مع استيقاظ الأرض من سبات الشتاء في الصين، يستعد المزارعون في جميع أنحاء البلاد للزراعة، في حين تجري جهود توسيع تغطية الغابات بنشاط.
هذا التكامل المتناغم بين إحياء الزراعة وتوسيع الغابات، ليس فقط للحفاظ على الأمن الغذائي الوطني، بل يبرز أيضا التزام الصين بالاستدامة البيئية.
إحياء الزراعة: دمج التقاليد والابتكار
وتُنفّذ استعدادات الزراعة والتحضير لها بشكل منظم في جميع أنحاء الصين، مع التركيز على تثبيت المساحات وزيادة الإنتاجية، وتعزيز بنية الزراعة الذكية، والأخير إجراء حديث يضفي نشاطا جديدا على هذه التقاليد التاريخية، ما يشير إلى أن الصين في طريقها نحو تحول زراعي حديث.
وتجري مقاطعة غيلين تحسينات على القنوات الزراعية والساحلية والطرق الزراعية، متوقعة توسيع مساحة الأراضي الزراعية القياسية الجديدة بمقدار 10 ملايين فدان. بينما في مقاطعة هوبي، يتم تجهيز الأراضي الجبلية صغيرة الحجم بمعدات متقدمة، مثل أجهزة الاستشعار الذكية المدمجة بنظام الدولاب القطبي، التي تضمن ضبطا دقيقا للزاوية وتقليل التضاريس العالية وملء الانخفاضات، ما يعزز كفاءة إدارة الأراضي الزراعية.
وفي مقاطعة قويتشو، يتم تعزيز استخدام الآليات الزراعية في الجبال، من خلال استكشاف نماذج جديدة للزراعة الآلية على مدار السلسلة، بهدف الوصول إلى معدل آلي يبلغ 50٪ للمحاصيل الزراعية الرئيسية. وفي مقاطعة سيتشوان، تستخدم المعدات الميكانيكية الذكية، من خلال تطبيق نظام الملاحة، الذي يبدو أنه يعتمد على الأقمار الصناعية، لتحقيق دقة أعلى في المسافات بين البذور أثناء الزراعة، ما يزيد من كفاءة الزراعة الربيعية ويضمن مزيدا من المحاصيل.
بناء وطن أخضر
ومؤخرا، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال مشاركته في فعالية زراعة الأشجار التطوعية في العاصمة، إلى تخضير الوطن الأم والحاجة إلى توسيع وتطوير وحماية الأخضر في نفس الوقت.
إن توسيع الأخضر يعني تخضير أراضي الوطن على نطاق واسع وبشكل علمي، عبر زراعة الأشجار المناسبة في المكان والوقت المناسبين وبالأسلوب المناسب كذلك.
إن تطوير الأخضر يعني الاهتمام بالجودة والكفاءة، وتوسيع مسار تحويل المياه الصافية والجبال الخضراء إلى جبال من الذهب والفضة، ودفع تعزيز الربط الأفضل بين خزانات الماء وبنوك المال، وخزانات الغذاء وخزانات الكربون في الغابات، مما يحقق وحدة المنافع الإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية.
وتشير بيانات إدارة الغابات الوطنية إلى أنه حتى نهاية مارس/آذار، تمت زراعة 15.7 مليون فدان من الأشجار في جميع أنحاء البلاد، وفي العقد الأخير، تم تحقيق مساحة إحياء الأراضي الوطنية في الصين بمقدار 1.68 مليار فدان، وارتفعت مساحة الغابات إلى 3.465 مليار فدان، ما جعل نسبة تغطية الغابات تتجاوز 24%، واستمرت مساحة وحجم التخزين في الغابات في الزيادة لسنوات متتالية.
وتبلغ مساحة الغابات الصناعية المحفوظة 1.314 مليار فدان، مما يجعل الصين تتصدر العالم في هذا المجال، وهذه الإنجازات ليست فقط تعكس موقع الصين الريادي في مجال تحسين البيئة، بل تؤكد أيضا التزامها ببناء علاقة متناغمة بين الإنسان والطبيعة.
نحو مستقبل مستدام
ومع دخول الصين عصرا جديدا من الزراعة وحماية البيئة، تصبح التنمية المشتركة بين الزراعة الحديثة وإحياء البيئة، ركيزة استراتيجية للتنمية المستدامة للبلاد. كما تعمل التكنولوجيا المتقدمة في الإنتاج الزراعي ليس فقط على زيادة كفاءة الإنتاج، بل تقليل التأثير على البيئة أيضا، ما يعزز التنمية المستدامة لقطاع الزراعة.
وبالمثل، يساهم توسيع مشاريع الإحياء البيئي في تقليل تآكل التربة واستصلاح الصحاري، ويوفر مواطن جديدة للتنوع البيولوجي، ما يضمن الصحة البيئية على المدى الطويل للبلاد.
في المجمل، من خلال مشاريع الزراعة والإحياء البيئي في الصين، نرى التزاما قويا من الدولة ببناء وطن جميل أخضر. ومن خلال التكامل المتناغم بين التقاليد والابتكار، تضمن الصين ليس فقط أمن الغذاء لنفسها، بل تعزز أيضا إرثا بيئيا مستداما للأجيال القادمة في جميع أنحاء العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة