قرار البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في الإمارات يبدو معاكساً تماماً للخط العام لدولة الإمارات في هذا المجال.
القرار بدا كما لو كان يتعلق بأحوال دولة أخرى لا احترام فيها لحقوق ولا قيمة بها لإنسان، لذا فإن تبنّي البرلمان الأوروبي لمثل هذه القرارات المليئة بادعاءات غير مدعومة بأي أدلة، يدعونا إلى تعريف الأوروبيين بالواقع المعيش في دولة الإمارات، لأن من الواضح أنهم مغيّبون ولا دراية لديهم بحجم وقيمة الإنجازات، التي قامت بها الإمارات في مجالات كثيرة، وحقوق الإنسان تحديدا، أو أنهم ربما تركوا الأمر عشوائيا ليُستخدم ضد دول محورية في المنطقة لتحقيق أهداف سياسية لخدمة أصحاب مصلحة.
أول نقطة يجب التوقف عندها لتعريف الغرب بسجل حقوق الإنسان في الإمارات هي أن الدولة وضعت الإنسان غاية لها وليس وسيلة، بمعنى أن الهدف الدائم والمستدام هو سعادة ورفعة ورفاهية الإنسان لذاته، وليس ليكون أداة لتحقيق أهداف حكومة أو دولة.
وارتباطاً بهذا المعنى، صار الاهتمام منصبًّا على تلبية واستيفاء كل حقوق الإنسان، مواطن أو مقيم أو زائر، بلا استثناء.
الشيء، الذي لم يدركه البرلمان الأوروبي، أن دولة الإمارات، التي نجحت في الارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً وتكنولوجياً وخدمياً، قد تجاوزت منذ زمن هذه المراحل البدائية من حقوق الإنسان، فقد أسقطت التصنيفات الخاصة بالهويات، ولم يعد معيار استيفاء الحقوق الأساسية يقتصر على طائفة أو دين أو جنس أو فئة دون غيرها، وإنما كل الحقوق لكل "إنسان" بصفته هذه، ليس أكثر.
الشمولية هو البعد الثاني المهم في تعاطي حكومة الإمارات وقادتها مع حقوق "الإنسان"، حيث لا استثناء لحق معين أو تركيز على توفير حقوق دون غيرها، فالاجتزاء، الذي عرفته البشرية ولا تزال تعانيه مجتمعات كثيرة بما فيها تلك الغربية المتقدمة، لا يشعر به أي مواطن أو مقيم أو حتى زائر للإمارات.
فكل الدول الغربية، وعلى رأسها الدول الأوروبية التي قامت حضارتها على الليبرالية ومنطق رأس المال، بدأت بالحقوق المادية والاقتصادية، واستغرقت قرونا لتهتم بالحقوق الأساسية، كالحق في السكن والزواج والمساواة.
لا يزال الرأي العام العالمي يتذكر مشهد مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد في مايو 2020، والذي أكد استمرارية انتهاكات وعنصرية الغرب ضد السود.
مثل هذا التمييز وهذا السلوك لا يجده الغربيون في دولة الإمارات، ولا في سلوكها وسياساتها الخارجية وهي تقدم المساعدات الإنسانية للعالم أجمع تقريبا، فالمنظمات الإغاثية والمعونات العاجلة، التي تقدمها الدولة في حالات الكوارث الطبيعية والأزمات، لا تفرق بين المتضررين والمنكوبين حسب الدين أو العرق أو الجنس أو اللون.. فكلهم في "الإنسانية" سواء، ولهم جميعاً حق الحصول على الإغاثة.
النقطة الثالثة تكمن في استباق الإمارات لما ينتقيه ويتشدَّق به الغرب من حقوق الإنسان، مثل حرية التعبير، فبمراجعة وضع وتطور حرية التعبير في الإمارات يمكن بسهولة إدراك المساحة الشاسعة المفتوحة للتعبير وتبادل الآراء والأفكار والطروحات في مختلف القضايا والملفات السياسية أو غير السياسية، فقد تطورت الحريات في الإمارات عبر عاملين مهمين، الأول مؤسسي، بتطوير مؤسسات تنظيم ورعاية تلك الحريات، وإنها لمفارقة أن يصدر قرار البرلمان الأوروبي العجيب في هذا الوقت بالذات، ما يؤكد صدقية وإخلاص جهود الإمارات نحو إقرار وتثبيت وتأكيد التزامها بحقوق الإنسان بمختلف مجالاتها وأشكالها، بصورة مؤسسية تحت رعاية سامية على أعلى المستويات في الدولة.
العامل الثاني، الذي يؤكد مدى الحريات في الإمارات، جاء عبر الممارسة الفعلية، وبنظرة سريعة على الساحة الإعلامية، بما تتضمنه من منصات وشبكات تواصل، تكتشف بوضوح مدى الانفتاح في حرية التعبير بالدولة، سواء بالمنظور الكمي، حيث توجد العشرات وربما المئات من تلك المنافذ والقنوات التي يمكن لأي "إنسان" الإطلال منها والتعبير عما يريد وكيفما يريد، أو بالمنظور النوعي، حيث كل القضايا والملفات قابلة للنقاش، وكل الآراء والتوجهات مؤهلة للطرح مهما كانت.
تلك هي الصورة الحقيقية لحقوق الإنسان في سياسة ونهج وفكر دولة الإمارات وقادتها منذ التأسيس، صورة عنوانها الرئيسي هو "الإنسانية"، وجوهرها هو سعادة هذا الإنسان، وهدفها استدامة حقوقه، وركائزها الشمول والمساواة وأدواتها الحرية والانفتاح والتفاعل الإنساني الحر دون انتقائية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة