قيادة وشعب الإمارات مازال يحدوهم الأمل بأن تنجح دول العالم أجمع في تطبيق النموذج الإماراتي الذي أثبت نجاحه في تحقيق الأمن والاستقرار،
من جديد جاءت كلمة دولة الإمارات العربية المتحدة التي ألقاها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتؤكد على ريادة الإمارات وثبات موقفها السياسي ونجاح استراتيجيتها في التعاطي مع مختلف القضايا المصيرية على المستويين الإقليمي والدولي.
وقد تميزت كلمة الإمارات في هذا المحفل الأممي بتقديم خطة استراتيجية محكمة للتعامل مع الأخطار المحدقة؛ ليس بالمنطقة فحسب بل على مستوى العالم.
فالخطة الإماراتية التي قدّمها الشيخ عبدالله بن زايد اعتمدت على وجود 4 تحديات رئيسية يجب التغلب عليها، وذلك لكونها تعد عاملا مؤثرا في تنامي الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في العالم، وهي: التدخلات الخارجية في شؤون العالم العربي، وانتشار التطرف والإرهاب، والاكتفاء بإدراة الأزمات الناشبة في ظل غياب الحلول، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
"روشيتة" علاج الأزمات العالمية التي قدمها الشيخ عبدالله بن زايد بكلمته في الأمم المتحدة لم تكن مجرد آمال أو طموحات غير قابلة للتطبيق، بل أكدت الإمارات ومنذ تأسيسها أن هذه الوصفة هي الدواء الأمثل والعلاج الناجح للمخاطر والتهديدات التي تحيط بالمنطقة والعالم.
والمتابع للسياسة الإماراتية في هذا الشأن يجد أنها كان لها قدم السبق في التعامل الجاد والحازم تجاه هذه التحديات، فالتحدي الأول الذي ذكره سمو الشيخ عبدالله بن زايد والمتمثل في "التدخلات الخارجية في العالم العربي"، فقد أكدت الإمارات في أكثر من موقع حزمها في وقف هذه التدخلات الخارجية، حيث كانت الإمارات حاضرة بقوة في قوات درع الجزيرة التي نجحت في إعادة الأمن والاستقرار لمملكة البحرين الغالية، ودحر قوى الشر التي تدعمها إيران، وهو ما شكل صفعة قوية لأطماع طهران في المنطقة، لم تفق حتى اليوم من قوة تلك الصفعة التي تلقتها على أرض البحرين.
وما تشهده أرض اليمن الشقيق اليوم عبر جهود التحالف العربي لإعادة الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ولوقف التغول الإيراني عبر دعم ميلشيات الانقلاب الحوثية، إنما هو تأكيد على هذه السياسة الهادفة لبسط الأمن والاستقرار في العالم وليس المنطقة فحسب.
كما أكدت دولة الإمارات وفي أكثر من محفل إقليمي وعالمي على ضرورة الحد من التدخلات الإيرانية وغيرها في لبنان وسوريا والعراق، وتأكيدها الدائم على وجوب إعلاء قيم الدولة الوطنية وحق هذه الدول في استقلالية قرارها بعيدا عن الارتهان لمصالح طهران ومليشياتها كحزب الله وغيره من عصابات التطرف المذهبي.
أما فيما يتعلق بالتحدي الثاني وهو "انتشار التطرف والإرهاب"، فالمجتمع الدولي يشهد لدولة الإمارات ريادتها في هذا المجال منذ تأسيسها، فقد أصدرت العديد من التشريعات والقوانين التي تؤكد على ضرورة محاربة هذه الظاهرة والحد من عمليات الدعم والتمويل التي تتلقاها الجماعات الإرهابية، ولم تقتصر جهود الإمارات على ذلك بل كانت أول دولة في العالم تنشئ وزارة للتسامح، وكذلك من أوائل الدول التي تصدر قانونا لمكافحة التمييز والكراهية عام 2015، كما تم قبل ذلك إصدار قرارات بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب عام 2009، وإصدار قانون مكافحة الجرائم الإرهابية عام 2014.
وإسهاما منها في إيجاد مؤسسات تعنى بنشر خطاب التسامح فقد أنشأت الإمارات مركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف عام 2013، ومجلس حكماء المسلمين في 2014، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وكذلك تبنيها لمبادرة "مركز صواب" لمحاربة محتوى التطرف على شبكات التواصل الاجتماعي.
كما كانت الإمارات من أوائل الدول التي أصدرت قوائم للمنظمات الإرهابية في العالم، وباتت هذه القوائم مرجعا لدول العالم التي ترغب في محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
وفي المجال العسكري والأمني أثبتت الإمارات تواجدها كقوة فاعلة ومؤثرة في التحالف الدولي للقضاء على "داعش"، علاوة على دورها المؤثر والقوي في محاربة "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" حيث نجحت قواتنا المسلحة وبشهادة المجتمع الدولي في الحد من نفوذ هذا التنظيم الإرهابي في اليمن وشبه الجزيرة العربية، علاوة على مساهمة قواتنا المسلحة الفاعلة في مهام التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن؛ والذي تقوده المملكة العربية السعودية.
وفيما يتعلق بالتحدي الثالث الذي أشار له الشيخ عبدالله بن زايد فكان "دور الاكتفاء بإدراة الأزمات الناشبة في ظل غياب الحلول في زعزعة الأمن والاستقرار"، حيث أدركت الإمارات محاولة عدد من الدول الإقليمية في إقحام نفوذها المذهبي أو استخدام السيولة المالية عبر المال السياسي الفاسد في زيادة خلافات الدول، والبحث عن عدد من الحلول التي تتوافق مع مصالحها، دون البحث عن حلول دائمة تسهم في نشر الأمن والاستقرار.
وقد أثبتت الإمارات أن لها دورا حيويا ومؤثرا في إيجاد حلول ناجعة ودائمة لمختلف الأزمات، وليس هناك أدل من الدور الإماراتي المتميز في توقيع اتفاقية المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإريتريا برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
أما التحدي الأخير الذي أشار له الشيخ عبدالله بن زايد فهو "تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية"، وهو التحدي الذي نجحت الإمارات في التغلب عليه من خلال أذرعها الخيرية والإنسانية في العالم، فقد احتلت الإمارات المركز الأول على مستوى العالم في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، حيث حافظت في عام 2018 وللعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياسا لدخلها القومي بنسبة 1.31%، وبما يقترب من ضعف النسبة العالمية المطلوبة 0.7% التي حددتها الأمم المتحدة كمقياس عالمي لقياس جهود الدول المانحة، وهذه المساعدات كان لها الدور الأكبر في تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي والإنساني لمختلف الشعوب والدول في العالم، حيث لا تكاد تخلو دولة من مشروع خيري أو اقتصادي أو إنساني يستهدف تحسين المستوى المعيشي للإنسان بغض النظر عن لغته أو عرقه أو ديانته.
كما أن الإمارات، ومن خلال تنويع مصادر الدخل ورهانها على أن الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا الوطن وهو الاستثمار الرابح، ها هي تخطو اليوم خطوات جبّارة في مجال الذكاء الاصطناعي وسبر الفضاء والتنمية المستدامة، والطاقة المتجددة وغيرها من مجالات التنمية التي تحقق الازدهار الاقتصادي الذي يلبي طموح الإنسان، ويحفظ به كرامته بعيدا عن الشعارات والمزايدات التي لا طائل منها.
إن "روشيتة" علاج الأزمات العالمية التي قدمها الشيخ عبدالله بن زايد بكلمته في الأمم المتحدة لم تكن مجرد آمال أو طموحات غير قابلة للتطبيق، بل أكدت الإمارات ومنذ تأسيسها أن هذه الوصفة هي الدواء الأمثل والعلاج الناجح للمخاطر والتهديدات التي تحيط بالمنطقة والعالم، وأن قيادة وشعب الإمارات مازال يحدوهم الأمل بأن تنجح دول العالم أجمع في تطبيق النموذج الإماراتي الذي أثبت نجاحه في تحقيق الأمن والاستقرار، وكذلك في إيجاد مجتمع يضم ملايين الأشخاص الذين ينتمون لأكثر من 200 جنسية وينعمون بالأمن والأمان في أرض "زايد الخير"؛ على الرغم من اختلافهم في الثقافات والعادات والتقاليد والأديان، لينصهر الجميع في تحقيق الآمال والإنجازات التي تنعكس بالخير على الإنسانية جمعاء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة