أثبتت الإمارات طوال الخمسين عاماً الماضية قيامها على أسس راسخة من الحرص البيئي والاهتمام بالإنسان أولاً.
إذ استلهمت الدولة مقولة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في أننا "نحن الذين نعيش الآن فوق هذه الأرض مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا والحياة البرية، واجب علينا الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حد سواء"، كنظرة حكيمة مستقبلية لسنوات طويلة بعد غيابه، وهو الذي أطلق العالم عليه ألقابا مثل "رجل البيئة الأول" و"بطل الأرض".
وقد خطّت دولة الإمارات سجلها الحافل في مجال البيئة والطاقة النظيفة والمتجددة، فسعت إلى الانتقال من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى مصادر طاقة أكثر فاعلية واستدامة خالية من الانبعاثات الكربونية، حيث هيمن اقتصاد المعرفة غير النفطي على الاقتصاد الوطني بنسبة تتجاوز 70%، منذ أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في كلمته بالقمة الحكومية عام 2015 عبارته الشهيرة: "سنحتفل بتصدير آخر برميل نفط في 2050".
وباتت الأرقام تشير إلى معجزة الإمارات في الانتقال إلى الطاقة البديلة من خلال تخصيص 600 مليار درهم لتلبية الطلب على الطاقة حتى عام 2050، واستثمار 50 مليار درهم في مشاريع مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، كأكبر مجمع لها بموقع واحد في العالم، بقدرة إنتاجية ستصل إلى خمسة آلاف ميجاوات بحلول عام 2030، واستثمار 52 مليار درهم لشركة "مصدر" في أكثر من ثلاثين دولة، وبناء مشاريع الطاقة المتجددة النظيفة كمحطات "شمس" ومشروع "نور أبوظبي" ومحطات "براكة" النووية، التي تغطي وحدها نسبة 25% من حاجة استهلاك الكهرباء في الدولة، وتحدُّ من 21 مليون طن انبعاثات كربونية سنوياً، ما يعادل إزالة 2.3 مليون سيارة من طرق الدولة كل عام.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ المرحلة الثالثة ضمن مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية وحدها تسهم في تزويد 240 ألف منزل بالكهرباء، فضلاً عن الحد من آثار التغير المناخي عبر تفادي انبعاث 1.4 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.
وفي الوقت الذي يقف العالم بأسره عاجزاً أمام جائحة كورونا وظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري، ومشلولاً أمام تداعيات هذه الظواهر من فيضانات وحرائق ومواسم جفاف، تجد الإمارات -بناءً على معطيات الأرقام التي أوردناها وسجلها الناصع في مجال الطاقة النظيفة المتجددة- قطعت شوطاً كبيراً من التقدم في استقراء أبعاد هذه الظواهر المناخية المهددة للبشرية بأسرها، ما بين قمة باريس واتفاقيتها للمناخ عام 2015، وقمة المناخ في غلاسكو 2021.
ويكفي كذلك ما أعلنته كل من السعودية والبحرين من استهداف تحقيق الحياد الصفري في الانبعاثات الكربونية عام 2060، وقبلهما الإمارات، التي استهدفت تحقيق ذلك في عام 2050، لتأكيد ما توليه حكومات دول الخليج العربي لهذا التحدي من أهمية في سياساتها الوطنية لتحقيق أمنها البيئي حفاظاً على موارد الأرض وبيئتها وسلامة الأجيال القادمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة