رغم توقيعها اتفاقية سلام تاريخية مع إسرائيل، وقيام تمثيل دبلوماسي كامل واتفاقات تعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والاستثمارية، فإن دولة الإمارات تحرص على استمرارية وثبات موقفها التاريخي الداعم والمساند للشعب والقضية الفلسطينية.
ولا خلاف على أن موقف الإمارات، قيادة وشعبا، تجاه القضية والشعب الفلسطيني، منذ تأسيس دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971، ثابت وراسخ ولم يتبدل أو يتغير، فكانت وستبقى دائما في صدارة الدول العربية الداعمة للشعب الفلسطيني، حيث كان القائد المؤسس (الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان) يؤمن إيمانا راسخا بترابط المصالح، ووحدة المصير، وضرورة وقوف بلاده إلى جانب الشعوب العربية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والتقدم، واضعا الأساس القوي الذي تمضي عليه الدولة في بناء مواقفها واتجاهاتها وسياساتها حيال الدول والشعوب العربية.
ولا تزال الإمارات تضع القضية الفلسطينية في قلب اهتماماتها، انطلاقا من التزامها بواجباتها القومية تجاه أمن ومصالح الأشقاء العرب، وتضطلع بدورها تجاه هذه المسؤوليات من دون تردد، انطلاقا من قناعة راسخة بأن أمنها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
موقف الإمارات
ومن ذلك نلحظ أنه لم يطرأ تغير جوهري على موقف أبوظبي بشأن دعم القضية والشعب الفلسطيني، عقب إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بل إن أحد محفزات هذا الاتفاق كان حلحلة الجمود والمياه الراكدة في القضية الفلسطينية، وفتح ثغرة في جدار الجمود القائم من أجل استئناف الحوار الفلسطيني الإسرائيلي، بحثا عن تسوية عادلة للقضية، وقد عكست أزمة غزة فاعلية الموقف الإماراتي في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وصون حقوقه المشروعة، ناهيك عن تقديم المساعدات الإنسانية بكل الطرق الممكنة للمدنيين في قطاع غزة.
وتدرك الإمارات أن خبرة السنوات الماضية والدروس المستفادة من المتغيرات والتطورات الاستراتيجية المتسارعة في منطقتنا، تؤكد أن تعزيز التضامن العربي الخيار الأمثل لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحدق بالدول العربية، ليس فقط لأن مثل هذا التضامن يؤكد وحدة الموقف العربي، وإنما أيضا لأنه يفوّت الفرصة على محاولات الأطراف الخارجية التي تعمل على إذكاء الخلافات والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
ولا شك أن هذا النهج استمرار لنهج تاريخي وموروث راسخ في السياسة الخارجية للدولة منذ عهد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث كانت ولا تزال السياسة الخارجية لدولة الإمارات تعلي قيم التضامن العربي، والتعاون المشترك في مواجهة التحديات والمخاطر التي تنال من أمن واستقرار الدول العربية، حيث تنظر إلى استقرار الدول العربية جميعها باعتباره ضمانة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وضرورة، في الوقت ذاته، لتحقيق التنمية والرفاه والازدهار لجميع شعوب المنطقة.
وهذا يأتي انطلاقا من أن الأمن والاستقرار هما أساس التنمية وتقدم الأوطان والشعوب، والحفاظ على مكتسباتها في مختلف المجالات، وقد أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، غير مرة، أن منظور دولة الإمارات العربية المتحدة للأمن القومي العربي باعتباره "أمنا مترابطا لا يتجزأ"، ودعا منذ سنوات إلى "بناء إطار سياسي وعسكري وتنموي متقدم من أجل عزة العرب ومكانتهم في المنطقة والعالم"، كما ينظر إلى كل مصدر تهديد لهذه الرؤية باعتباره مصدر خطر يهدد الجميع.
شعور بالمسؤولية
ومنذ تأسيس دولة الاتحاد، وهناك شعور لدى القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بأن لديها مسؤوليات وواجبات قومية تجاه أمن ومصالح الأشقاء العرب والخليجيين، وتضطلع بدورها تجاه هذه المسؤوليات دون تردد، انطلاقا من قناعة راسخة أن أمن الإمارات جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
كل ما سبق، يعكس قناعة إماراتية راسخة بأن مصالح الدول العربية تعد إحدى أهم أولويات السياسة الخارجية للإمارات، كما تعتبر الإمارات عضويتها في جامعة الدول العربية إحدى ركائز سياستها الخارجية، وهي تلعب دورا فعّالا في الحفاظ على أمن المنطقة ومكافحة التهديدات الأمنية المشتركة.
ومن خلال التعاون الأمني الوثيق مع بقية الدول العربية، تعمل الإمارات على مواجهة التحديات الأمنية المشتركة مثل التطرف والإرهاب والتدخلات الخارجية، وتعزيز قدرة الدول العربية على التصدي لأي تهديدات تشكل خطرا على أمن المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة