الإمارات ومكافحة الإرهاب.. قوانين تعزز ريادة بلد الأمان
هي نقطة توازن في ساحة طافية على رمال متحركة، وهي من تصدت لرعاة الإرهاب الآفة التي نخرت في جسد الأمم والشعوب.
إنها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تترجم اليوم نهجا راسخا في مسار مكافحة الإرهاب والتطرف، عبر الحكم الصادر اليوم الأربعاء، في القضية المعروفة باسم "تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي" والتي يُحاكم فيها 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي في الإمارات.
الإمارات: أحكام بالسجن والغرامة بحق أعضاء «تنظيم العدالة» الإرهابي
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تمت إحالة هؤلاء إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة)، لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي دولة الإمارات.
وقضت محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة - اليوم بإدانة 53 متهما من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، وست شركات في القضية رقم 87 لسنة 2023 جزاء أمن الدولة، المعروفة إعلاميا (بقضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي)، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها 20 مليون درهم.
حيثيات القضية
وتتعلق القضية بارتكاب أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية جرائم تأسيس وإدارة تنظيم سري إرهابي "لجنة العدالة والكرامة"، بغرض ارتكاب أعمال إرهابية وجمع أموال وتمويه مصدرها وإخفائها لصالح التنظيم.
وبناء على معلومات وتحريات كافية، أمر النائب العام بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة مع ندب محام للحضور مع كل متهم.
وخلال جلسات المحاكمة، سمحت المحكمة أثناء مرافعات الدفاع لمن أراد من المتهمين بالحديث عن أنفسهم والتعليق على أدلة الإثبات ومرافعة النيابة العامة وما يودون إضافته من أوجه دفوع ودفاع.
ريادة في مكافحة الإرهاب
حكمٌ قضائي يتوج مسيرة حافلة في سجل الإمارات على طريق مكافحة الإرهاب والتطرف، إذ بذلت الدولة جهودا كبيرة لتعزيز نظام مواجهة هذه الآفة وتمويلها، وذلك من خلال القوانين التي أصدرتها والخطوات التي تتخذها.
ويؤكد مراقبون أن حكم اليوم القابل للاستئناف، وهي خطوة تعكس التزام الإمارات بمعادلة فريدة في حفظ القانون وصيانة حقوق الإنسان.
إذ جاء بعد تحقيقات دقيقة ومحاكمة نزيهة استمرت لعدة أشهر، مما يؤكد على نزاهة القضاء الإماراتي والتزامه الكامل بحقوق الإنسان.
ويؤكد الحكم على تنظيم "العدالة والكرامة" الإرهابي، جاهزية الأجهزة الأمنية والشرطية والقضائية في دولة الإمارات لمواجهة أية تهديدات.
ولم تدخر دولة الإمارات جهدا في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره وذلك منذ تأسيسها في عام 1971.
وكانت الإمارات من أوائل الدول التي اعتمدت استراتيجية شاملة في مكافحة الإرهاب والتطرف سواء من خلال التشريعات والقوانين أو التعاون والتنسيق الدولي وخصوصا عبر التوعية الدينية والثقافية بدعم التسامح ونبذ الكراهية على أساس ديني أو طائفي.
وأدركت دولة الإمارات خطورة الفكر المتطرف مبكرا، فانتهجت في ذلك أسلوب الوقاية منه، حيث تم ضبط الخطاب الديني في مؤسساتها الرسمية، ومنابرها الدينية والإعلامية، ومناهج تعليمها الديني.
وفي عام 2012، قامت الدولة بتأسيس مركز "هداية" بالشراكة مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وهو مركز دولي معني بالتدريب والحوار والأبحاث والتعاون في مجال مكافحة التطرف العنيف.
وتعتبر دولة الإمارات عضوا مؤسسا في "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب"، ورئيسا مشاركا لـ"مجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف" التابعة للمنتدى مع المملكة المتحدة من عام 2011 إلى عام 2017.
ولمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف، قامت الدولة بتعيين وزير للتسامح لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي في البلاد وخارجها.
وفي هذا الصدد، أنشأت الإمارات المعهد الدولي للتسامح في إمارة دبي وذلك لبث روح التسامح في المجتمع ولترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري وكل مظاهر التمييز بين الناس.
وفي فبراير/شباط 2019، استضافت الإمارات مؤتمر الأخوة الإنسانية بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين مختلف الديانات والثقافات وسبل تعزيز هذه القيم عالمياً، والتصدي للتطرف وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية بحيث تقوم على احترام الاختلاف.
وصدر عن المؤتمر " وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" والتي وقع عليها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية أثناء زيارتهما المشتركة إلى الدولة للمشاركة في المؤتمر.
كما أعلنت دولة الإمارات عن بناء بيت العائلة الإبراهيمية الذي يضم مسجدا وكنيسة وكنيساً. ويهدف إلى توجيه رسالة موحدة حول أهمية التعايش السلمي والحوار بين الأديان وعدم السماح للجماعات المتطرفة والإرهابية باستغلال الاختلافات الدينية لنشر العنف والكراهية.
"صواب" لمكافحة الإرهاب الافتراضي
وفي إطار جهودها المستمرة لمكافحة التطرف وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد عملت دولة الإمارات والولايات المتحدة على تأسيس مركز "صواب" الذي انطلقت أعماله في مارس/أذار 2015.
و"صواب" مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف الى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب.
ويتطلع المركز الى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم.
كما يعمل مركز "صواب" على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح.
وتتويجا لجهودها، اعتمدت لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي "مبادئ أبوظبي التوجيهية" التي تم نشرها كوثيقة رسمية للمجلس، وذلك خلال رئاسة الإمارات العربية المتحدة للجنة، ومع نهاية عضويتها في مجلس الأمن في ختام عام 2023، الأمر الذي يبرز الثقة والتقدير الدوليين للجهود الإماراتية في هذا الصدد، ومحاولة الاستفادة منها.
قوائم إرهاب
وإضافة إلى محاكمة المتهمين بالإرهاب، ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تبرز أيضا قوائم الإرهاب التي تعدها الإمارات لتعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد.
ففي فبراير/شباط من عام 2023، أدرجت دولة الإمارات 3 أفراد وكيانًا ضمن قائمتها المحلية للإرهاب، في خطوة مهمة على طريق تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب، وتأكيد على مساعيها في محاربة آفة العصر والحرص على محاصرته.
وكانت دولة الإمارات قد أصدرت قائمة بالكيانات الإرهابية في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، ضمت جماعة الإخوان المسلمين الإماراتية، وتنظيم الإخوان المسلمين، تطبيقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، تقوم بتحديثها بحسب ما اقتضت الحاجة بقرارات من مجلس الوزراء.
جهودٌ تجوب بها الإمارات العالم لتصيغ من توليفتها لوحة تسامح مشرقة تتحدى ظلام التطرف، ولتبقى محافظة على مرتبتها الأولى للسنة الرابعة على التوالي في مؤشر مكافحة الإرهاب العالمي.
إذ تعتبر الإمارات من أكثر الدول أماناً من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة، ومن أكثر الدول أماناً في العالم بمستوى "منخفض جداً" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي، وذلك حسب النتائج الصادرة من معهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن المؤشر ونشر نتائجه في يناير/كانون الثاني الماضي.
وأحكام اليوم، ما هي إلا رسالة من الإمارات بأن حماية أمنها واستقرار المنطقة عقيدتها وسلام العالم مطمحها.
aXA6IDMuMTM3LjE4MS42OSA= جزيرة ام اند امز