مشاريع الإمارات التنموية في باكستان.. طوق نجاة من آثار كارثة الفيضانات (فيديو)
تعرضت جمهورية باكستان الإسلامية خلال شهر أغسطس/آب الماضي لأسوأ كارثة فيضانات مدمرة، تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وتأثر بهذه الكارثة أكثر من 33 مليون شخص، وغمرت المياه ما يعادل ثلث مساحة باكستان.
وحسب الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن الهيئة الوطنية لمواجهة الكوارث الباكستانية، فقد نتج عن هذه الكارثة وفاة أكثر من 1,569 شخصا منهم 552 طفلا، وإصابة أكثر من 13 ألف شخص، ونزوح حوالي 7 ملايين نسمة لخارج مناطقهم، كما تم استخدام 5,500 مدرسة كمراكز إيواء للمتضررين.
وقد ساهمت هذه الكارثة في انتشار نسبة عالية من الأمراض بسبب شرب المياه الملوثة مثل الإسهال، والملاريا، والتهاب الصدر، والأمراض الجلدية، والتهاب العيون وحمى الضنك، وتعرض ما يقارب من 1.9 مليون منزل للضرر والدمار، وجرفت أكثر من 12.7 ألف كيلو متر من الطرق.
كما تدمر وسقط 390 جسرا حيويا، وتدمرت 24 ألف مدرسة ومعهد تعليمي، و1460 مركزيا صحيا، بالإضافة إلى تلف ملايين الهكتارات من الأراضي والمحاصيل الزراعية، ونفوق 936 ألف رأس من الثروة الحيوانية، بحسب الإحصائيات الصادرة عن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث الباكستانية.
مبادرات إنسانية إماراتية
ومنذ أواخر عام 2010 وبعد أن اجتاحت جمهورية باكستان الإسلامية كارثة الفيضانات المدمرة في ذلك العام، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة بتوجيهات المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "طيب الله ثراه"، ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ودعم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، العديد من المبادرات الإنسانية والتنموية لدعم ومساعدة أبناء الشعب الباكستاني والتخفيف من معاناتهم، من خلال تنفيذ وإنجاز أكثر من 200 مشروع تنموي حيوي لسكان الأقاليم والمناطق المتضررة بكارثة الفيضانات في باكستان، شملت مجالات الطرق والجسور والصحة والتعليم والمياه والزراعة.
وفي هذا العام، ومع تجدد حدوث كارثة الفيضانات المدمرة، وتعرض الملايين من الأسر الباكستانية للمعاناة والخطر والخوف والإصابات ونقص الغذاء والدواء، أثبتت المشاريع التنموية الإماراتية في الأقاليم المتضررة بالفيضانات مثل إقليم خيبر بختونخوا وإقليم بلوشستان، جودتها العالية ومنفعتها المتعددة وفائدتها الكبيرة والدائمة لسكان تلك المناطق، بفضل الرؤية والنهج والمبادئ الإنسانية التي اعتمدت خلال مراحل التخطيط والتنفيذ ووصولاً للإنجاز الراقي بالمواصفات المتطورة والتجهيزات الحديثة والمتكاملة.
وساهمت كل من مشاريع المستشفيات الإماراتية في استقبال المصابين والجرحى جراء الكارثة وتوفير خدمة العلاج والإنقاذ الطارئ والدواء لهم، كما ساهمت مشاريع الطرق والجسور في إنقاذ الملايين من البشر من خلال تسهيل الحركة الآمنة على الطرق والجسور بين المناطق المتضررة، ومنع انقطاع المواصلات وإدامة عمليات الإغاثة والإسعاف، كما قدمت المدارس الإماراتية منفعة استثنائية من خلال استخدام مبانيها كمراكز إيواء للعائلات المتضررة والنازحة وأطفالهم.
وقال عبدالله خليفة الغفلي، مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، إن ما تم إنجازه من المشاريع التنموية في جمهورية باكستان الإسلامية خلال السنوات الماضية يمثل ترجمة لتوجيهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وبمتابعة ودعم من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، والتي حرصت باستمرار على تبني العديد من المبادرات الإنسانية في إطار العطاء والتكاتف والتضامن مع الشعب الباكستاني وبرؤية تتطلع للتخفيف من معاناتهم الإنسانية وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم وتطوير مرافق البنية التحتية في مناطقهم.
وأشار إلى أن المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان ومنذ عام 2011 انتهج خطة تنموية كبيرة لخدمة مجتمع وسكان مناطق إقليم خيبر بختونخوا والمناطق القبلية، وإقليم بلوشستان بالإضافة إلى العاصمة إسلام أباد، بهدف توفير سبل الحياة الكريمة لهم والمساهمة في الرقي والتطور والتقدم الحضاري لمناطقهم، بتنفيذ مشروعات حيوية في مجالات الطرق والجسور والتعليم والصحة ومجال توفير المياه والزراعة، بالإضافة تنفيذ العديد من حملات المساعدات الإنسانية والتي شملت توزيع المساعدات الغذائية وخيم الإيواء للسكان الفقراء والمحتاجين والنازحين، وتنفيذ حملات التطعيم ضد شلل الأطفال لمدة 9 سنوات متواصلة منذ عام 2014.
وقال الغفلي إن تأثير الفيضانات المدمرة التي حدثت في باكستان في أواخر الشهر الماضي كان شديداً وكارثياً وقاسياً، وكان للمشاريع التنموية الإماراتية أثر إيجابي ملموس في حماية سكان المناطق التي تقع فيها المشاريع، والتقليل من آثار كارثة الفيضانات عليهم وعلى أبنائهم وممتلكاتهم، حيث إنه ومع التداعيات السلبية للفيضانات ساهم في نجاح أكثر من 12 مستشفى وعيادة تم بناؤها وتجهيزها من خلال الدعم والمساعدات الإماراتية بمختلف الأقاليم الباكستانية، في توفير الرعاية الصحية المتخصصة والخدمات الطبية المتكاملة من علاج ودواء للسكان بكل كفاءة واقتدار.
ومن أبرز هذه المستشفيات التي ساهمت في الإنقاذ والعلاج للجرحى والمصابين والمرضى أثناء كارثة الفيضانات مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في مدينة سيدو شريف بإقليم خيبر بختونخوا، ومستشفى الشيخة فاطمة بنت مبارك في منطقة جنوب وزيرستان، ومستشفى باجور، ومستشفيات إقليم بلوشستان، والمستشفى الباكستاني الإماراتي العسكري بالعاصمة إسلام أباد.
كما ساعدت مشاريع الطرق والجسور الإماراتية بصلابتها ومناعتها القوية في المناطق المتضررة في إدامة واستمرارية حركة العبور والنقل والمواصلات، وكان لجسر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وجسر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان اللذين يعتبران من أهم الجسور في إقليم خيبر بختونخوا، الدور الرئيس في نجاح جهود الإسعاف وإيصال الطعام والإمدادات الغذائية والدوائية والخيام للمتضررين بسرعة وأمان أثناء موجة الفيضانات العاتية، ويرجع ذلك إلى تميز إنشاء وبناء هذه الجسور وفق أحدث المواصفات الفنية والهندسية والمعايير العالمية، والتي تتمثل بقدرتها على مقاومة تأثيرات الزلازل ومقاومة الفيضانات والتيارات المائية بأعلى مستوياتها.
كما ساهم كل من طريق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في إقليم خيبر بختونخوا، وطريق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في جنوب وزيرستان، وطريق الصداقة الإماراتية الباكستانية الرابط بين منطقتي جنوب وشمال وزيرستان، في المساعدة في عملية الربط والتنقل للسكان المحليين بين القرى والمدن التي عانت صعوبات في الاتصال بالمناطق الرئيسية، كما كان لها دور كبير في المساعدة بجهود نقل المرضى والمصابين للمستشفيات والعيادات بسرعة وأمان، وإيصال قوافل الإغاثة للمناطق المستهدفة.
مشاريع تنموية
وأكد عبدالله الغفلي أن توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ومتابعة ودعم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، ورؤيتهما الإنسانية للمشروع الإماراتي لمساعدة باكستان رسمت مبادئ استثنائية لنهج التخطيط والعمل الإنساني والتنموي، وحددت أهداف ومسار الإنجاز المتميز والمتطور بمستوى عالٍ من الكفاءة والجودة والالتزام والدقة بمعايير عالمية وحديثة للمشاريع الحيوية المتكاملة، والذي كان له الأثر الكبير والدور الأساسي لنجاح تنفيذ أكثر من 200 مشروع تنموي بصورة متميزة ورائدة في جمهورية باكستان الإسلامية، بأرقى صورة من صور التكاتف والتضامن والتعاضد المعنوي والدعم المادي للفئات الفقيرة والمحتاجة للمساعدة والمعونات الإنسانية، تجسيداً لعُمق العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط بين البلدين على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعبر سكان المناطق المتضررة بالفيضانات عن شكرهم وتقديرهم لدولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الحكيمة، ولعموم الشعب الإماراتي للدور الكبير الذي حققته المشاريع التنموية الإماراتية في مناطقهم في الحد من تداعيات كارثة الفيضانات ومساهمتها في حمايتهم وحماية أبنائهم وممتلكاتهم، حيث أوضح الدكتور طارق خان رئيس قسم الطوارئ بمستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة سيدو شريف أن لهذا القسم دورا مهما في تقديم العلاج، فقد استقبلنا الكثير من الإصابات والجرحى بسبب الفيضانات، بالإضافة إلى زيادة ظهور الأمراض المتعلقة بالمياه الملوثة كالإسهال والملاريا، وحمى الضنك.
وأشار إلى أن المستشفى استقبل حالات الإصابات الحرجة من المدن والقرى المجاورة مثل مدينة مدين ومدينة كالام وقرية بحرين وقدم لها العلاج اللازم، بالإضافة إلى تحريك فرق طبية من المستشفى للمناطق المتضررة والمنكوبة مكونة من أطباء وسيارات الإسعاف وأدوية، مشيداً بقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة التي أنشأت هذا المستشفى لمساعدة الحكومة الباكستانية وكذلك لمساعدة سكان هذه المناطق خاصة خلال الأزمات والكوارث.
وعلى جسر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على نهر سوات، أشار المواطن الباكستاني أرشد خان إلى أنه وخلال فيضانات عام 2010 هدم وتدمر الجسر القديم الضعيف، فقامت دولة الإمارات العربية المتحدة ببناء هذا الجسر الجميل وكذلك جسر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وقد أثبت كلا الجسرين صلابتهما وقوتهما خلال هذه الفيضانات.
وقال المواطن الباكستاني فضل كريم: "الحمد لله هذا الجسر قوي، وقد كنا خائفين من مستوى الماء المرتفع، ولكن الحمد لله لم يتأثر الجسـر ولم نتأثر نحن من قوة الفيضانات، لقد تم بناء هذا الجسر بعزم وإرادة قوية من قبل دولة الإمارات العربية، ونشكر كثيراً قيادة دولة الإمارات على بناء هذا الجسر وتقديم المساعدات الإنسانية لنا".
وعلى جسر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على نهر سوات، أكد المواطن الباكستاني أظهر خان الفائدة والأهمية الكبرى للجسر خلال هذه الفيضانات، بسبب ارتفاعه، حيث كان مستوى الماء أعلى بكثير من المعدل الطبيعي، لكن بسبب ارتفاع الجسر نجونا.
وقال المواطن الباكستاني لياقت خان: "في عام 2010 كان هنا جسر ضعيف وصغير تدمر خلال الفيضانات، ثم أقامت لنا دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الجسر بصلابة أكثر وجودة عالية وقوة".