ضريبية، وسحب امتيازات. وقد باتت إمبراطوريته الاقتصادية عرضة للاستهداف.
وما حدث بين ترامب وماسك ليس استثناءً، بل رسالة واضحة للنخبة الاقتصادية الأمريكية: إذا أردت أن تحتفظ بنفوذك، فعليك أن تلعب ضمن قواعد السلطة، أو تُقصى. فرجل مثل ترامب لا يتسامح مع التحدي العلني، ويعرف كيف يستخدم أدوات الدولة لمعاقبة من يخرج عن الخط.
وقد تكون هذه المواجهة مفيدة سياسيًا لترامب، الذي يعشق الاستعراض. والانفصال عن نجم عالمي مثل ماسك يمنحه زخماً إعلاميًا كبيرًا، ويعزز صورته كزعيم لا يخضع للأثرياء.
ولطالما حذر الليبراليون الأمريكيون من تأثير المال على السياسة. لكن هذا المشهد يكشف جانبًا آخر: عندما تضعف الديمقراطية، لا يُسيطر الأثرياء على الدولة، بل تُخضع الدولة الأثرياء لإرادتها. لم يعد السياسيون دمى بيد رجال الأعمال، بل بات بإمكانهم إعادة تشكيل قواعد اللعبة بالكامل.
ووفقا للتحليل، فإن هذا لا يعني أن نفوذ المليارديرات قد انتهى، لكن الذكاء السياسي أصبح ضرورة. قادة مثل تيم كوك وجيمي ديمون يعرفون كيف يمارسون تأثيرهم بهدوء وذكاء، دون تحدٍّ مباشر. أما ماسك، فقد اختار المواجهة، ودفع الثمن وأعرب عن ندمه.
لكن الحقيقة الأعمق تظل قائمة: في مواجهة السلطة السياسية المطلقة، حتى أثرى أثرياء العالم لا يملكون سوى خيارين – الطاعة أو السحق.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز