فالملاحظ أنه عندما يتم الحديث عن مشروعات الإمارات الكبرى فإن المسألة باتت تتجاوز مواطنيها لتشمل كل العرب.
بمناسبة انطلاق "مسبار الأمل" في رحلته التاريخية إلى المريخ، أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في كلمة له بأن هذا، "الانطلاق يشكل إنجازاً وطنياً وعربياً ودفعة إماراتية متقدمة في مسيرة بناء المعرفة العالمية في مجال الفضاء".
بالنظر إلى تلك الكلمات التي شملت العرب، نجد أنها تنسجم مع العديد من السياسات والخيارات الاستراتيجية الداخلية والخارجية لدولة الإمارات منذ تأسيسها قبل "50" عاماً والتي تكاد تخاطب طموح الإنسان العربي وتقوم بتحقيقها.
فعندما تعود بنا الذكريات سنجد أن طموح الوحدة العربية التي فشلت في أكثر من تجربة حققتها دولة الإمارات من خلال الدولة الاتحادية وبات نموذجا يقتدى به.
كما أن مؤشرات النمو والاستقرار الاجتماعي كانت وما زالت جزءا من خيال الإنسان العربي نجد دولة الإمارات تسجل فيها أفضل المعايير والنسب العالمية حتى تكون قبلة للشباب العربي وغيره من شباب العالم للعيش فيها.
إن قرارات دولة الإمارات حول بعض القضايا تخاطب همم الشباب العربي وتبث فيهم الأمل، فالموضوع أكبر من التركيز على التجربة التي نراها.
فالملاحظ أنه عندما يتم الحديث عن مشروعات الإمارات الكبرى فإن المسألة باتت تتجاوز مواطنيها لتشمل كل العرب وفي أحيان أخرى تصل إلى الإنسانية جمعاء.
وبالتالي فإن التوقف عند مسألة إطلاق "مسبار الأمل" يؤكد لنا أن رؤية القيادة السياسية في الإمارات عندما تستشرف المستقبل ترى أن هناك ما يحتاج إلى إلهام الشباب العربي بفعاليات ومشاريع تحفز تفكيره وتثيره من أجل اكتساب المعرفة والعلم في المجالات المختلفة والتفاعل مع المشروعات التنموية الكبرى التي تتنافس عليها الدول الكبرى على تحقيق الريادة والسبق فيها.
قد يستغرب البعض "منهم من حملة شهادات علمية كبرى" من إصرار الإمارات على غزو الفضاء إلى درجة أن تفكيره لم يسعفه على تصديق بأن هذا الإنجاز إماراتي وحاول أن يقلل منه مع أنه يدرك قصص النجاح الإماراتية التي شملت مختلف المجالات.
وقد يزيد استغراب هذ النوع من المراقبين لو أدرك أن طموح الإمارات وصل بها لأن تخطط أن يبلغ "مسبار الأمل" هدفه في المريخ بالتزامن مع احتفالات دولة الإمارات بالعيد الوطني الـ "50"، في إشارة إلى الهمة والإدارة السياسية التي تريد الإمارات أن يفكر بها الشباب العربي.
ما أريد قوله، إنه قبل توجيه أي ملاحظة على فكرة إماراتية تفوق خيال البعض ينبغي التوقف أمام تجارب المجتمعات الأخرى التي حققت نجاحات كبيرة حينها سنجد أن الفارق بين المجتمعات العربية والآخرين، أن غيرنا قام بالعديد من التجارب بهمة عالية في مجال واحد من أجل تحقيق النتائج التي نراها في حين أن مجتمعاتنا العربية لا تقوم بأي تجربة عملية جريئة.
بل المشكلة تجد من يتقن "فن تثبيط الهمم" مع أن الضرورة الوطنية والقومية تتطلب الاهتمام بكل التجارب وتقديم آراء إيجابية تساعد الآخرين على فهم المعنى النهائي ودلالات ذلك بدلاً من التفاعل مع حكومات عربية اختارت أن تكون ضد العمل العربي وتشويه كل فكرة بمجرد أنها إماراتية.
لو ركزنا على ما يتم في دولة الإمارات منذ قيامها سنجد عنصرين مهمين ساهما في جعل الإمارات ضمن الدول المنافسة في العالم وتكون أنموذجا عربيا.
هذان العنصران هما، الأول: أن قيادتها السياسية لم تضع سقفاً لطموحاتها التنموية رغم أن البعض يعتقد أن الإمارات وصلت إلى معايير تنموية عالية جداً تكفيها مقارنة بالإقليم الجغرافي الذي تتواجد فيه، والأهم أن هذا الطموح يشمل الإنسان العربي وذلك انطلاقاً من رسالتها القومية وهناك العديد من المواقف التي تؤكد على هذا النهج.
العنصر الثاني: أن قرارات دولة الإمارات حول بعض القضايا تخاطب همم الشباب العربي وتبث فيهم الأمل، فالموضوع أكبر من التركيز على التجربة التي نراها، لذا فالأمر يستحق من الرأي العام العربي ومن يصنفون أنفسهم قادة رأي التأمل فيها والتفكير بعمق قبل التسرع إلى انتقادها والحكم المسبق عليها.
فأحد أسباب هجرة الشباب العربي بالإضافة إلى حالة اليأس التي يعاني منها بسبب أن بعض المنتقدين اختاروا أن يعيشوا معزولين عما يحدث في محيطهم ونصبوا أنفسهم ناقدين لكل تجربة تنموية.
القيادة الإماراتية لم تقف أمام المثبطين والمنتقدين منذ تأسيس الدولة فهي لديها رؤيتها التنموية، وكما راهنت على الإنسان الإماراتي في قصة نجاحها فهي اليوم في المشاريع الكبرى تراهن على كل العرب في تحقيق إنجازاتها وكما نجحت في تجربتها الوطنية ستنجح أيضاً في تجربتها القومية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة