تقاطعت احتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة بعيد الاتحاد الثاني والخمسين مع استضافتها في مدنية دبي فعاليات إحدى أكبر القمم العالمية التي تبحث مستقبل الكرة الأرضية في ضوء تحدي التغير المناخي الخطير بفعل الاحتباس الحراري والأضرار الهائلة التي تتعرض له.
التقاطع بين عيد الاتحاد وانعقاد قمة المناخ «COP28» يحمل مدلولات كبيرة مرتبطة بدور دولة الإمارات الذي يتجاوز حدودها الجغرافية ليحلق في إطار القضايا العالمية.
فقمة المناخ التي استضافت وستستضيف معظم قادة العالم ليست قمة تطغى عليها المظاهر البروتوكولية لا سيما أن قضية تحديات التغير المناخي قد تكون القضية الوحيدة على مستوى العالم التي تتقاطع حولها هواجس متشابهة في كل القارات.
ومع أنها قمة تنعقد تحت شعار الأمم المتحدة، لكنها القمة الوحيدة التي يتجاوز عدد حضورها من القادة والمعنيين الاجتماع السنوي التقليدي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الذي ينعقد في شهر سبتمبر/أيلول من كل عام.
بهذا المعنى، يعتبر انطلاق أعمال قمة المناخ «COP28» على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة في يوم عيد الاتحاد مشهدا يؤكد ما وصلت إليه الدولة على صعيد لعب أدوار على مستوى العالمية في جميع المضامير.
إن الإمارات العربية المتحدة تلعب أدوارا كبرى في الاقتصاد العالمي، والتجارة الدولية، والتنمية، والإغاثة، والدبلوماسية، وحل الأزمات.
فوسط العواصف الدولية العاتية، والأمواج الإقليمية المتلاطمة، واصلت الإمارات مسيرتها التنموية الداخلية منذ التأسيس، بهدوء وعزيمة ومنهجية بعيدا عن ضوضاء الحملات. وهي تسير اليوم في مسار تصاعدي في مختلف الميادين التي تدفع بالبلاد إلى الأمام حتى تحولت إلى واحة استقرار وازدهار نادرة الوجود في هذا العالم المسكون بالأزمات والصراعات.
وانطلاقا مما تقدم كان لافتاً المشهد الذي تابعناه في افتتاح أعمال قمة «COP28» عندما رأينا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، سائراً في رواق قرية إكسبو 2020 الرئيسي في دبي محاطا بالعشرات من قادة الدول الذين لبوا الدعوة إلى «COP28».
هذا المشهد هو الذي يعكس بأمانة مدى ما وصلت إليه الإمارات من مكانة عالمية أسهمت مبادراتها المتنوعة على جميع الصعد في صوغها وترسيخها.
فالصندوق الذي أعلن عنه رئيس دولة الإمارات خلال افتتاح أعمال القمة لتعويض الدول المتضررة من تغير المناخ برأسمال 30 مليار دولار حرك مياها كانت راكدة، وعُدّ انتصارا تاريخيا أمنته الإمارات لصالح الدول الفقيرة من خلال صندوق الخسائر والأضرار.
فلطالما طالبت الدول الفقيرة المتضررة أن تعمد الدول الغنية التي تسهم أكثر من غيرها بمفاقمة أزمة المناخ والاحتباس الحراري والضرر البيئي إلى التعويض عن الدول الفقيرة التي تتأثر سلبا بأزمة تتحمل مسؤولية هامشية فيها مقارنة بمسؤولية الدول الصناعية الكبرى ومعها الدول الغنية عنها جاءت المبادرة الإماراتية لتحث الدول الغنية على تحمل مسؤولياتها أمام الدول المتضررة. وبذلك عبّدت الطريق أمام تحول الصندوق إلى أحد أكبر الصناديق في العالم.
ويشكل عيد الاتحاد هذا العام وفي ظل الحرب المهولة الدائرة في قطاع غزة، مناسبة لنضيء على الدور الدبلوماسي المسؤول والفعّال الذي تلعبه دولة الإمارات من خلال احتلالها مقعدا في مجلس الأمن، وتعبيرها عن موقف المجموعة العربية وتفاهمات المجتمع الدولي.
فقد استخدمت الإمارات هذا المحفل الدولي الكبير من أجل دفع قضية حرب غزة إلى واجهة الاهتمامات الدبلوماسية بالتركيز على معاناة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.
ولقد كانت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة السفيرة لانا نسيبة، المحرك الأساسي في مجلس الأمن بغية التأليف بين مواقف الدول المتعارضة فيما بينها بشأن الحرب، ووقف إطلاق النار، والهدن الإنسانية، وإعادة الاعتبار إلى مبدأ حل الدولتين الذي التفّت حوله جميع المواقف الدولية من الشرق إلى الغرب.
ولعل الفهم الإماراتي لمسار الحل استند إلى ضرورة دعم الحقوق الفلسطينية، وإفهام إسرائيل أن الحلول لا تتم بالضربة العسكرية القاضية، بل إن الحلول سياسية. مسارها تفاوضي خلاق، ومنتهاها قيام دولتين متجاورتين قابلتين للحياة تعيشان بسلام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة