هنيئاً لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في الاحتفال بيوبيله الفضي، فقد قدم النموذج للمؤسسات الوطنية
يصادف الرابع عشر من شهر مارس الجاري اليوبيل الفضي لتأسيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ذلك الصرح الوطني الكبير الذي يمثل إحدى العلامات المضيئة، التي واكبت مسيرة التنمية والتطور التي شهدتها الإمارات طيلة ربع القرن الماضي، بل إن الفلسفة التي انطلق منها المركز في ممارسة أدواره الحيوية سواء في دعم صانع القرار أو خدمة المجتمع عبرت عن رؤية ملهمة لدور البحث العلمي في عملية التنمية الشاملة والمستدامة واستشراف المستقبل.
هنيئاً لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في الاحتفال بيوبيله الفضي، فقد قدم النموذج للمؤسسات الوطنية التي تعمل بكل جد ومثابرة من أجل تحقيق أهداف قيادتنا الرشيدة في جعل دولة الإمارات في مقدمة دول العالم في كل مجالات التنمية والازدهار
وهذه الرؤية الملهمة هي التي تفسر المكانة المرموقة التي حققها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية باعتباره واحداً من أهم مراكز التفكير الاستراتيجي والاستشراف المستقبلي في المنطقة والعالم، وهي رؤية ترتكز على عدة محاور؛ أولها التفاعل البناء والمؤثر مع تطورات البيئة المحلية والخليجية والعربية والإقليمية والدولية، وذلك من خلال تسليط الضوء على القضايا المختلفة في مجالات الأمن والتنمية والدفاع والثقافة والطاقة والاجتماع، وتوضيح تداعياتها وما تشكله من فرص يمكن الاستفادة منها أو ما تثيره من تحديات تتطلب الاستعداد الجيد لمواجهتها.
وثانيها منظومة القيم الحاكمة لعمل المركز والتي تعلي من الإبداع والابتكار. لقد قدم المركز، منذ بداية تأسيسه، نموذجاً ملهماً للمؤسسات الوطنية ليس فقط في النجاح، وإنما في التفوق والتميز، وهذا ما تجسده سلسلة إصداراته العلمية والبحثية في المجالات المختلفة، التي تحظى بالتقدير من الأوساط العلمية والأكاديمية الدولية، والتي أصبحت مرجعاً رئيسياً للباحثين والخبراء في مختلف التخصصات.
وأيضاً لا بد من ذكر التجديد والتغيير الذي يعمل عليه المركز، فيحرص دوماً على تطوير آليات عمله وأدواته البحثية، وهذا التجديد لا يقتصر فقط على ضخ دماء جديدة من الباحثين والخبراء وإنما أيضاً في بناء شراكات علمية مع أهم المراكز البحثية في المنطقة والعالم، والتعاون في تنظيم الندوات والمؤتمرات العلمية المتخصصة التي تسلط الضوء على التطورات الحاصلة في البيئتين الإقليمية والدولية.
رابعها المبادرة.. فعلى عكس العديد من مراكز البحوث والدراسات، فإن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية يتميز بالقدرة على المبادرة وطرح الأفكار المبدعة وغير المسبوقة، وأبرز مثال على ذلك هي مبادرة "تحالف عاصفة الفكر"، التي أعلن عنها المركز عام 2015، والتي أسست لمرحلة جديدة من التعاون بين مراكز البحوث والدراسات الخليجية والعربية، بهدف دعم عملية صنع القرار، وبناء استراتيجيات عربية موحَّدة، تضع الأسس والمرتكزات التي تضمن تحقيق الأمن والاستقرار الشامل للدول العربية كافة، وحماية منجزاتها ومصالحها.
وقد استطاعت هذه المبادرة أن تسهم بدور حيوي في إثراء الفكر الاستراتيجي، وتعزيز الوعي الأمني بالقضايا والتحديات التي تواجه الأمن القومي العربي في مفهومه الشامل، وذلك من خلال الرؤى الثرية والمقترحات البناءة والتوصيات الجادة بشأن القضايا التي ناقشتها في دوراتها السابقة. وكان آخرها الدورة السابعة التي استضافها المركز في شهر أكتوبر 2018، والتي ناقشت "المستقبل العربي في عصر التكنولوجيا"، وأكدت أهمية التعامل مع الثورة الصناعية الرابعة، وفي القلب منها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بصفتها قضية وجود وأمن وطني بالنسبة إلى الدول العربية، وليست مجرد قضية تكنولوجية أو اقتصادية.
وإذا كانت هذه الرؤية الملهمة وفلسفة العمل تقفان وراء تميز مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية طيلة الربع قرن المنصرم في مجال التميز البحثي والإنتاج المعرفي، فإن الدعم اللامحدود الذي قدمته القيادة الرشيدة لإدارة المركز هو الحافز الأساسي للمزيد من التميز والإبداع. وأيضاً لا يخفى على أحد أن سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام المركز، يعتبر كلمة السر فيما وصل إليه المركز من مكانة عالمية، فقد وضع فلسفة العمل، واختار بعناية فريق الباحثين والخبراء في المركز، وغرس في هذا الفريق ثقافة الإبداع والابتكار والتميز، وبالفعل أصبح المركز يمثل منارة للعلم والفكر والثقافة بل وواجهة مشرفة لقوة الإمارات الناعمة.
ولا شك في أن ترشيح سعادة الدكتور جمال سند السويدي، وكتابه "السراب" للحصول على أعلى الجوائز العالمية والأدبية من جانب 50 خبيراً وأكاديمياً وسياسياً من بلجيكا، وإيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا والسويد، هو أفضل تتويج لهذه المسيرة الحافلة من العطاء والإبداع في الإنتاج العلمي والمعرفي والتنويري الذي يثري الفكر الإنساني.
إن تزامن هذا الترشيح مع اليوبيل الفضي لتأسيس المركز إنما هو تجسيد حقيقي لقوة الإمارات الناعمة على الصعيد الدولي، فمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بات واحداً من أهم مراكز البحث والتفكير في العالم الذي يستضيف في رحابه رؤساء وزعماء وقادة العالم وخبراء الاستراتيجية والاقتصاد من كل دول العالم، وتتطلع مراكز البحوث الدولية إلى التعاون معه في تنظيم الندوات والمؤتمرات وورش العمل البحثية، والأهم أن إصداراته العلمية باتت مراجع موثوقة في الجامعات الدولية.
أما سعادة الدكتور جمال سند السويدي فيعتبر إحدى القامات الوطنية التي تمثل مصدراً للفخر والاعتزاز لكل أبناء الوطن، لأنه يعد أحد أبرز المنظرين لمفهوم "دبلوماسية الثقافة والفكر" في المنطقة العربية، التي تندرج ضمن ما يعرف بالدبلوماسية الموازية القائمة على صناعة المعرفة والثقافة والفكر، كما أن مؤلفاته العلمية تحظى بالتقدير من جانب الأوساط الأكاديمية والعلمية الدولية، وتحتل صدارة الترتيب في دور النشر العالمية في السنوات الخمس الماضية.
بل إن كتابه "السراب" حاز العديد من الجوائز العربية والعالمية، من بينها جائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب في مجال التنمية وبناء الدولة، وهو يعد بحسب العديد من الباحثين والمختصين في أدبيات الإسلام السياسي، من أهم الكتب العربية والعالمية في مجال مكافحة آفة التطرف والإرهاب التي غزت العالم في السنوات الماضية. وليس أدل على الأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا الكتاب عالمياً أنه قد تمت ترجمته إلى عدة لغات عالمية، وأقيمت حوله العديد من الندوات الفكرية والمؤتمرات العلمية في العديد من العواصم الغربية خلال الأعوام الماضية، وحظي بتقدير عالمي كبير، وهذا يرجع بالأساس لأن هذا الكتاب نجح في تقديم رؤية علمية حول ظاهرة الإسلام السياسي إلى الثقافات المختلفة، وأسهم في تبصير وتنوير الرأي العام العالمي والمرجعيات الفكرية والسياسية والمنظمات الدولية والحقوقية بحقيقة الفكر الفضفاض والشعارات البراقة التي تحملها تلك الجماعات الدينية السياسية التي تتاجر بالدين منذ أن تشكلت حتى وقتنا الراهن.
هنيئاً لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في الاحتفال بيوبيله الفضي، فقد قدم النموذج للمؤسسات الوطنية التي تعمل بكل جد ومثابرة من أجل تحقيق أهداف قيادتنا الرشيدة في جعل دولة الإمارات في مقدمة دول العالم في كل مجالات التنمية والازدهار.
وهنيئاً للدكتور جمال سند السويدي، فهو دائماً يقدم القدوة لأبناء الوطن في الإرادة القوية والعزيمة الصادقة، ويثبت بحق أن الثروة الحقيقية للإمارات تكمن في أبنائها المتفوقين والنابغين الذين يجسّدون قوتها الناعمة في الساحة الدولية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة