الإمارات والسلام في وثيقة الخمسين.. بوصلة للاستقرار
تؤمن دولة الإمارات بأن إرساء السلام والاستقرار في أرجاء المعمورة، هو أحد مفاتيح سر نجاح سياستها الخارجية.
إيمانٌ راسخ ترجمته دولة الإمارات العربية المتحدة في إعلانها، اليوم الأحد، عن وثيقة رسمت توجهاتها للخمسين سنة المقبلة، التي تضمنت عشرة مبادئ عبدت الطريق نحو قادم الأيام، في مسارها الاقتصادي والسياسي والتنموي.
مبادئ لم يغب عنها المنهج السياسي القائم على السلم والسلام والحوار، وحسن الجوار، لتعكس قيما لطالما أرادها المؤسسون، كما قال الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وفي المقابل، يراها الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مرجعا لتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم، وتعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهارا.
رؤية حكيمة
والوثيقة التي وجّه بها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، تشكل المسار الاستراتيجي للدولة خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية.
ومن بين البنود العشرة التي تضمنتها الوثيقة التي اعتمدها كل من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جاءت "الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات" و"حسن الجوار أساس للاستقرار".
دعوة تمثل الرؤية الحكيمة التي انعكست في السياسة الخارجية للإمارات، التي وضعها المؤسسون وسار عليها من جاء بعدهم، حيث حرص الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على انتهاج سياسة خارجية نشطة، تدعم مركز بلاده كعضو بارز وفعال، إقليميا، وعالميا.
إرساء السلام والاستقرار
ولعل معاهدة السلام الأخيرة التي وقعتها دولة الإمارات وإسرائيل، في العاصمة الأمريكية واشنطن، في مثل هذه الأيام من العام الماضي، أحدث ترجمة تعكس رؤية الإمارات في إرساء دعائم السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
فتلك الخطوة التاريخية من شأنها إعادة إحياء مسار السلام الشامل والعادل- هكذا وصف العالم اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي، الذي لحق بركبه ثلاث دول بالمنطقة البحرين والسودان والمغرب.
خطوة دبلوماسية إماراتية جريئة جاءت استجابة واقعية للمتغيرات الجيوسياسية والتحديات الأمنية والتنموية التي تشهدها المنطقة.
وأكدت الإمارات أن معاهدة السلام مع إسرائيل ستؤدي إلى فتح آفاق جديدة تدعم قضايا الازدهار والاستقرار في المنطقة، كما أنها تنقل التعاطي الرسمي مع القضية الفلسطينية من مرحلة المزايدات والمتاجرة السياسية إلى التعاطي المنطقي المتوافق مع القراءة الجيوسياسية للأوضاع في المنطقة والعالم.
لحظة تاريخية جددت من خلالها الإمارات، موقفها الراسخ في دعم قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
كما أكدت أن خيار السلام مع إسرائيل لن يكون على حساب دعمها التاريخي للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.
نموذج يعزز التقارب ويحارب الصراعات
واستطاعت الإمارات أن تكسر السائد لتغدو نموذجا فريدا من نوعه وملهما من حيث التسامح الديني والتعايش السلمي، وإرساء السلام، الأمر الذي دفعها للعب دور فاعل في نشر هذه القيم والانفتاح على الآخر، وهو ما يتجسد من خلال سياستها الدولية القائمة بالأساس على اتخاذ الاختلاف الثقافي والديني والعرقي دافعا نحو التقارب والحوار وليس مصدرا للعداء والصراعات.
ومن هذا المنطلق، تؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بأن انفتاح الدول والمجتمعات على بعضها بعضا، يعمق أواصر الصداقة والتقارب، ويكرس الصور الإيجابية المتبادلة فيما بينها، على نحو يدعم أجواء السلام والتفاهم والحوار على المستوى العالمي.
أما الانغلاق والتقوقع، فمن شأنه أن يؤدي إلى زيادة عوامل الصدام والخلاف وتكريس الصور النمطية السلبية بين المجتمعات المختلفة.
وتأكيدا لهذه القاعدة، تعمل الإمارات على مدّ جسور التواصل، والانفتاح مع مختلف دول العالم وشعوبه، وهو ما تترجمه علاقاتها مع أكثر من 182 دولة.
مسار سلام تفتحه الإمارات في منطقة أدمتها الحروب منذ عقود، وبارقة أمل تنبعث من أرض لطالما كانت سباقة لشر السلام والتعايش والتسامح.